الفنان والباحث / عصام خليدي
في أمسية وسهرة فنية رائعة تحمل قيم ومبادى الوفاء والعرفان لصناع الفن والمحبة والسعادة والنور والأمل والسلام أقامت قناة mbc الفضائية يوم الأربعاء الموافق 1/ فبراير/ 2023م (حفل فني مباشر)
له العديد من المدلولات والمعاني التي تحمل بين ثناياها عناوين بارزة أهمها : الوفاء والتقدير والإعتزاز والفخر والتكريم لصوت الأرض الفنان السعودي الكبير طلال مداح وتلك سابقة ومبادرة أثلجت صدري وكل المتابعين في الوطن العربي الذين يتقدمون بالشكر والإمتنان لكل القائمين على إحياء إعادة النظر والتكريم لمن هم (صناع الحياة) ..
في حقيقة الأمر وكما هو معروف تأثر الفنان الجميل والمتألق / طلال مداح رحمة الله بمدرسة الفنان اليمني الكبير (والقمة) محمد سعد عبدالله ذات الأصول اليمنية العريقة مترامية الحدود والزمان والمكان ..
ومما لاشك فيه أن صوت الأرض تأثر به أيضاً الى درجة الإنصهار الفنان السعودي (عبادي الجوهر) بشكل لافت بل ويعد الفنان القدير عبادي الجوهر أنجب وأنجح تلاميذ الفنان الفذ طلال مداح إذ يتجلى ذلك التأثر من خلال تراكيب وصياغات جمله اللحنية المقامية النغمية والموسيقية والإيقاعية ذات الهوية والنكهة (السعداوية اليمنية) ..
وفي حقيقة الأمر صدمت وتأثرت كثيراً رغم سعادتي بالإحتفاء والوفاء لصوت الارض الفنان القريب الى قلبي (طلال مداح) ..
إلا أنني تألمت حينما أستمعت وبإصرار عجيب تجاهل وتغييب وتهمييش المملكة العربية السعودية (للغناء اليمني المتجذر في كل أصقاع الجزيرة العربية والخليج بشكل عام ) ..؟!
تلك (المزاعم الصادمة) التي تجافي التاريخ والحضارة زاعمين أنهم اصحاب الريادة في الغناء بالجزيرة العربية والخليج على إعتبار أن الفنان المحتفى به رحمه الله طلال مداح هو (الرائد) مع بعض من سبقوه وجايلوه ..
مع أن الموسيقار الفنان السعودي طارق عبد الحكيم ( الأب الروحي ) للأغنية السعودية أهداني كتاب يتضمن مشواره الفني شخصياً أهداني آياه بخط يده يؤكد أن الغناء في الجزيرة العربية والخليج أصوله ومنابعه يمنية الأصل والفصل والهوية منذ الأزل ..
الجدير بالذكر أن الفنانين طلال مداح ومحمد عبده بداؤا الغناء في السبعينات عزيزي القارئ او بالكثير في منتصف الستينات من القرن الفارط ..
التاريخ يدون أن الغناء اليمني يعتبر من أقدم الفنون الغنائية منذ بداية الأمم البائدة ، حسب ما أشار اليه كتاب القلقشندي (ت 1418م) والى أن الغناء في اليمن يرجع الى عهد (عاد) ويذهب المسعودي( ت956م) في مروج (الذهب) الى ان اليمن عرف الغناء نوعين من الغناء (الحميري) ، والغناء (الحنفي) ، ولكنهم أي اليمنيين كانوا يفضلون (الغناء الحنفي) وكانوا يسمون الصوت الحسن (بالجدن) ..
هذه شواهد تاريخية لمرجعية وأصالة الغناء وبدايات ظهوره منذ عصور سحيقة في اليمن .
وفي عدن تشكلت الندوة العدنية الفنية الغنائية (الحديثة) عام (1948م) مع الفنان الكبير خليل محمد خليل والدكتور محمد عبده غانم وتأسست رابطة الموسيقى العدنية ايضاً في عام (1951م) وعندي تسجيلات بالصوت موجودة للفنان طلال مداح يغني الزين جزع مرة ويانسيم الصبا وزمان الصبا .. ومحمد عبده يغني سرى الليل
ويا مستجيب الداعي وجل من نفس الصباح وقال المعنى وسبوح ياقدوس وهم مقلدين للغناء الجنوبي هذا هو التاريخ الجنوبي العريق والأصيل في حقيقة الأمر ..؟!
ماذا تريد السعودية بالضبط الى جانب ماتقوم به من نهب وسرقة للنفط والغاز والمعادن والتوسع في إحتلال الاراضي اليمنية ، تريد ايضا السطو والقرصنة على تاريخنا الفني والأدبي والغنائي ورقصاتنا المرتبطة بمواسم وطقوس الزراعة والمطر والجني والحصاد والصرابة والطقوس الصوفية والدينية وفنون الشجاعة والبطولة والنخوة والشموخ في أساليب فنون القتال ؟!
للاسف الفنانين المشاركين من اليمن يريدون فقط جمع المال والشهرة وتلك (كارثة) عندما يفتقد الفنان مهمته الاولى وفي المقام الأول دوره (كسفير لوطنه) ينبغي عليه إبراز وإظهار (الثقافة اليمنية) من خلال قرأته لتاريخ وطنه بعمق وحصافة وبروح الإنتماء والمسؤولية ..
للاسف لم يكونوا عند المستوى المطلوب والأمانة التاريخية أمام الأجيال المتعاقبة ..؟!
كلمة لابد منها :
(صوت الارض) الفنان السعودي طلال مداح يستحق كل التقدير والإحترام ..
كما كان للإبهار والإمكانيات المسرحية والصوتية والفرقة الموسيقية دوراً بارزاً وفاعلاً ..
لكن ليس على حساب تاريخنا الغنائي اليمني العريق المتجذر منذ عصور من الأزمنة الغابرة والسحيقة ..
لم يكن الغالبية من الفنانين العرب النجوم المشاركين موفقين في تقديم الحان الفنان الكبير طلال مداح ربما بسبب قلة (تنفيذ البروفات) أو خصوصية طبيعة مخارج الألفاظ وإختيار مايتناسب مع كل فنان بصورة خاصة .
