أخبار عدن

الجمعة - 17 يناير 2025 - الساعة 08:40 م بتوقيت اليمن ،،،

خاص


في الوقت الذي تشتعل فيه الخلافات داخل المجلس الرئاسي على تقاسم المناصب والحقائب الوزارية، تتحرك الحكومة اليمنية برئاسة الدكتور أحمد عوض بن مبارك نحو الساحة الدولية، متشبثة بأمل استعادة الدعم الدولي عبر مؤتمر المانحين ومبادرات دبلوماسية أخرى. إلا أن هذه التحركات الخارجية تبدو وكأنها محاولة يائسة للتغطية على واقع داخلي مثقل بالصراعات والانقسامات.

رئيس الوزراء، الذي يتجه غداً إلى الولايات المتحدة للمشاركة في مؤتمر المانحين بالإضافة الى في حفل تنصيب الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، يجد نفسه على رأس حكومة فرضت عليه بتركيبتها الحزبية والمحاصصة السياسية. حكومة بلا رؤية واضحة ولا إنجازات ملموسة، تعاني من غياب الكفاءات وانعدام التنسيق بين مكوناتها، ما يجعلها عاجزة عن مواجهة أزمات اليمن المتفاقمة.

في ظل هذا الواقع، تبدو الجهود المبذولة في الخارج غير كافية لإنقاذ الداخل الذي يعاني من تحديات اقتصادية، إنسانية، وأمنية تُلقي بظلالها الثقيلة على مستقبل البلاد. فهل يمكن لهذه التحركات أن تسد الفجوة بين الداخل والخارج، أم أنها ستظل مجرد خطوات عائمة في مشهد سياسي مرتبك؟


حكومة بلا رؤية ولا إنجازات

لم تسفر حكومة المحاصصة حتى الآن عن أي إنجاز يُذكر على الأرض. ولا يمكن لرئيس الوزراء أن يحقق خططه أو رؤاه في ظل فريق وزاري غير متجانس، يُفرض عليه دون أن يختاره بنفسه. الإدارة الفاعلة تتطلب فريقاً قادراً على العمل بجدية لتحقيق الأهداف الوطنية، لا حكومة تستجيب لضغوط الأحزاب والمكونات السياسية التي تقدم مصالحها الضيقة على مصلحة البلاد.

زيارة رسمية وفراغ داخلي

رغم تلك الإشكاليات، تتطلع زيارة رئيس الوزراء إلى الولايات المتحدة إلى تعزيز العلاقات الثنائية مع واشنطن، في محاولة لجذب دعم دولي جديد. وذكرت مصادر حكومية أن الزيارة ستتضمن لقاءات الدول المشاركة بالمؤتمر والبنك الدولي بالإضافة مع مستشارين وأعضاء في الكونغرس الأمريكي لحشد الدعم الاقتصادي والإنساني.

وفي الوقت نفسه، تستعد نيويورك لاستضافة مؤتمر دولي مطلع الأسبوع المقبل، يُخصص لمناقشة الأزمات اليمنية المتراكمة. المؤتمر سيبحث جمع تمويل لتحسين الخدمات الأساسية مثل الصحة والتعليم والبنية التحتية.

لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا: كيف يمكن لحكومة غير متماسكة أن تترجم هذا الدعم الدولي إلى خطوات ملموسة على الأرض؟

التحديات الأمنية: خطر الحوثيين والمشروع الإيراني

على الصعيد الأمني، تتفاقم الأزمة مع استمرار سيطرة مليشيات الحوثي على موانئ البحر الأحمر ومناطق استراتيجية، مما يعزز النفوذ الإيراني في المنطقة. يشكل هذا تهديداً كبيراً للملاحة الدولية وأمن المنطقة. ومع ذلك، يبدو أن الحكومة عاجزة عن اتخاذ خطوات فعالة لتحرير هذه المناطق أو تأمين السيادة الوطنية.

السفارة اليمنية في واشنطن أكدت التزام الحكومة بعملية السلام المستندة إلى المرجعيات الثلاث، لكنها شددت أيضاً على أن التدخلات الإيرانية المستمرة تزيد من معاناة الشعب اليمني وتهدد استقرار البلاد.

الإصلاحات المطلوبة: بين الحاجة والغياب

تواجه الحكومة اليمنية ضغوطاً متزايدة لتنفيذ إصلاحات سياسية واقتصادية وإدارية، لكنها لا تمتلك الأدوات أو الدعم الكافي لتحقيق هذه الإصلاحات في ظل هيمنة الفساد والمحاصصة. الإصلاحات التي تم الحديث عنها مراراً لا تزال مجرد وعود على الورق، في وقت تتعمق فيه معاناة المواطنين يومياً.


اليمن بين الدعم الدولي وإرادة التغيير الداخلي

مع اشتداد الأزمات السياسية والاقتصادية والأمنية التي تحاصر اليمن، تصبح التساؤلات حول قدرة الحكومة الحالية على مواجهة هذه التحديات أكثر إلحاحاً. التحركات الخارجية التي يقودها رئيس الوزراء قد توفر دعماً دولياً مؤقتاً، لكنها ستظل غير مجدية ما لم تُترجم إلى خطوات عملية على الأرض.

إن استمرار الحكومة في العمل بمنطق المحاصصة السياسية وغياب الكفاءات يعمق الانقسامات ويضعف قدرتها على تحقيق تطلعات الشعب اليمني. واليوم، يحتاج اليمن إلى قرارات جريئة تعيد ترتيب البيت الداخلي، لأن الحلول لن تأتي من الخارج وحده، بل من إرادة وطنية تعطي الأولوية لمصالح البلاد على حساب المصالح الحزبية الضيقة.