الأحد - 11 سبتمبر 2022 - الساعة 01:27 ص بتوقيت اليمن ،،،
الحلقة الأولى
مقدمة:
يعاني الاقتصاد اليمني من أزمات اقتصادية تتمثل معالمها في تدهور موارد البلاد من النقد الأجنبي ومشكلة التضخم، وتزايد عجز الموازنة العامة للدولة، وتزايد المديونية الخارجية، وتدهور قيمة العملة، وكل هذا يتزامن مع انخفاض مستوى الإنتاجية في الاقتصاد اليمني بسبب ضعف بنية الاقتصاد القومي، وتزايد الاعتماد على العالم الخارجي؛ حيث يحتل سعر الصرف دورًا بارزًا في النشاط والاستقرار الاقتصادي، كما يمثل سعر الصرف ظاهرة معقدة تستدعي إزالة الالتباسات المتعلقة بعلاقة سعر صرف بالمتغيرات الاقتصادية الكلي وتحديد أتجاه العلاقة بينهما.
إن المشكلة التي تواجه الدراسة هي عدم الوضوح الذي ينتاب العلاقة بين تقلبات أسعار الصرف ومتغيرات الاقتصاد الكلي المشار إليها في الدراسة موضع التحليل، فضلاً عن الغموض الذي يلحق باتجاه العلاقة السببية المتبادلة بين هذا المتغير الاقتصادي الهام والمتغيرات الاقتصادية الكلية الأخرى، وبحركة أحدهما صوب الآخر، أي: هل تقلبات أسعار الصرف تسبب مثلاً عجز الموازنة العامة، وعجز ميزان المدفوعات، والتضخم؟ أم أن عجز الموازنة، وعجز ميزان المدفوعات، والتضخم، والعرض النقدي، يسبب التقلبات في أسعار الصرف؟ أم أن العلاقة السببية في اتجاهين، أي: كل منهما يسبب الآخر, وهل تختلف العلاقة بينهما في الاجل القصير عن الاجل الطويل ؟
أرجع معظم الاقتصاديين اليمنيين إلى أن سبب عدم استقرار أسعار الصرف إلى اختلال الموازين الخارجية والداخلية (ميزان المدفوعات)(والموازنة العامة )، ممثلاً بالحساب الجاري بالدرجة الأولى، ومن ثم حساب رأس المال والميزان الداخلي، ممثلاً بعجز الموازنة العامة.
بينما أرجعه طرف آخر إلى الاختلالات الهيكلية في الاقتصاد كليًّا، واتخذت السلطات قرار تعويم سعر الصرف لمعالجة هذه الاختلالات، وخاصة خلق التوازن الخارجي لميزان المدفوعات، وتخفيض العجز المالي للموازنة، فهل حقق التعويم والسياسات التي اتبعتها الحكومة والبنك المركزي النتائج المرجوة وهي الاستقرار الاقتصادي متمثل في استقرار الموازين واستقرا سعر الصرف والتضخم ؟
البروفيسور محمد أحمد الأفندي كان اثأر هذه المخاوف في أبحاثه المتعددة عن سعر الصرف وأزمة الريال اليمني "الحلقة الدائرية" , وكذلك سوء التعامل بالسياسة النقدية من قبل البنك المركزي, وحسب علمي ان هذه الدراسة قد تساهم في الإجابة على الكثير من الدراسات والنقاشات والتساؤلات حول العلاقة بين العرض النقدي والتضخم وسعر الصرف و"الحلقة المفرغة" بينهم (بعيدا عن نموذج "درونبش" ) , كما أوضح الباحث كيف تولدت هذه العلاقات الدائرية بين متغيرات الاقتصادية التي دعمة كلا منهم الأخر مكونة مضاعفات اقتصادية ,حيث اكد الافندي ان تغير سعر الصرف بنسبة 1%مثلاً يساهم في ارتفاع معدل التضخم بنسبة 33% , وهو ما كن يحذر منه الأفندي من خلق مضاعفات اقتصادية , في هذه الدراسة نقدم دليلاً اكاديميا قياساً لصحة هذه النظرية .
