كتابات وآراء


الخميس - 06 مارس 2025 - الساعة 02:07 ص

كُتب بواسطة : د. عارف محمد الحسني - ارشيف الكاتب



نستطيع أن نوحد الجهود إذا صدقت النوايا نحو قضايانا العادلة بهدف إحلال السلام الدائم بدل أنصاف الحلول التي لا تخلق بيئة مواتية لتطلعات شعوبنا العربية نحو النماء ، والازدهار ، والاستقرار ، ونبذ الحروب المدمرة للمقدرات الإنسانية والاقتصادية ، بهدف خلق شراكة حقيقية مع العالم قائم على تبادل المنافع بعيدة كل البعد عن الرياء والنفاق ، وإعادة الاعتبار لأمة تعدادها مئات الملايين من البشر بدلاً من مهادنة مستعمر لا يرى فينا غير حيوانات بشرية يجب إبادتها ، عند مقاومته لتحرير الأرض .

فعادة تهتدي السفن من ظلام الليل بالفنار، لتبدد خوف فقدان الطريق ، والمسار ، فهي تشدو مرفأً من أعاصير الرياح ، وهنا يَخَّلِدُ ركابها بعد عناء من شقاء مشهد الضياع؛ فمن الأخبار ما يثلج الصدور فترتوي من عطشها فتكتسي بحلة جديدة بعد أن نضبت آبارُنا فشعرنا بقلق الاندثار ، فهي أساس الحياة ، فالمشكلة تهم الجميع ، ولكن حين يتصدرها أعالي قومها كسِنامِ الجمل ، فهو المَّلاذ وقت شدة للبقاء ، فهو مورد للحياة وقت شُحْ ،ومستقبلها الآمن .

تم تحقيق ذلك بكفتي ميزان هذه الأمة ألا وهُما : المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية ، ومن خلفهما دول الوطن العربي الكبير بمساحته ومقدراته البشرية والمادية والسياسية ، حيث أثبتت وقائع اجتماع الرابع من شهر مارس للعام 2025م الذي أنعقد في أرض الكنانة ، وما خرجت به من بيانات بشأن الهدف من انعقاده يشير لا تنازل عن آمال أمه باحثة عن تحقيق السلام العادل والكامل يترجم على أرض الواقع بدل لغة الاستقواء والتهديد ، ومناورات عدو الأمة المستندة إلى أحلام تاريخية تحرص على تجديدها بين الحين والآخر عند إحساسها بوهن أمتنا العربية والإسلامية .

بتوحيد خطابنا قادرين على إسقاط كل المشاريع التوسعية وتجسيدها واقعاً نحو عالم خالي من الصراعات والأفكار الاستعمارية القديمة والتي تتقاطع مع دعوات السلام التي تطلقها القيادة الجديدة للولايات المتحدة الأمريكية بتهجير شعب من أرضه باعتبارهذه الفكرة هي الطريق الآمن والوحيد للولوج نحو سلام قادراً على الحفاظ على الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط .

نجاح هذا اللقاء وما نتج عنه من بيان ختامي حضي بحاضنة شعبية يفوق تعداد امتنا العربية ، كيف لا ، وكل زعيم امة أكد توافقه التام مع معركة البقاء وتامين احتياجاتها ، وتخفيف المعاناة الإنسانية لشعب يعيش تحت أبشع صورها للتوصل إلى حل سياسي وفقاً لنصوص القانون الدولي ، وقرارات مجلس الأمن وكل قرارات الجامعة العربية بهذا الشأن .

هذا اللقاء من شانِه أن يؤسس لمرحلة جديدة لتوحيد الجهود ، ويُسْهم في إيجاد عمل سياسي أكثر انسجاماً لتمثيل قضايانا العادلة ضد مشاريع الهيمنة والإخضاع ، وسياسة فرق تسد الذي أدرك زعماء الأمة بخطورتها ، ولا يمكن إيقافه إلا بكلمة سواء " نرفض إلحاق الضرر بأي قطر عربي " فلن يكون الثور الأسود في مأمن مهما كانت قوته من غدر العدو المتعطش للأرض والدم عند إنفراده .

إذاً امة بهذا التعداد لن تعجز عن وضع الحلول والمعالجات للخروج برؤية متكاملة موحده لاستعادة امن المنطقة بحلول واقعية مستدامة لا ينكرها عقل ، نلمس فيها إرادة مصرية وتوافق لا شارد عنه ، للتغلب على أطروحات الحلول الغير سوية لقضية عادلة يراد لها التصفية بماركه عربية بصورة فجة ، ضاربة عرض الحائط بكل القوانين والتشريعات التي خطوها عند صنيعة مجالسهم الأممية والحقوقية بعد الحرب العالمية الثانية .

فأمسى لقاء يرتقي إلى مستوى التحديات للوقوف عن كثب لمختلف القضايا والمعوقات ، ووضع الحلول والمعالجات لتجنب كارثة بيئية وإنسانية تحظى باهتمام مؤسسات العالم الحر الذي يفتخروا بتأسيسها ، ومحطة فارقة في قضية عادلة أدخلت المنطقة العربية في استقطابات لم نحصد من ورائِها غير الدمار .

لذا يجب على المجتمع الدولي أن يتعاطى مع مخرجات هذا اللقاء بمستوى عالي من الجدية والحرص على تبني مخرجاته حتى يسود التعايش والقبول بالآخر ، بالإسراع بانجازها واقعاً على أرض محدودة الجغرافيا تعرضت لدمار فاق حرب عالمية .

نتساءل هل مازال الطريق طويلاً حتى نلمس إرادة سياسية عالمية لإنهاء هذا الصراع العربي الإسرائيلي ، لم نطلب الكثير بل احترام تطلعات الشعب الفلسطيني ، وحقه في نيل حريته واستقلاله بقيام دولته على حدود 1967م وعاصمتها القدس الشرقية .

هذا هو النموذج الحقيقي لاحترام القانون الدولي بدل مشاريع التقسيم والاحتلال والتشريد والقتل والتجويع والإذلال وآخرها المطالبة بتهجيرهم ؛ فهذه السلوكيات لن ولم تفضي إلى حل سياسي لقضية هذا الصراع الذي طال أمده نحو أكثر من سبعة عقود مضت .

لقد تابعنا ردود هذا الكيان المغتصب بوضع العراقيل أمام هذه الجهود الباحثة عن سلام حقيقي ودائم ، تريد منا إدانة شعب تعرض للدمار ، فلم نجد إذاً شريك حقيقي نصل معه إلى توافقاً يحقق الغاية ، لأنه مازال المحرك الأساسي لهذا الصراع هي أحلام تاريخية تريد فرضها قسراً وبصورة فجة ؛ لذا يجب على الأمة العربية ترتيب صفوفها وتجهيز ردودها وفق معطيات الاستجابة من العدو المغتصب للأرض .

إذاً حضارية هذا اللقاء ومخرجاته سيظل محل فخر لكل شعوب أمتنا العربية والإسلامية وكل شعوب العالم الحر للتوصل إلى سلام دائم وهو خيارنا الوحيد كرؤية واقعية ؛ لذا يتطلب تأهيله من راعية السلام الأولى كطريق وحيد للشراكة المطلوبة من الطرف الآخر وكبح آمال مستعمر مازال حاضرا في القرن الواحد والعشرين .

د. عارف محمد احمد علي