الأحد - 01 يناير 2023 - الساعة 10:13 م
عنوان وضع لمقال تكملة لِآية عظيمة ورد ذكرها في كتاب الله العزيز- بأن الإنسان قد يتعرض بل الأكيد من محيطة الصغير للظلمِ في حقوقٍ له نُهبتُ أو تلاعب بها بغرض حرمانه منها أو من قِبل مجتمعه الكبير الوطن فاجتمعا كلاهما على إحداثِ ظلمِ بأحد أفراد المجتمع تسببت له أضرار مادية كبيرة أو نفسية عظيمة – أحدثت إحباط في نشاطه العام ، وانعكس ذلك سلباً في تأدية الوظيفة المناط به لمجتمعه ؛ فأنتجت تلك السلوكيات المذمومة عقدياً ، وقانونياً إلى إحداثِ شُرْخٍ فاصِلاً عميق بين ما يجب فعله لدرء هذه المظالِم عنه ، وبين مخزونه الثقافي دينياً أو كمجمل التراكمات الثقافية الأخرى كتفعيل القوانين الحاكمة المنظمة لكذا أفعال .
لذا حُرِم الظلم بين أفراد المُجتمع الواحد ، وبين المجتمعات الأخرى بعضها لبعض حتى نصنع بسلوك كهذا وضعاً يسودهُ الوئام ، والإخاء بين الجميع ؛ لما للظلمِ من إحداث للقطيعة ، وعدم الثقة بين أفراده ، وعدم الأمان بحفظِ الحقوق العامة ، والخاصة منها ؛ كل هذه النتائج تؤدي إلى تفتيت المجتمع ؛ فتتسبب في إحداث التجمعات السياسية والثقافية والاقتصادية والدينية والنفعية حتى الوصول إلى التجمعات الإرثية البالية منها ، وإبرازها والإعلاء من شأنها بهدف خلق روح مُتناحِرة فتصبحُ المجتمعات بحدود واحدة جغرافية ، ولكن بلا هوية مميزة جامعة لهم بكل ما تحمله الكلمة من جمعِ الكلامِ ، والمعاني لما سبق ذكره .
فيُصبحُ مجتمعاً بلا واقع حديث ، ولا مستقبل حالم جديد ، ويحدث هذا التشكُلُ للمجتمعاتِ بوعي أو بدون وعي من قيادات ملكناهم أمر حياتنا لقيادة مجتمع فيما يفيد دون الإضرار بمصالح الغير من أفراد مُجتمعك الضيق أو الآخر الكبير المسمى الوطن ؛ مُحْتكِماً إلى كل المعارف الضابطة لجعل كفتي المِيزان تأخذ وضع الزاوية المستقيمة "0180" حتى لا تميل إلى اتجاهٍ فتتضررُ مصالح الكثير منا بفعلِك هذا فصيرُ الوضع ككفتي الميزان اختل توازِنُ شوكة رُمانته فاختلفت البيعة فأصبح من وليناه أمور حياتنا من المٌطفِفين !!
والسوء أنواع عديدة والمراد منه في هذا المقال هو عدم تكراره وثباته على الفرد أو المجتمع ؛ مثل داس احد المارة دون أن يقصد على طرف الحذاء أو من طفل رمى فضلات من طعام أمام باب الدار أوقف سيارته أمام مدخل البيت هذه فعال سوء ، ولكن دون قصد وعدم تكرار ، ولا تمتاز بالثبات والديمومة – وغيرها كثير ، ولكن السوء المقصود الذي يترتب عليه ظلم مستمر يحدثُ لمرةٍ واحدهٍ ، ولكن يترتب عليه فعل بأثر رجعي دائم "الأمثلة عديدة" .
كم مباكي ومشاكي لِظلمٍ علنٍ على من ملكناهم أمور حياتنا كقضاة ، ومحافظون ، ومدراء عموم ، ومسئولون كبار كوزراء ورؤساء أو أرباب عمل فيُظلم في حقٍ بدون وجه حق فيتناسى فعله هذا فلا يفلح الظالِمُ حيث أتى ؛ حينها يعيش الفرد مكتئباً بائساً غير نافع ، وهو سلوك خارج عن سنة الخالق ، والظلم وجب رفعه ، وإذا ساد الظلم في مجتمعٍ ما تهرمُ المُجْتمعات ، وتتلاشى يوماً ما حتى ، وإن ظلت قائِمة لحين ، والأمثلة في التاريخ القصصي للقرآنِ وفي التاريخ الحديث عديدة نعيشها .
ومعنى الظلم هو اخذ الحقوق بكل صورها دون وجه حق ، لذا وجب تذكير الظالمين ، ومصدر سوء عاقِبتهم بهذه الأفعال واجبة النصح "تناصحوا" .
يعتبر الخوف من الوقوف في وجه الظالم أحد أهم المصادر الأساسية المؤدية إلى استفحالهِ ، وانتشاره بين أفراد المجتمع فيصبحُ مسيرة حياة غير سوية ؛ هنا طغت المصالح الفردية الآنية على مصالح الغير ، وهي تُبْقي أثراً عميقاً في المجتمعاتِ تاركة نُدب لن تندمل .
والظلم يمنعُ ويعطلُ الطاقات الإبداعية وتقتلُ حوافزه ، فتزداد فجوة التباعد ويتسع اغتراب أفراده عن مجتمعاتها ؛ فتخلق فردا شريراً يجنحُ إلى الجريمةِ ، ويستعملُ كل الوسائل المُمكنة لإحداث شيء من التوازن الداخلي لشخصهِ ، وهنا تنقلب مفاهيم العدل رأساً على عقب نظراً لشعوره بالمهانة والاستعلاء من ظالمه نحوه ، فيظهر في المجتمع فسطاطين فئة ظالمة وفئة مظلومة وإن اختفت عن الأعين ، ولكن لا تخفى عن القلوب المبصرة .
حين تصبحُ مُقدرات أمةٌ توزعُ دون عدل بين أفراد المجتمع الواحد الكبير ؛ فتظهر الشحناء ، والتباغضُ ، والتناحرُ ، والتنافرُ ، وهو ما يسعى إليه الظالِمون تكريسهُ لتفريق الأمة إلى فرقٍ متناحرة تخلقُ عندهم النقمة على كل شيء حتى يصبحُ سلوكا عاماً سائداً بين أفراد كل المجتمع فيصل المجتمع إلى الاضطراب والتنافر كطرفي قطعة حديد المغناطيس كل واحد في اتجاه فيتمايزا في الوطن الواحد إلى طرفين مختلفين ؛ فيصبح بأسهم بينهم شديد ؛ ويعيشون بالغلبة ، والتحايل لا بالتعاون ، والتبادل .
د. عارف محمد احمد علي