الباحث والمحلل الاقتصادي وحيد الفودعي طرح سؤال هل سعر الصرف متغير مستقل؟
هذه الدراسة أو البحث الاكاديمي التحليلي المدعم بالتحليل القياسي باستخدام أدوات التحليل الحديثة لاقتصاد "ديناميكي" غير التقليدية "الساكنة" وكذلك في الاجل القصير والأجل الطويل وبإخذ كل المتغيرات الدراسة في علاقة واحدة . ومن أهم ما تقدمة هذه الدراسة الإجابة على .
هل سعر الصرف متغير مستقل أم متغير تابع, وما هي علاقة سعر الصرف ببقية المتغيرات الاقتصادية موضع التحليل ؟
كيف تتولد الحلقة المفرغة بين التضخم وسعر الصرف والعرض النقدي وهل التضخم ظاهرة نقدية أم ظاهرة حقيقية ومن هنا نستطيع ان نحدد ماهي السياسات التي يجب على البنك المركزي القيام بها لضبط سعر الصرف وكسر هذه الحلقة المفرغة ؟
لفهم بعض المصطلحات سوف نقدم بعض الحلقات المفاهيمية لغير المتخصصين عن سعر الصرف, ثم علاقة سعر الصرف بمتغيرات الاقتصاد الكلي في اليمن , ونتائج الدراسة القياسية مع شرح وافي لها .
نظرا لما يُثار هذه الأيام من نقاشات حول سياسات البنك المركزي النقدية , وقرب وصول الدعم المالي للبنك المركزي وما هي السياسة المتوقعة من البنك في أداره سعر الصرف, ومدى الاستفادة من هذا التمويل , يقدم الباحث دراسة أكاديمية قام بتعديلها لغرض عرض ملخصها في حلقات للمهتمين وكذلك لتأكيد تحذيرات البرفسور محمد الأفندي للبنك المركزي سابقا, والتي نرى ان البنك مازال يتعامل بنفس العقلية ولم يقوم بتدابير العمل باقتصاد الحرب على عكس الطرف الأخر الذي نجح في ذلك.
نأمل ان تلقى نتائج وتوصيات هذه الدراسة من الأستاذ احمد غالب محافظ البنك المركزي اهتمام لأنها خلاصة دراسات أكاديمية متعددة استفاد منها الباحث.
الحلقة الثانية
"الحلقة المفرغة "
ملخص الدراسة:
يناقش هذا البحثُ العلاقةَ المتبادَلة بين سعر الصرف(EX) ومتغيرات الاقتصاد الكلي {الناتج المحلي الإجمالي(GDP)، والتضخم(INF)، والعرض النقدي(MS)، وسعر الفائدة(R)، والموازنة العامة(BD)، وميزان المدفوعات(POB)} في كلاً من الاجل طويلة والأجل القصير.
توصلت الدراسةُ إلى أن اهم المتغيرات في الاجل القصير أن:
هناك علاقة تبادلية بين الناتج المحلي الإجمالي وسعر الصرف، وعلاقة أحادية في اتجاه واحد، تتجه من سعر الصرف بصفته متغيرًا مستقلاً إلى كلٍّ من العرض النقدي، وأسعار الفائدة، والتضخم، كمتغيرات تابعة، وهذا يعني في الأجل القصير أن الزيادة في كلٍّ من العرض النقدي، ومعدل التضخم، وأسعار الفائدة كانت استجابة للارتفاع المستمر في أسعار الصرف .
