منوعات

الإثنين - 24 مارس 2025 - الساعة 08:46 م بتوقيت اليمن ،،،

وكالات

صرح المخرج سامر البرقاوي نهاية العام الماضي لموقع “إي.تي” بالعربي أن مسلسل “تحت سابع أرض” سيكون نهاية الشراكة بينه وبين النجم السوري تيم حسن لينهيا بذلك شراكة استمرت ثماني سنوات من النجاح بدأت مع مسلسل “الهيبة” الذي أدى فيه حسن دور “جبل شيخ الجبل” زعيم العائلة التي تعمل في تجارة السلاح في قرية حدودية تقع بين سوريا ولبنان، وهو رجل شجاع شهم محبوب من محيطه يدخل في صراع مع باقي العصابات في المنطقة وهو المطلوب للسلطات أيضا.

بقي تيم حسن نجم سوريا الأول في دراما رمضان لسنوات بسبب هذا العمل الناجح ذي الجماهيرية الكبيرة، ما دفع شركة الصباح اللبنانية إلى إنتاج خمسة أجزاء منه إلى جانب تحويله إلى فيلم سينمائي، ثم جاء العام 2023 وقدمت الشركة عملا مختلفا من بطولة حسن أيضا وإخراج سامر البرقاوي وهو “الزند” الذي تدور قصته في أرياف مدينة حماة السورية، ويروي قصة عاصي الزند (تيم حسن) الذي قتل والده أمام عينيه وهو طفل صغير فيقرر حين يكبر العودة إلى القرية والانتقام من قاتله ويصطدم مع نورس باشا (أنس طيارة) الإقطاعي الكبير الذي يهزمه عاصي في النهاية وتصبح القرية ملكا له.

كان المسلسل بمثابة نقلة نوعية في مسيرة حسن والبرقاوي، إلى أن جاء العام 2024 وقدما مسلسل “تاج” ذا القيمة الفنية العالية والذي يروي قصة الملاكم الدمشقي تاج الدين الحمال الذي يعمل خياطا وينتمي إلى منظمة القمصان الحديدية التي تناضل ضد سلطات الانتداب الفرنسي في سوريا، لكن تقريرا يقدم للسلطات الفرنسية من أحد أكبر مخبريها السوريين وأهم خياطي دمشق المدعو رياض الجواد بمكان تواجد مجموعة تاج أو المقص كما يلقب حياته رأسا على عقب فيبدأ بخسارة كل شيء ابتداء من عمله وانتهاء بزوجته ويصبح في نظر مجتمعه خائنا معتقدين أنه هو الواشي بأصدقائه.

أداء تمثيلي مميز

كان مسلسل “تاج” بمثابة الذروة الفنية للنجم تيم حسن والمخرج سامر البرقاوي، ثم عادا هذا العام بمسلسل “تحت سابع أرض”، المسلسل ذي الطابع البوليسي التشويقي، وهي قفزة تحسب لهما ولا نعرف إن كان هذا العمل هو نهاية مشوار هذه الثنائية الفنية الناجحة التي تركت بصمة لا تنسى في مجال الدراما العربية والسورية على وجه التحديد.

ويروي “تحت سابع أرض” قصة المقدم في الأمن الجنائي موسى الذي يعمل رئيسا لأحد المخافر في إحدى المناطق الصحراوية النائية، عقابا له بعد أن خالف الأوامر قبل عدة سنوات حين كان يخدم في فرع الأمن الجنائي بدمشق حيث داهم أوكار أحد أخطر المطلوبين النافذين مخالفا بذلك أوامر رئيس فرعه بإيقاف المهمة، لكنه لم يكن يعرف أن رجال هذا المطلوب قد أعدوا له ورجاله كمينا، سيكتشف لاحقا أنه خيانة من زميله غسان، الأمر الذي يؤدي إلى مقتل رجاله بقنبلة وإصابته إصابة خطيرة نجا منها بأعجوبة.

لم ينج بالكامل بل ظلت شظية من القنبلة عالقة في رأسه، الأمر الذي يسبب له مشكلة صحية في الدماغ تجعله يفقد بصره لعدة ثوان في بعض الأحيان.

تصل معلومات إلى المقدم النزيه والصارم موسى أن أخويه المقيمين في دمشق زين (أنس طيارة) ورنا يعملان في تزوير العملة حيث يقومان باستغلال مطبعة الكتب التي ورثوها عن والدهم في حي الحلبوني الدمشقي الشهير لطبع الدولار المزور، وهذه المعلومات تصله عن طريق دلال خانم (منى واصف) التي تقيم في أحد الأحياء التي دمرتها الحرب خلال الثورة السورية وتدير عصابة للتجارة بالممنوعات وعمالة الأطفال.

يعود موسى فورا إلى دمشق ويواجه أخويه بهذه المعلومات التي حصل عليها فيعترفون له بأنها صحيحة وأن الحاجة المادية وغلاء المعيشة دفعهما إلى هذا العمل، فزين الفنان الموهوب بالرسم قرر استغلال موهبته لرسم ورقة الدولار واستخدام المطبعة التي يملكونها لطبعه بدلا من طبع الكتب التي لم يعد أحد يقرؤها، فالناس لا تملك ثمن الطعام في سوريا حتى تمتلك ثمن الكتاب. يعرف منهما أنهما يعملان لصالح العجان (تيسير إدريس) أحد أكبر صرافي العملة في دمشق والذي يملك محل صرافة في الحي، فيستاء موسى كثيرا من هذا الأمر ويذهب إلى العجان ويطلب منه أن يبتعد عن أخويه، لكن الأخير يحاول ابتزازه بفيديوهات صورها لأخويه داخل المطبعة وهما يطبعان الدولار المزور.

