أخبار اليمن

الإثنين - 24 مارس 2025 - الساعة 08:42 م بتوقيت اليمن ،،،

العرب


يعكس إطلاق الحوثيين لصاروخ باليستي باتجاه مطار بن غوريون في إسرائيل واستهدافهم وفق قولهم لحاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان في البحر الأحمر الأحد، فشل حملة الرئيس الأميركي دونالد ترامب في ردعهم، وسط تساؤلات عن الخطوات الأميركية القادمة في التعامل مع تعنت الجماعة الموالية لإيران.

ويقول المحللون إن الولايات المتحدة بحاجة إلى توظيف موارد أكبر من الغارات الجوية في مواجهة تهديدات الحوثيين، فقد فشلت إستراتيجية مماثلة نفذتها إدارة الرئيس جو بايدن في ردع الحوثيين الذين اكتسبوا خبرة في التعامل مع الضغوط العسكرية.

ويشير المحللون إلى أن الولايات المتحدة ستحتاج لمواجهة الحوثيين إلى تخصيص موارد إضافية تتجاوز الضربات الجوية، بما في ذلك الحظر البحري لإغلاق طرق إعادة الإمداد العسكري وإنشاء تحالف أمني إقليمي إضافة إلى الضغط على إيران. وقال الجيش الإسرائيلي الأحد إنه اعترض صاروخا أطلق من اليمن قبل أن يعبر إلى إسرائيل.

وأعلن يحيى سريع المتحدث العسكري باسم الحوثيين، في بيان بثه التلفزيون، مسؤولية الجماعة عن الهجوم، قائلا إنها أطلقت صاروخا باليستيا باتجاه مطار بن غوريون قرب تل أبيب. وأضاف سريع أن الهجوم أدى إلى توقف حركة الطيران بالمطار لأكثر من نصف ساعة. لكن سلطة المطارات في إسرائيل قالت إن المطار لم يتأثر.

وقال المتحدث العسكري باسم الحوثيين في البيان إن المطار استُهدف “بصاروخ باليستي فرط صوتي نوع فلسطين2، وقد حققت العملية هدفها بنجاح بفضل الله ما أدى إلى توقف حركة الملاحة الجوية في المطار لأكثر من نصف ساعة”. وأشار سريع أيضا، دون ذكر أدلة، إلى أن الحوثيين شنوا هجمات الأحد على حاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان في البحر الأحمر.

وقال “في إطار الرد على العدوان الأميركي الذي شن العشرات من الغارات على بلدنا خلال الساعات الماضية اشتبكت قواتنا من خلال القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير مع حاملة الطائرات الأميركية يو.أس.أس هاري ترومان وعدد من القطع الحربية المعادية في البحر الأحمر وذلك بعدد من الصواريخ والطائرات المسيرة واستمرت المواجهات لعدة ساعات”.

وتوعد الحوثيون مؤخرا بتصعيد هجماتهم، بما في ذلك الهجمات على إسرائيل، ردا على ضربات الولايات المتحدة على اليمن هذا الشهر والتي تعد أكبر عملية عسكرية أميركية في الشرق الأوسط منذ تولي الرئيس دونالد ترامب منصبه في يناير. وأدت الهجمات الأميركية إلى مقتل ما لا يقل عن 50 شخصا.

وتأتي هجمات الحوثيين الجديدة في إطار توعد الجماعة بتوسيع نطاق أهدافها في إسرائيل ردا على تجدد القصف الإسرائيلي على غزة والذي أودى بحياة المئات بعد هدوء نسبي استمر أسابيع.

ويشير مراقبون إلى أن إستراتيجية ترامب ضد الحوثيين رغم أنها تُحسّن إستراتيجية بايدن المُتقطعة، إلا أنها على الأرجح غير حاسمة. ووصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب حملة الغارات الجوية التي شنّها على الحوثيين في صنعاء والحديدة بأنها استخدام “قوة مميتة ساحقة”.

