عرب وعالم

الإثنين - 24 مارس 2025 - الساعة 08:50 م بتوقيت اليمن ،،،

وكالات


أكد وزير النفط العراقي، حيان عبدالغني، أن السلطات العراقية أجرت محادثات مع الجانب الأميركي بشأن الاتهامات التي طالت بلاده حول تورط شركة سومو في بيع النفط الإيراني على أنه عراقي، وذلك بعد احتجاز البحرية الأميركية ناقلات نفط إيرانية تحتوي على وثائق مزورة.

وتكشف هذه التصريحات حجم النفوذ الإيراني في العراق والذي اخترق كل نواحي الحياة في البلاد وبات يهدد مصالح العراقيين خاصة التجارية والاقتصادية.

وأعادت الإدارة الأميركية فرض "أقصى الضغوط" على إيران، في عودة للسياسة التي استخدمتها خلال ولاية الرئيس دونالد ترامب الأولى والتي تسعى إلى عزل إيران عن الاقتصاد العالمي والقضاء على عائدات صادراتها النفطية من أجل إبطاء تطويرها لسلاح نووي.

وسُئل عبدالغني عما إذا كان قد تلقى رسائل من الولايات المتحدة بشأن احتمال فرض عقوبات على شركة تسويق النفط الحكومية (سومو) بسبب انتهاكها للعقوبات المفروضة على إيران.

وقال الوزير في مقابلة مع التلفزيون الرسمي في وقت متأخر من الأحد "وصلت إلينا بعض الاستفسارات الشفهية بأن هناك ناقلات نفط تم احتجازها في الخليج من قبل القوات البحرية الأميركية وكانت تحمل قوائم شحن عراقية". وذكر أنه لم تكن هناك "أي رسائل تحريرية".

وأضاف "اتضح أن هذه الناقلات إيرانية تابعة إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية تستخدم وثائق عراقية مزورة... وضحنا للجهات المعنية بكل شفافية وهم أيضا تأكدوا من ذلك".

ولم ترد وزارة النفط الإيرانية على طلب للتعليق.

وتعتبر إيران أن دور العراق الجار والحليف بالغ الأهمية من أجل بقاء اقتصادها صامدا في ظل العقوبات. لكن مصادر قالت إن بغداد، التي تجمعها شراكة مع كل من واشنطن وطهران، تخشى من الوقوع في مرمى سياسة ترامب للضغط على إيران.

وأفادت رويترز في ديسمبر الماضي بأن شبكة معقدة لتهريب الوقود ازدهرت في العراق خلال السنوات القليلة الماضية بطرق من بينها استخدام وثائق مزورة. ويعتقد بعض الخبراء أن الشبكة تدر مليار دولار على الأقل سنويا لإيران ووكلائها.

وأكد عبدالغني أن شركة سومو تبيع النفط الخام حصريا للشركات التي تملك مصافي، ولا تورده لشركات تجارية. وقال إن هذا المخطط يقف وراءه عدد من التجار.

وأضاف "سومو تعمل بكل شفافية ولم ترتكب أي خطأ في عملية تصدير النفط".

وتأتي هذه التطورات بعد انتشار معلومات خلال الأشهر الماضية عن تورط شركة سومو في تصدير وتهريب النفط الإيراني، وسط تلويح بعقوبات أميركية ضدها، وهو ما نفته الشركة في وقت سابق.

وكانت القوات البحرية العراقية قد أعلنت في 19 من الشهر الجاري ضبط سفينة مجهولة الهوية في المياه الإقليمية العراقية بالخليج يشتبه في قيامها بتهريب الوقود.

وأسفرت العملية، التي نفذها الكتيبة الأولى من مشاة البحرية العراقية، التابعة للواء مشاة البحرية الثاني، عن اعتقال قبطان السفينة الإيراني وثمانية من أفراد طاقمها، بينهم عراقيان وعدد من الهنود

ويأتي هذا الضبط وسط مخاوف متزايدة من استخدام إيران قنوات غير مشروعة للالتفاف على العقوبات الأميركية المفروضة على صادراتها النفطية.

وتشير تقارير صادرة عن هيئات رقابية دولية وأجهزة استخباراتية إلى أن إيران دأبت على إخفاء شحناتها النفطية على أنها نفط عراقي خام، باستخدام وثائق مزورة وسفن تابعة لجهات خارجية لبيع نفطها في الأسواق العالمية. وتتيح هذه الاستراتيجية لطهران التهرب من القيود مع استغلال البنية التحتية النفطية العراقية وشبكاتها التجارية.

وفقًا للبيان الرسمي، شنّت القوات البحرية العراقية العملية بناءً على تقارير استخباراتية تشير إلى أنشطة غير قانونية قرب المياه الإقليمية العراقية.