لا توجد علاقة سببية في الاتجاهين من سعر الصرف إلى كلٍّ من ميزان المدفوعات، وعجز الموازنة في الأجلين ذلك لأن سياسة البنك المركزي تعتمد في "إدارة أسعار الصرف" على الاحتياطي من العملة الأجنبية، وعدم مرونة الجهاز الإنتاجي , بالمقابل ينعدم أثر العجز في الموازنة؛ كونها توثر على سعر الصرف بطريقة غير مباشرة، وهي تعمل على رفع الأسعار، ومِن ثَمَّ التضخم الذي يؤثر على سعر الصرف.
توصلت الدراسةُ في الاجل الطويل إلى:
أن (سعر الصرف بفترةٍ أبطأ [t-1]، والناتج المحلي الإجمالي، والعرض النقدي، ومعدل التضخم بفترةٍ أبطأ [t-1]، وأسعار الفائدة بفترةٍ أبطأ [t-1]) هي أهم العوامل المفسرة لسعر الصرف الأجنبي في الاجل الطويل ؛ حيث إنها تفسر معظم العوامل المؤثرة على الطلب على العملة في سوق الصرف المحلية.
أثبتت الدراسة القياسية ان الطلب على العملة لغرض "المضاربة" و"الضغوط التضخمية" تجاوز(65%) من الطلب الكلي على الصرف الأجنبي الذي يرجع الى انعدام الثقة في العملة اليمنية والى سوء أداره سياسة سعر الصرف والسياسة النقدية وليس الى عجز الموازين كما ان العلاقة المتبادلة بين المتغيرات في الاجل القصير والأجل الطويل يشكل الحلقة المفرغة في أزمة الريال اليمني التي تتدحرج وتنموا مع الزمن كما أوضحها الباحث لاحقا.
تمهيد
ظهرت العديد من النظريات التي حاولت إعطاء تفسير لهذه التقلبات في ظل الترابط الوثيق بين السياسات الاقتصادية الداخلية والخارجية لدول العالم، وأظهرت الدراسات وجود عدة تأثيرات متبادلة بين تقلبات سعر الصرف ومتغيرات الاقتصاد الكلي ؛ وقد فتح كل من النمو الاقتصادي والتضخم والعرض النقدي وكذا التوازن في ميزان المدفوعات والموازنة الحكومية جدلاً كبيرًا حول علاقتها بتقلبات سعر الصرف، فالمتغيرات الاقتصادي تتطور على حسب نظام الصرف المتبع سواءٌ كان نظامًا ثابتًا أم مدارًا أم منتميًا إلى الأنظمة الوسطية.
تعريف سعر الصرف: يرى الباحث أن التعريف لمفهوم سعر الصرف الذي يستخدم في التحليل الاقتصادي, يتوقف على الهدف من وراء التحليل, فقد اخذ سعر الصرف مفهم “القيمة” في نظري تعادل القوة الشرائية , ومفهوم "النسبة" كما جاء في نظرية المرونات (التجارة), وعبر عنه “بالوحدات حسب نظرية ميزان المدفوعات (نظرية الأرصدة)..وقد اختار الباحث تعريف إدارياً وقياسياً:
هناك تعريف يقول: إن سعر الصرف هو الأداة التي تربط قيم العملات الوطنية بالعملات الأجنبية، وإدارتُها حقيقةً تمثل إدارة قِيَم الناتج الوطني أمام الناتج الأجنبي، وبهذا فإنها تتسم بالحساسية البالغة، وبالخطورة الفائقة أيضًا، لنتائجها متعددة الجوانب، ويتم النظر إلى العملة الأجنبية كما لو كانت سلعة من السلع التي يتم تبادلها مع الدول التي أصدرت هذه العملات، وسعر الصرف الأجنبي (Foreign Exchange Rate) هو قيمة الوحدة من العملة الأجنبية مقومة بوحدات من العملة المحلية. وفي الواقع هناك طريقتان لتسعير العملات وهما:
التسعير المباشر: وهو عدد الوحدات من العملة الأجنبية التي يجب دفعها للحصول على وحدة واحدة من العملة الوطنية، وفي الوقت الراهن قليل من الدول تستعمل طريقة التسعير المباشر.
