الإثنين - 24 فبراير 2025 - الساعة 08:08 م
بعد أن فقدت نظري بشكل كامل نتيجة لارتفاع ضغط العين قبل حوالي أكثر من عام وجدت نفسي حبيس المكان جراء الصدمة التي داهمتني بصورة مفاجئة، لكنني سرعان ما استعدت توازني واستفقت من هول هذا المصاب الذي ابتلاني به الله سبحانه وتعالى، والحمدلله على أي حال.
شعرت بأن هذا الابتلاء امتحان من رب العالمين لمدى قدرتي على التحمل والصبر، وقبل ذلك التقبل لأمر الله جل وعلا، فعزمت أن امضي في رحلة علاج هي عبارة عن مشاوير كثيرة وزيارات لمختلف عيادات ومراكز صحية ومستشفيات تخصصية، فخرجت وكأنني أبصر الأشياء وكان الله سبحانه وتعالى يبعث لي وكيل في كل خطوة وفي كل رحلة، كان علي فقط أن اخرج من باب بيتي لأمد إحدى يديا إلى الأمام وأسير بضع خطوات فتتلقفني أيادي كثيرة تتسابق للإمساك بي لتقودني إلى حيث أريد أن أمضي ، أيادي أجدها في كل مكان أذهب إليه ؛ في كل منعطف في كل حافلة في كل مؤسسة صحية، أيادي ناعمة، أيادي أهل الخير الذين لا يطلبون سوى الحصول على الأجر من الله سبحانه وتعالى.
وهنا شعرت بأسارير الفرح والسرور تنتابني وبارقات الأمل تدفعني دفعا للعلاج وعدم اليأس، إلا أنني لم أجد في زياراتي الكثيرة هذه ما يبعث على الطمأنينة في النفس المنهكة التي تبحث عن عوامل تساعد صاحبها على اتخاذ القرار ببدء رحلة علاج يكون خلالها قد أسلم عيني لخالقها ولطاقم طبي وتمريضي يوليها العناية الفائقة وفق نظام وإجراءات على درجة كبيرة من التنظيم والدقة والاهتمام.
احترت في أمري وتأخرت كثيرا في اتخاذ قراري ، وأنا من مستوصف إلى آخر، ومن مركز صحي إلى مستشفى تخصصي، ولم استقر على رأي، هل أوافق على إجراء العملية في عيني اليمنى أم لا؟
ولا اخفي هنا سرا ؛ بأن الخوف كان يتسلل إليَ كلما اقتربت من موعد عملية يقرها طبيبا ما واتحجج بأنني سأفكر في الأمر ريتما أكون جاهزا، حتى قادتني العناية الإلهية التي أحسست بها وهي تدفعني إلى عيادة الدكتور علي علوي بمديرية المنصورة، ومنذ الوهلة الأولى عند دخولي وجدت الأمر مختلفا، الهدوئ يلف المكان رغم اكتظاظه بالمرضى والممرضين، طواقم تتحرك مثل خلية نحل، إجراءات سريعة تمت عند استقبالي، فحوصات عديدة أجريت ، سلاسة، انسيابية في التعامل والإجراءات، ابتسامات عريضة، لم أكن أشاهدها لكنني أحسست بها وهي تخرج من الأفواه من خلال مفردات جميلة وعبارات لطيفة، وأصوات هادئة، لا ضجيج لا ضوضاء سوى سماع أصوات مكيفات الهواء الهادئة.
قابلته في نهاية المطاف ، أخذني بكلتا يديه ليقودني إلى كرسي ويتحدث معي مطمئناً إياي، أسلمت له أمري بعد أن أسلمته لله خالقي جل في علاه هو الشافي الذي ظللني برحمته وقادني إلى حيث وجدت شخصا يهتم بعينيا كما يهتم ويحافظ على عينيه، ونجحت العملية والحمدلله رب العالمين.