عرب وعالم

الجمعة - 24 مارس 2023 - الساعة 05:35 ص بتوقيت اليمن ،،،

فاضل المناصفة


يبدو أن الطريق بات معبدا أمام النظام السوري لإنهاء عقد من العزلة الإقليمية، بعد أن أصبحت الرياض بثقلها السياسي المؤثر في المشهد العربي أول المنادين بضرورة مراجعة السياسات التي أدت إلى قطع قنوات الحوار مع دمشق.

يأتي هذا في خضم مرحلة مليئة بالتحولات السياسية التي أفرزت مفاجئات كبيرة على رأسها موقف أنقرة الجديد من النظام في سوريا، وتقارب القاهرة مع دمشق، فضلا عن الخطوات المتسارعة والاتصالات السرية والعلنية التي ترعاها الرياض وأبوظبي تمهيدا للعودة السورية إلى الجامعة العربية.

وفيما تبدي الدوحة موقفا ثابتا من النظام السوري، يبدوا أن الرباط لا تمانع في عودة العلاقات الدبلوماسية مع دمشق شريطة أن تتحصل على ضمانات من نظام الأسد بعدم التعاون مع إيران في دعم جبهة بوليساريو. وقد جاء تلميح المغرب عبر مقال نشر في جريدة “هيسبريس” ربط من خلاله مسألة التطبيع مع الأسد بموقف سوريا من السيادة الترابية.

ولكن، لماذا تصر الدوحة مرارا وتكرارا على موقفها الرافض لأيّ تسوية سياسية مع دمشق تشمل بقاء بشار الأسد على رأس السلطة، ولماذا وافقت على فتح صفحة جديدة مع الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي رغم الخلاف العميق وأصرت على رفض الأسد؟

جاء في بيان دولة قطر على هامش الحوار التفاعلي مع لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن الجمهورية العربية السورية يوم الثلاثاء أن الحل السياسي في سوريا قد وصل إلى طريق شبه مسدود، بسبب عدم جدية النظام السوري. كما أكدت قطر مجددا على ضرورة التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2254، وهو ما يعني أننا أمام تجدد الخلافات في التوجهات بين الدوحة من جهة ودول الخليج من جهة أخرى، أي أن أيّ خطوة لإعادة سوريا إلى الجامعة العربية عبر قمة الرياض المقبلة ستقابل بالرفض. وإن اتجهت الرياض إلى فرض الأمر الواقع فإن الدوحة قد تنسحب من القمة بمجرد أن يبدأ ممثل سوريا في إلقاء كلمته، أو ربما ستقوم من خلال كلمة ممثلها بهجوم عنيف على النظام السوري داخل قبة الجامعة العربية.

يمكن أن نربط الموقف القطري من النظام في سوريا بالموقف الأميركي الذي يصرّ على استخدام نفس اللهجة، ومن منطلق أن قطر حليف إستراتيجي رئيسي للإدارة الأميركية خارج منظومة الناتو، فهي ترى أن الصراع الدائر بين موسكو وواشنطن لا يزال يلقي بظلاله على الملف السوري، ولهذا فإن الاقتراب من نظام الأسد يعني ضربا لتلك الشراكة الإستراتيجية التي تجمعها مع واشنطن، ونقطة تحسب لموسكو التي أفسدت مسار الثورة في سوريا وقلبت الموازين رأسا على عقب.

ولهذا فإن قطر لا تملك خيارا في هذه المسألة خاصة في هذا الوقت الحساس الذي لا بد أن يشعر فيه حلفاء موسكو بأنهم معزولون ومنبوذون، وبما أن الأسد حليف روسيا الرئيسي في منطقة الشرق الأوسط فإن هذا يستدعي من الإدارة الأميركية أن تصر على إبقاء سوريا في عزلتها، بل وحث حلفائها على ضرورة معاقبته وفتح ملف الجرائم المتعلقة بأحداث الربيع العربي، وما سمّي بقمع الثوار وجرائم الإبادة الجماعية.

ربما كان للتحولات الإقليمية واتفاق العلا دور كبير في إعطاء دفع لمصالحة مصرية – قطرية، من باب تقاطع المصالح الاقتصادية بين القاهرة والدوحة، ولكن هذا لا ينطبق على الحالة السورية، فروسيا وتركيا هما الأقرب لتحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة في سوريا ما بعد مرحلة نهاية العزلة. كما أن رضا الإدارة الأميركية على التقارب القطري – المصري لا يمكن أن يكون موجودا في حال التقارب مع سوريا، وهو ما يجعل فكرة التقارب خالية من أيّ مكاسب لدى قطر ومستبعدة في الوقت الحالي.

حسب المؤشرات الراهنة من الصعب تصوّر حدوث مفاجأة في موقف قطر تجاه سوريا، لكن الدوحة ربما قد تتعامل ببرود مع ما سيحدث، فلا تمانع من عودة سوريا إلى الجامعة العربية كي لا تضع نفسها في مشاكل قد تعيدها إلى عزلة إقليمية دبلوماسية، خاصة وأن الرياض، إن فشلت في الوصول إلى إجماع عربي في الشأن السوري بسبب موقف الدوحة، فإنها لن تمرر ذلك مرور الكرام.