التسعير غير المباشر: فهو عدد الوحدات من العملة الوطنية الواجب دفعها للحصول على وحدة واحدة من العملة الأجنبية. وهذا التعريف والمفهوم المتعارف علية في اليمن والذي اعتمده الباحث عند تفسير سعر الصرف.
ويعرفه البرفيسور محمد أحمد الأفندي (في حقيقة الأمر, فان تعريف سعر صرف الريال بالمعنى السابق هو تعريف نمطي وتقليدي , ومن ثم اصبح غير مناسب لوصف أزمة الريال اليمني . لذلك فإني سأعرف صرف الريال اليمني مقوما بالدولار, تعريفا يعكس أوجاع الريال وأزماته المستمرة , فأقول إن هذا السعر ما هو ألا التعبير الاقتصادي لمدى حدة الأزمة السياسية التي تعاني منها اليمن في الوقت الراهن_ بتجلياتها الاقتصادية والسياسية والأمنية والاجتماعية).
سياسة سعر الصرف تُعَدُّ سياسة سعر الصرف من أهم السياسات الاقتصادية التي تتبعها السلطات النقدية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي واستقرا الأسعار وتستعمل السلطات العديد من الأدوات والوسائل أهمها:
1- تعديل سعر صرف العملة: قد تلجأ السلطات النقدية إلى سياسة تخفيض قيمة العملة أو رفع قيمتها على حسب الأهداف المسطرة.
2- استخدام احتياطات الصرف: في ظل أسعار صرف ثابتة أو شبه مدارة: تلجأ السلطات النقدية إلى المحافظة على سعر صرف عملتها، فعند انهيار عملتها تقوم ببيع العملات الصعبة لديها مقابل العملة المحلية، وعندما تتحسن العملة تقوم بشراء العملات الأجنبية مقابل العملة المحلية، وعندما تكون الاحتياطات غير كافية يقوم البنك المركزي بتخفيض العملة المحلية.
وفي ظل نظام سعر الصرف العائم: يقوم البنك المركزي في هذه الحالة بمقاومة التقلبات الحادة في سعر صرف عملته، إلا أن الاحتياطات قد تكون غير كافية للتصدي للآثار الناجمة عن حركة رءوس الأموال للمضاربة.
3- استخدام سعر الفائدة: قد يلجأ البنك المركزي إلى اعتماد سياسة سعر الفائدة المرتفع، وذلك عندما تكون العملةُ ضعيفةً لمواجهة خطر انهيارها، فسعر الفائدة المرتفع يغري المستثمرين الأجانب، ويجذب رءوس الأموال الدولية، هذا يؤدي إلى زيادة الطلب على العملة الوطنية، وبالتالي: يرتفع سعر صرفها.
4- الرقابة على الصرف: يقصد به: إشراف الدولة وتحكمها في عرض الصرف الأجنبي والطلب عليه لذلك فإن الدولة لا تتيح للأفراد حرية التعامل بالصرف الأجنبي بيعًا وشراءً، وإنما تقوم الدولة ذاتُها بذلك عن طريق تحديد التعامل بالصرف الأجنبي بالشكل الذي يحقق الأغراض والأهداف المرجوة .
