كتبه البرفسور عبدالله بن عبدالله عمر داود
مكبرات الصوت نعمة من نعم الله الجليلة امتن الله بها علی بني البشر، وبها تحققت للمسلمين مصلحة شرعية تمثّلت في إذاعة الأذان ليصل عن طريقها إلی أبعد مكان شاء الله أن يبلغه صوت المؤذن، لكنّ المسلمين في زماننا هذا توسّعوا في استعمال مكبرات الصوت، فعن طريقها أذاعوا إقامة الصلاة وقراءة الإمام وتكبيرات الانتقال وأسمعوها من ليس معنيٌّ بسماعها يقول العلامة الألباني - رحمه الله - " لا يجوز إذاعة الإقامة كما يُذاع الأذان ولا يجوز إذاعة قراءة الإمام إلی خارج المسجد" سلسلة الهدی والنور شريط رقم ٣٢١،
إنّ أئمة المساجد اليوم لم يفقهوا مقاصد الإسلام فصاروا يتبارون في إيصال أصواتهم إلی مسافات أبعد غير عابئين بما يُسبِّبونه من إزعاج وضوضاء في المجتمع وما يحصل بسبب كثرة ضجيج أصواتهم من أذی للمسلمين فقد نهی النبي عليه الصلاة والسلام الصحابة - رضي الله عنهم - عن أن يجهر بعضهم علی بعض في القراءة فقد روی أبو داود في سننه وصححه العلامة الألباني في صحيح أبي داود (٣٦٥/١) من حديث أبي سعيد الخدري -- رضي الله عنه - قال: " اعتكف رسول الله - صلی الله عليه وسلم - في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف الستر وقال:" ألا إنّ كلكم مناجٍ ربه فلا يؤذبن بعضكم بعض ولا يرفع بعضكم علی بعض في القراءة أو قال في الصلاة"
فتأمل هدي نبينا عليه الصلاة والسلام ونهيه عن رفع الصوت بالقرآن بل إنّه عليه الصلاة والسلام بأبي هو وأمي عدَّ ذلك من الأذی الذي لا يصح تصديره للمسلمين فقال:" لا يؤذينَّ بعضُكم بعضًا" لكن أئمة المساجد علی تعدد جماعاتهم واختلاف رسومهم رافضون الاستجابة لنهي النبي - صلی الله عليه وسلم- بل هم مصممون علی إلحاق الأذی بالمسلمين داخل المساجد بإذاعة دروسهم بالميكرفون الداخلي وإزعاج كل من في المسجد ممن يقرأ قرآنًا أو يذكر ربه أو يُكمل صلاته فتجد القائم بالدروس إمامًا أو غيره ما أن يُسلِّم الإمام إلا وسارع يلتقم الميكرفون ليلقي درسًا أو موعظة لعدد من الأفراد لا يتجاوزن أصابع اليدين إذأيُسرع أكثرهم بالخروج، إنَّ أذی هؤلاء لا يقتصرعلی من هو داخل المسجد بل يتعداه ليصل إلی بيوت المسلمين، وقد عدَّ العلامة ابن عثيمين - رحمه الله - والعلامة الفوزان - حفظه الله - إذاعة قراءة الإمام والمحاضرات بمكبر الصوت أذیً وضررًا يلحق بالمسلمين كانوا مرضی أو عجزة أو أصحاء كما جاء ذلك في فتاوی نشرنا بعضًا منها،
فعلی أئمة المساجد أن يتقوا الله في المسلمين ويكفوا أذاهم عن أبناء المسلمين ومن الأدلة علی أنّ رفع الصوت بالقرآن أذی ما رواه الإمام مالك - رحمه الله - في الموطأ (١٧٨) عن البياضي فروة بن عمرو - رضي الله عنه - أنّ رسول الله - صلی الله عليه وسلم - خرج علی الناس - وهم يصلون - وقد علت أصواتهم بالقراءة فقال:" إنّ المصلي يناجي ربه فلينظر بما يناجيه به ولا يجهر بعضكم علی بعض في القرآن" وروی أبو داود في سنننه عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:" اعتكف رسول الله صلی الله عليه وسلم في المسجد فسمعهم يجهرون بالقراءة، فكشف الستر وقال:" ألا إنّ كلكم مناجٍ ربه، فلا يؤذينَّ بعضكم علی بعض في القراءة أو قال في الصلاة: ".