يتفقان على تسليم الطلب الأخير من الدولارات المزورة مقابل أشرطة تورط أخويه، فيرضخ موسى خوفا منه على مصير أخويه ويتفق مع العجان ويشرف بنفسه على طبع الدولار المزور فيتورط بفعل هذا الشيء الذي يكافحه هو في الأمن الجنائي.

يتعرف موسى على بلقيس (كاريس بشار) المرأة التي تمتلك متجرا في الحي لبيع الألبسة المستعملة (البالة) وتمتلك داخله غسالات ونشافات تستخدمها في تنشيف ورق الدولار بعد طباعته في مطبعة والده قبل أن يصل إلى يد العجان رئيس العصابة. تبدأ بلقيس بالانجذاب إلى موسى الذي يحبها لاحقا، وفي هذه الفترة التي يقيم فيها موسى في دمشق يتواصل مع العميد غسان (باسل حيدر) صديقه وابن دفعته فيخبره الأخير أنه سيعمل على إعادته إلى فرع الأمن الجنائي في دمشق بعد سنوات النفي وفعلا هذا ما يحصل، فيعود موسى إلى الفرع ويبدأ بالعمل على المهمات الصعبة التي توكل إليه وهو الذي كان معروفا بشجاعته وصرامته وخوف الضباط قبل الناس منه.

تنتهي عملية طبع الدولارات ويسلمها للعجان ويرسلها مع مهيب (مجد فضة) كي يسلمها إلى أحد التجار فيتعرض مهيب للسرقة والضرب في الطريق فيحدث ما لم يكن بالحسبان فيجن جنون العجان ويشك في موسى أول الأمر، لكن يكتشف لاحقا أن السارق هو سعيد (سليمان رزق) أخو مهيب بالشراكة مع زين أخي موسى اللذين يحاولان الهروب لاحقا بالأموال خارج البلاد فيرسل رجاله للقبض عليهما فتنقلب السيارة بهم وهم على طريق لبنان فيموت سعيد وينجو زين.

تخبر رنا أخاها موسى أن المال المسروق مخبأ في خزان الوقود في التاكسي الذي كان يستقلها أخوه وسعيد فيحاول بواسطة نفوذه وبمساعدة رجال دلال الحصول على الخزان وأخذ الأموال منه وغسلها وتنشيفها عند بلقيس ويستطيع أن يجري العملية التي يحتاجها أخوه بعد الحادث ويصبح ثريا.

يعلم العجان بطريقته أن دولاراته المسروقة بحوزة موسى فيحاول قتله بواسطة مهيب صديقه القديم وعدوه الحالي وزوج أخته رنا بالسر، لكن الأخير يقتل صبي العجان الذي قتل أخاه بدل أن يقتل موسى ثم ينتحر وينجو موسى ويقرر أن يعمل في طباعة الدولار المزور لوحده بالشراكة مع بلقيس دون علم العجان حيث يبدأ الصراع وتتصاعد الأحداث ويكون موسى قد انغمس بالفساد الذي يناقض قيمه.

وقد أدى الفنان تيم حسن شخصية الضابط في الأمن الجنائي باحترافية عالية مانحا الشخصية حقها، فكان لها أسلوبها الخاص في المشي والكلام والتصرفات وهذا ليس غريبا عليه وهو الذي يتقمص الشخصية التي يؤديها تقمصا كاملا، كما حاول تقليد أسلوب الضابط الشهير في جيش النظام سهيل الحسن المشهور بجمله غير المترابطة وارتجاله لبعض الأبيات الشعرية الرديئة، حيث استخدم تيم هذا الأسلوب في بعض المواقف مما لفت انتباه المشاهدين إليه وأضفى بعض اللمسات الكوميدية على الشخصية.

أما الفنانة كاريس بشار فكان أداؤها لشخصية بلقيس مميزا وتلقائيا، فهي المرأة السوقية حين يلزم الأمر والراقية أحيانا والرومانسية أحيانا أخرى، وكان حضورها طاغيا مميزا.

وكان اختيار باقي الممثلين لأدوارهم موفقا وموظفا حيث خدم شخصياتهم، وتفاوت الأداء بين ممثل وآخر. أما شخصية الفنانة القديرة منى واصف فكانت بمثابة نقلة نوعية لها في مسيرتها مع المخرج سامر البرقاوي وأدتها باحترافية عالية.

إخراج احترافي
صور سامر البرقاوي مسلسله بكاميرا مائلة معظم الوقت دلالة على اختلال الواقع المحيط بالشخصية الرئيسية، مستخدما اللقطات القريبة والمتوسطة لإظهار انفعالات الشخصيات واللقطات البعيدة لإظهار معالم الأمكنة.

وكان التصوير جميلا حيث أشرف عليه خالد بن علي، وأظهر دمشق وأحياءها كالحلبوني بحجارته العتيقة وبيوته المؤلفة من طابق أو طابقين بأبهى حلة فهو حي المطابع والمكتبات القديمة، كما ظهرت محطة الحجاز برمزيتها كدلالة على عراقة المدينة مثلما أظهر ساحة المخرجة برمزيتها في مسلسل “تاج”.

كما أعطى الاهتمام بالألوان وتشبعها والاهتمام بتفاصيل الديكور والأزياء جمالية بصرية مميزة للعمل المكتوب بحرفية عالية فكان السرد تصاعديا والشخصيات مدروسة وهو إضافة جديدة جيدة في رصيد الكاتب عمر أبوسعدة والمخرج سامر البرقاوي.