شرح والتفسير النتائج : بعد دراسة العلاقة بين سعر الصرف وبعض متغيرات الاقتصادية تم التوصل إلى النتائج الآتية:
1- سعر الصرف بفترة أبطأ (t-1):(طلب المضاربة)
أثبتت الدراسة ان أهم محدد لسعر الصرف هو سعر الصرف بفترة أبطأ (t-1) ويمثل 64% من الطلب الكلي على العملة في سوق الصرف الأجنبي يرجع إلى المضاربة ( التربح, حفظ القيمة , القياس, والمبادلات ) فهو يمثل متغير مستقل ومتغير تابع ، وتفسير ذلك يرجع إلى عدة أسباب تصب جميعها في فقدان "الثقة بالعملة اليمنية"، أي إن الزيادات المستمرة في أسعار الصرف السابقة (الاتجاه صعودياً) تخلق يقينًا (نسبةَ توقعٍ عالٍ 64%) لدى المتعاملين باستمرار هذا الارتفاع في المستقبل، وهذا يخلق طلبًا أكبر من الطلب الحقيقي على العملة مما يولد زيادات في ارتفاع أسعار الصرف بمقدار(64 سنت من كل دولار يتم طلبة64%من كل دولار). ويمكن ذكر أهم العوامل التي تفقد الثقة بالعملة الوطنية هي
-عدم الاستقرار السياسي فهي تنعكس في المتغيرات الاقتصادية ومنها عدم استقرار سعر الصرف ومعدلات التضخم....
-سوء إدارة السياسة النقدية وخاصة سياسة سعر الصرف منقبل البنك المركزي.
-تحول المضاربة إلى نشاط تجاري مربح يعتمد على تقلبات سعر الصرف وفوارق العملة.
-التحول إلى عملية الدولرة لحفض القيمة, إلى جانب أنها أداة قياس بين المتعاملين
-عدم فاعلية أدوات السياسة النقدية وعدم انسجامها مع السياسة المالية والتجارية والاحترازية.
-قصور عمل المؤسسة النقدية المتمثل في بعض جوانب الاقتصاد المؤسسي الأمن المعلومات وكيفية أدارته والحوكمة والشفافية, في ظروف بيئة غير صديقة لقيادة البنك المركزي, ونظام بنكي مهلهل , وكادر موزع الولاءات وغير مهني.
2- معدل التضخم بعد فترة إبطاء(t-1): "الضغوط التضخمية"
أثبتت النتائج أن هناك علاقة طردية أحادية في اتجاه واحد، تتجه من سعر الصرف بصفته متغيرًا مستقلاً إلى معدل التضخم بصفته متغيرًا تابعًا في الاجل القصير، وهذا يعني أن الزيادة في معدل التضخم كانت استجابة للارتفاع المستمر في أسعار الصرف، بينما أثبتت الدراسة في الأجل الطويل وجود علاقة طردية لمعدل التضخم بفترة إبطاء (T-1) كمتغير مستقل على سعر صرف كمتغير تابع ناتج عن "الضغوط التضخمية" ، أي: كلما زاد معدل التضخم بفترة إبطاء (T-1) في الأجل الطويل زاد سعر الصرف (انخفاض القوة الشرائية للريال)، وهذا يفسر الزيادة المستمرة في الأسعار الناتجة عن التضخم المستورد (ارتفاع تكلفة الواردات بالعملة المحلية)، وارتفاع تكاليف الإنتاج، وزيادة الطلب الكلي على النقود يعمل على زيادة العرض النقدي الذي يخلق ضغوطًا تضخمية تستجيب لاحقًا، وارتفاع في أسعار الصرف نتيجة العلاقة المتبادلة بين سعر الصرف والتضخم من جهة، والتضخم بفترة إبطاء (T-1) وسعر الصرف من جهة أخرى في الأجلين.
ومن اهم الأسباب في وجود تأثير لمعدل التضخم السابق تمثلت في الاتجاه الصعودي في الأسعار يولد طلب إضافي"الضغوط التضخمية" على العملة لدى المستورد وتجار الجملة والتجزئة وبيع الاجل لمواجه التقلبات في أسعار السلع من الطلب الكلي على الدولار, وكذلك تخصيص هامش ربح أعلا من هامش الربح العادي يتضمن عامل التقلبات, مع عدم الاستجابة في تخفيض أسعار السلع عند انخفاض أسعار الصرف "القين بعدم الاستقرار" .