واعترضت السفينة في منطقة ميناء البصرة النفطي، وهو مركز حيوي لصادرات النفط الخام العراقي، ثم اقتيدت إلى القاعدة البحرية في أم قصر. وسُلّم أفراد الطاقم المحتجزون إلى السلطات لإجراء مزيد من التحقيقات بموجب الإطار القانوني العراقي.

وقد أثار قرب محافظة خوزستان الإيرانية الغنية بالنفط من البصرة شكوكًا في أن بعض شحنات النفط التي يُزعم أنها قادمة من العراق قد تكون في الواقع نفطًا إيرانيًا خامًا.

ويرى الخبراء أن التجارة غير المشروعة تقوض سيادة العراق وتعرض حكومته لمخاطر قانونية ودبلوماسية، وخاصة في علاقاتها مع واشنطن.

وحثّت واشنطن بغداد مرارًا وتكرارًا على تعزيز آليات المراقبة لمنع تهريب النفط الإيراني عبر القنوات العراقية. وفرضت وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على عدة كيانات وأفراد متهمين بتسهيل عمليات تهريب النفط الإيراني عبر الموانئ العراقية.

وفي الوقت نفسه، تعهدت الحكومة العراقية بمحاربة صادرات النفط غير المصرح بها وشبكات التهريب، معترفة بأن هذه القضية تشكل تهديدا اقتصاديا وأمنيا.

وتُشير العملية الأخيرة للجيش العراقي إلى جهودٍ لمكافحة تهريب النفط وتعزيز السيطرة على المياه الإقليمية. ومع ذلك، لا تزال هناك تساؤلاتٌ حول مدى تورط إيران وفعالية إجراءات التنفيذ العراقية. إذا ثبتت علاقة السفينة المُعترضة بشبكات تهريب أوسع، فقد يخضع الأمر لمزيدٍ من التدقيق، مما قد يؤدي إلى فرض عقوباتٍ إضافية أو تدخلاتٍ دبلوماسية.

بالنسبة للعراق، يُعدّ الحفاظ على مصداقيته في أسواق النفط العالمية أمرًا بالغ الأهمية. وبينما تواصل السلطات تحقيقاتها، تُذكّر هذه الحادثة بالتعقيدات الجيوسياسية المحيطة بقطاع الطاقة العراقي، وبالجهود الأوسع لمكافحة التجارة غير المشروعة في المنطقة.

ويخضع وزير النفط الإيراني وناقلات الظل لعقوبات جديدة مشددة من جانب الولايات المتحدة، بهدف إضعاف النفوذ الاقتصادي والسياسي والعسكري للبلاد.

ومع فرض وزارة الخزانة الأميركية عقوبات على الوزير الإيراني، محسن باكنجاد، وسفن وجهات أخرى مشاركة في بيع النفط القادم من إيران، اتخذت حملة "الضغط الأقصى"، التي تشنّها إدارة ترامب ضد إيران، منعطفًا كبيرًا نحو الأسوأ.

وفُرِضَت هذه العقوبات في 13 مارس 2025، ردًا على رسالة كتبها الرئيس ترامب إلى إيران يهدد فيها باستعمال القوة إذا رفضت البلاد الدخول في مفاوضات بشأن البرنامج النووي.

ويمثّل هذا الإجراء تحولًا عن الإستراتيجية السابقة المتمثلة في استبعاد الشخصيات السياسية رفيعة المستوى من العقوبات، إلى التركيز على كبار الموظفين المسؤولين مباشرةً عن تجارة النفط الإيرانية.

وفرضت الولايات المتحدة لسنوات عديدة عقوبات على إيران، تستهدف في المقام الأول صادراتها النفطية، التي تمثّل مصدرًا رئيسًا لإيرادات الحكومة الإيرانية.

وتهدف حملة "الضغط الأقصى"، التي بدأت في عام 2017 وأُعيد فرضها في يناير 2025 بعد عودة ترامب إلى منصبه، إلى تفكيك النظام الإيراني من خلال استهداف قطاعاته الاقتصادية الحيوية، مع التركيز على قطاع النفط.

وتبرر العقوبات الأنشطة النووية الإيرانية ونفوذها الإقليمي، الذي يشمل دعم المنظمات المزعزعة للاستقرار، ويتمثل الهدف الرئيس للحملة الحالية في وقف صادرات النفط الإيرانية، خصوصًا إلى الصين، التي تظل أكبر مشترٍ لها على الرغم من العقوبات المستمرة.

ومنذ انسحاب الولايات المتحدة من خطة العمل الشاملة المشتركة في عام 2018، تطورت سياسة العقوبات الأميركية.

وطوال مدة ولاية ترامب الأولى، تكثفت العقوبات، بهدف عزل إيران دبلوماسيًا وتطبيق أقصى قدر من الضغط الاقتصادي لإجبار إيران على التخلّي عن طموحاتها النووية والحدّ من نفوذها الإقليمي.