الأربعاء - 08 يناير 2025 - الساعة 09:30 م بتوقيت اليمن ،،،
كتبه | حسن العجيلي
لم تكن مصيبة الجنوب وليدة اليوم، بل جذورها تمتد إلى أحداث مفصلية في تاريخه السياسي. أحد أبرز هذه الأحداث كان تسليم الرئيس قحطان محمد الشعبي السلطة في مرحلة دقيقة إلى عناصر لم تكن على مستوى عالٍ من المسؤولية الوطنية والسياسية. هذه المرحلة شهدت بداية تصاعد الصراعات الداخلية والمؤامرات التي استهدفت الجنوب، ما جعل هذه الأرض الغنية بالثروات فريسة سهلة للمكايدات الإقليمية والدولية.
*انقلاب 22 يونيو 1969: البداية الحقيقية للصراع*
كان انقلاب 22 يونيو 1969 بمثابة الكارثة الحقيقية التي غيرت مسار الجنوب. قاده أفراد لم يمتلكوا المعرفة الكافية بأسس الحكم وإدارة شؤون الدولة. جاءت هذه الحركة لتؤكد أن الجنوب أصبح رهينة بيد مجموعة من الهواة الباحثين عن السلطة بأي ثمن، دون إدراك لمخاطر المرحلة أو تقدير لحجم التحديات المحيطة.
لقد كانت قرارات الرئيس قحطان الشعبي بالتساهل مع هذه العناصر، وعدم اتخاذ موقف صارم تجاه الانقلاب، نقطة ضعف أفسحت المجال لتفاقم الأزمات. رد قحطان المخيب لآمال قيادات الجبهة القومية، الذين طالبوه بالتدخل لإفشال الانقلاب، ترك الجنوب عرضة لقرارات قادة الانقلاب الذين افتقروا للخبرة والرؤية.
*دور القيادات الوطنية ومحاولة التصدي*
رغم خيبة الأمل في موقف الرئيس قحطان، حاولت شخصيات بارزة مثل الشهيد علي محمد عبد العليم ورفاقه التصدي لهذه الحركة. اجتمعت قيادات الجيش والأمن وكبار المناضلين لمناقشة كيفية مواجهة الانقلاب، إلا أن غياب الدعم السياسي من القيادة العليا قيد أيديهم ومنعهم من التحرك.
قاد علي عبد العليم ثلاث محاولات لاستعادة السيطرة وإفشال حكم الانقلابيين، لكنه واجه خيانة داخلية ومؤامرات خارجية أدت في النهاية إلى التخلص منه سريعًا. حكم عليه بالإعدام في محاكمة صورية، ونُفذ الحكم في نفس اليوم بمصادقة سالم ربيع علي.
*الصراعات الداخلية والتدخلات الخارجية*
ما بعد انقلاب يونيو 1969، دخل الجنوب في دوامة من الصراعات بين القيادات السياسية والتنظيمية، ما أدى إلى ضعف الدولة وتفكك بنيتها. التدخلات الإقليمية والدولية لعبت دورًا كبيرًا في تأجيج الصراعات. المخابرات البريطانية وعناصر أخرى استغلت الانقسامات الداخلية لتحقيق أهدافها، مما جعل الجنوب ساحة لتصفية الحسابات.
*خلاصة الأحداث*
انقلاب 22 يونيو لم يكن مجرد تغيير سياسي، بل كان بداية لمرحلة جديدة من الصراعات التي أضعفت الجنوب ومهدت لضياعه. قرارات الرئيس قحطان الشعبي كانت واحدة من الأسباب الرئيسية، حيث فتح الباب لعناصر غير مؤهلة تولت السلطة، ما أدى إلى غياب رؤية واضحة لبناء دولة جنوبية قوية.
الأحداث التي تلت الانقلاب أظهرت أن الجنوب تعرض لمؤامرات كبيرة، سواء من الداخل أو الخارج، بهدف إبقائه في حالة من العجز وعدم الاستقرار. تلك الحقبة كانت بداية لصراع طويل ما زالت آثاره واضحة حتى اليوم، وهو صراع يستدعي قراءة شفافة لتاريخه وكشف كل الأوراق المرتبطة به.