3- العرض النقدي:
أثبتت النتائج بأن هناك علاقة طردية أحادية في اتجاه واحد، تتجه من سعر الصرف بصفته متغيرًا مستقلاً إلى العرض النقدي بصفته متغيرًا تابعًا، وهذا يعني في الأجل القصير أن الزيادة في العرض النقدي كانت استجابة للارتفاع المستمر في أسعار الصرف، كما أثبتت الدراسة في الأجل الطويل وجود علاقة طردية للعرض النقدي (متغير مستقل) يمثل (28%) من الطلب الكلي على سعر صرف (متغير تابع)، أي: كلما زاد العرض النقدي في الأجل الطويل زاد سعر الصرف (انخفاض القوة الشرائية للريال)، أن هذه العلاقة المتداخلة بين سعر الصرف والعرض النقدي يساهم مع متغيرات التضخم وسعر الصرف بفترة إبطأ في أدخال الاقتصاد في حلقة مفرغة من الزيادات المتبادلة.
4- سعر الفائدة بفترة إبطاء t-1)):
أثبتت النتائج بأن هناك علاقة عكسية أحادية في اتجاه واحد، تتجه من سعر الصرف بصفته متغيرًا مستقلاً إلى أسعار الفائدة بصفتها متغيرات تابعة في الأجل القصير ، وهذا يعني في الأجل القصير أن الزيادة في أسعار الفائدة كانت استجابة لمواجه الارتفاع المستمر في أسعار الصرف، كما أثبتت الدراسة وجود علاقة عكسية لسعر الفائدة بفترة إبطاء (t-1) كمتغير مستقل على سعر صرف متغير تابع ، أي: كلما زادت أسعار الفائدة بفترة إبطاء (t-1) في الأجل الطويل انخفض سعر الصرف (تزايد القوة الشرائية للريال)، أي: إن أيَّ زيادة في أسعار الفائدة يكون أثرُها لاحقًا بفترة إبطاء (t-1)، وليس في نفس الفترة، وبرجع ذلك لعدة أسباب أهمها ما يلي:
ان سعر الفائدة الحقيقي غير مجزي قريب من الصفر ,وعدم اكتمال السوق المالية, وضعف الجهاز المصرفي ,وغياب سوق البورصة.
تفسير الحلقة المفرغة في الحالة اليمنية: من خلال النتائج السابقة تتكون الحلقة المفرغة من تداخل العوامل الاقتصادية التالي:
1.تداخل تأثير العوامل في الأجلين القصير والطويل.
2.العلاقة المتبادلة بين المتغيرات نفسها والمتغيرات الأخرى. وأهم مكوناتها هي
-سعر الصرف بفترةٍ أبطأ(t-1 )[LEX (-1)] وهي العامل الأساسي ويمثل 64% من الطالب الكلي على العملة لغرض "المضاربة" .
-معدل التضخم بفترةٍ أبطأ [INF (-1)] (الاتجاه العام صعودياً للأسعار يمثل "الضغوط التضخمية") يؤثر في الطلب الكلي غير الحقيقي للعملة لغرض التحرز المخاطرة وصفقات الأجل ويمثل نوع من المضاربة "التوقعات التضخمية" .
-العرض النقدي LMS
-سعر الصرف (EX)
-أسعار الفائدة بفترةٍ أبطأ [LR (-1)] ( تعبر عن ضعف الاستجابة للتغير سياسة سعر الفائدة وقصور الجهاز المصرفي وعدم توفر سوق الأوراق المالية ...)