وكان ترامب قد صرّح بأنه أمر الجيش الأميركي بشن “عمل عسكري حاسم وقوي ضد الإرهابيين الحوثيين في اليمن.” وحذّر الجماعة قائلا “إن لم يتوقفوا، فستمطر عليكم جهنم كما لم تروا من قبل!” واستهدفت الضربات الأميركية الأخيرة تحديدا مراكز قيادة الحوثيين وبنيتهم التحتية. وتتوافق هذه العمليات مع رسائل إدارة ترامب الداعية إلى تبني نهج أكثر صرامة تجاه الجماعة.

وفي حين قد تُسبب الهجمات على القواعد والقيادات والدفاعات الصاروخية انتكاسات عملياتية قصيرة الأجل للحوثيين، إلا أن الجماعة أثبتت باستمرار قدرتها على التعافي. ويقول الخبراء العسكريون الأكثر تشددا إن الهدف الرئيسي للإستراتيجية العسكرية، والقصف الجوي الأميركي – مهما بلغ من الشدة – لا يمكن أن يحل محل قوة القوات البرية.

واعتبر الأدميرال الأميركي ويلي سيسخر أن الضربات الجوية الأميركية حملة تراكمية تهدف إلى إضعاف الحوثيين وتثبيط عزيمتهم. لكنه أعرب في المقابل عن شكوكه في أن الهجوم سيحقق تلك الأهداف ما لم يُنفذ بالتنسيق مع العمليات البرية.

وفي المقابل، يرى آخرون أن الغارات الجوية الأميركية على الأرجح مجرد بداية لحملة أطول. وظل الحوثيون ثابتين على موقفهم، مستغلين الصراع لتعزيز مكانتهم المحلية والإقليمية. وهددوا الشهر الجاري بشن هجمات جديدة، مما يعكس صمودهم المستمر.

ويُظهر التاريخ أن غياب إستراتيجية تحالفية أوسع نطاقا ومنسقة تستهدف محور الحوثيين وإيران يعني أن الغارات الجوية لن تكفي وحدها لإخراج الحوثيين من اليمن أو تثبيت الأمن الإقليمي. وسيطر الحوثيون على جزء كبير من غرب اليمن منذ 2015. وعلى الرغم من سنوات الغارات الجوية والهجمات البرية المحدودة التي قادتها السعودية فإن الجماعة لا تزال متحصنة.

وفشلت القوة الجوية وحدها في طردها، حيث تكيفت من خلال الحرب غير المتكافئة، والمواقع المحصنة، والأهم من ذلك الدعم الإيراني المتواصل. وأثبت الحوثيون أنهم مورد جدير بالاستثمار فيه بالنسبة لإيران، التي من المرجح أن تسعى على المدى البعيد إلى تمكين قدرات الحوثيين لمواصلة الحصار البحري في البحر الأحمر وربما أبعد من ذلك. وقد ازدادت قيمتهم في نظر إيران منذ الخسائر التي تكبدتها الشبكات الإيرانية في لبنان وغزة وسوريا.

ومع تراجع قدرة إيران على نقل الدعم المالي والتقني للحوثيين، من المرجح أن تُكثّف الجماعة شبكات التهريب غير المشروعة لنقل المخدرات والنفط والتبغ لتعزيز صمودها الاقتصادي والتنظيمي.

وتقول بورجو أوزجليك، زميلة باحثة أولى في أمن الشرق الأوسط بالمعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، إن التهديد المحتدم يكمن في التلاقح والتحالف بين الحوثيين وتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وحركة الشباب في الصومال، إذا قرر الحوثيون أن هجماتهم لم تُحدث أضرارا جسيمة، فقد يُوسّعون نطاق نشاطهم الحركي من البحر الأحمر ومضيق باب المندب إلى القرن الأفريقي.

وتضيف أوزجليك أن باستهدافها الحوثيين ضمن حملة الضغط الأقصى على إيران، تُظهر الولايات المتحدة أيضا أنها لن تتردد في ضرب الجماعات المسلحة المتحالفة مع إيران. وهذا يثير تساؤلا حول إمكانية استهداف الميليشيات الشيعية المرتبطة بإيران في العراق خلال الأشهر المقبلة، في ظل تكثيف الولايات المتحدة ضغوطها على بغداد لنزع سلاح هذه الجماعات وطرد النفوذ الإيراني من البلاد قبل الانتخابات البرلمانية المقررة في أكتوبر.