تكون البداية ان سعر الصرف بفترةٍ أبطأ(t-1 )[LEX (-1)] يولد طلب على الدولار يمثل المضاربة بنسبة(64% ) من الطلب الكلي الحالي للصرف (EX(t-0, إلى جانب مساهمة معدل التضخم[INF (-1)](التوقعات التضخمية) كمتغيرات مستقله في توليد معظم الطلب الكلي الحالي للدولار, الذي هو" سعر الصرف الحالي"( EX) يوثر طرديا في كلاً من التضخم , والعرض النقدي "كمتغيرات تابعة" في الطلب الكلي الحالي للصرف عند الزمن t-0) (عبر الممارسات الخاطئة للبنك المركزي في إدارة سياسة سعر الصرف ومنها المزادات التصاعدية إلى أعلا , والتي لم يقابلها عملية (سياسة الاستيعاب أو حقن) وهذه الأخير تتحول إلى متغير مستقل يولد ارتفاع وطلب غير حقيقي يكبر مع كل تدخل من البنك المركزي في ضل عدم الاستجابة الفورية لسياسة سعر الفائدة عند الزمن t-0)) فيولد حلقة مفرغة تتدحرج مثل كرة الثلج تنمو وتكبر مع استمرار الممارسات الإدارية الخاطئة مع الزمن .
على ضوء هذه النتائج قدم الباحث مجموعة من التوصيات يأمُل الباحثُ أن يساهم في الاستفادة من نتائج البحث في اتخاذ القرارات الاقتصادية، وإدارة السياسات النقدية والمالية، لمعالجة عدم استقرار أسعار الصرف، وأن تكون هذه الدراسة إضافةً علميةً متواضعةً في تطوير دور البحث العلمي في اليمن، لإثراء البحث العلمي والمكتبة الاقتصادية اليمنية بشكل خاص والعربية بشكل عام.
التوصيات
أولاً: في الأجل القصير:
يُعَدُّ الاستقرار السياسي المدخل والشرط الضروري لتحقيق الاستقرار الاقتصادي المستدام ، من خلال حل الخلافات السياسية بالطرق السلمية، والحوار البناء الهادف إلى تمكين مؤسسات الدولة من القيام بمهامها التنموية, ونظرًا للظروف الحالية نوصي في هذا الخصوص بما يلي:
1-خلق الثقة بالعملة اليمنية:
أ-استغلال البنك المركزي لموارد المتعهدين الإقليمين والدوليين في إصلاح الوضع الاقتصادي، وضبط الموارد الذاتية، ووقف الإصدار النقدي، وسحب فائض العرض النقدي.
ب-تثبيت أو أداره سعر الصرف عند سعر صرف "الف أو الف وخمسين ريال" لكل دولار( أو-1%( والاستمرار في الحفاض على سعر صرف مستقر , عند هذا السعر سوف يعمل على تخفيض الطلب الكلي على العملة الأجنبية بنسبة(64%) ومن المتوقع ان يحقق نتائج جيدة أهمها :
- وقف عمليات المضاربة طواعية دون تدخل أداري في ظروف بيئة غير صديقة لقيادة البنك المركزي, ونظام بنكي مهلهل , وكادر موزع الولاءات وغير مهني , لان هذه الشركات لا تعمل غير في ظروف فوارق الأسعار الكبيرة , وتجارة العملة ولن تبقى في السوق لفترة طويلة .
- استقرار الأسعار والحفاض على معدل تضخم مستقر (استبعاد اثر "التوقعات التضخمية" والتحوط لدى المستوردين وتجار الجملة والتجزئة وبيع الأجل ويخفض الطلب الكلي على الصرف "تخفيض نسبة المضاربة" ).
-يحافظ على الاحتياطيات من العملة الأجنبية من استنزافها في عمليات المضاربة مع الصرافين واستغلال السعر لامتصاص فائض العرض النقدي .
ج-البيع بحسب حاجة السوق من السلع الأساسية بالسعر المحدد أعلاه ، ووقف استيراد السلع الكمالية في الوقت الراهن, أو رفع الرسوم الجمركية 200% على السلع الكمالية حتى استقرار سعر الصرف.
د-أن يكون البيع للبنوك وشركات الصرافة الملتزمة والمرخص لها، وأن يكون البيع لغير المضارَبة، مع إجراء رقابة صارمة على المخالفين والمضاربين.
ه-إلزام مؤسسات القطاع العام والمختلط بإيداع ما لديها من نقد أجنبي لدى البنك المركزي والبنوك تحت رقابة وإشراف البنك المركزي.
2-لناتج المحلي الإجمالي:
أ-زيادة الناتج بإعادة تصدير النفط والغاز، وفتح الموانئ اليمنية للصادرات اليمنية لدول الجوار لدعم الاقتصاد اليمني، وذلك بحل الخلافات السياسية بالطرق السلمية مع المتنفذين في أبار النفط والغاز وخطوط الأمداد، وتمكين أجهزة الدولة من القيام بعملها، وتوفير المشتقات النفطية بالأسعار المناسبة لتقليل تكاليف النقل والإنتاج، وتخفيض الأسعار.
ب-إصلاح أوضاع المغتربين اليمنين في الخارج، لزيادة تحويلات المغتربين، ومصادر العملة الأجنبية، لما لها من أهمية نسبية في إيرادات البلد من النقد الأجنبي، وزيادة الدخل.
3-السياسة النقدية:
أ-ضرورة العمل على انشاء سوق البورصة "السوق المالية" والسماح بفتح بنوك جديدة ورفع رائس المال البنوك بموجب للجنة بازل, وفتح باب الاكتتاب في البنوك والشركات وخلق قاعدة نقدية ومالية كبيرة ,لأنها تمثل البداية لحل مشكلة الدين العام الداخلي المتعثر وتفعيل سياسة وأدوات السياسة النقدية .
ب-مراقبة السيولة النقدية وتحقيق معامل استقرار نقدي منخفض يتناسب وحجم الناتج والنشاط الحالي.
ج-التزام البنك المركزي باستقلاليته والحوكمة والشفافية والحفاض على امن المعلومات ، والتركيز على استقرار سعر الصرف، وخلق الثقة بالعملة.
د-تفعيل دور الرقابة على البنوك والصيارفة، ومنع المضاربة بالعملة، واستغلال استخدام العملة في تمويل نشاطات اقتصادية ملحة.
ه-الإبقاء على سعر الفائدة دون تغير في الوقت الراهن حتى استقرار سعر الصرف؛ لأن زيادتها تؤثر على النشاط الاستثماري، كما أن فاعليتها ضعيفة في الحالة اليمنية.
و-تطوير وتنويع وتفعيل أدوات السياسة النقدية بإشراك كافة البنوك في عملية استقرار أسعار الصرف، عن طريق انشاء السوق المالية والموافقة على انشاء بنوك جديدة وزيادة راس مال البنوك وانزال أسهمها إلى السوق للاكتتاب مما يعمل على حل مشكلة الدين العام المحلي وتفعيل أدوات السياسة النقدية المستقبلية والتوسع في إصدار الصكوك الإسلامية والاستثمارات الإسلامية لامتصاص السيولة النقدية، وتخفيض الطلب الكلي على النقود.
4-المالية العامة:
أ-ضبط الإيرادات، وترشيد النفقات بالريال والدولار، وترشيد بنود الإنفاق بالعملة الأجنبية، مثل: المنح، والسفريات، والعلاج، وشراء السيارات، والأصول الأجنبية، والبعثات الدبلوماسية.
ب-وقف تمويل عجز الموازنة بالإصدار النقدي، والبحث عن مصادر أخرى، ويفضل أن تكون بالعملة الصعبة، مثل: القروض الخارجية مؤقتًا.
شكرا للبرفيسو/ Mutahar Alabbasi على حسن النصح والمشورة.
صورة مع التحية محافض البنك المركزي/ الاستاذ Ahmed Ahmed Ghaleb
الباحث الاقتصادي والمصرفي
يوسف شمسان المقطري
الجمعة 9سبتمبر2022م
|