الأحد - 14 أبريل 2024 - الساعة 09:43 م
كنا زمان في عدن نعرف الاشخاص من أشكالهم وتصرفاتهم سياراتهم وبيوتهم ومناطق سكنهم فنقول فلان غني وفلان فقير..وفلان وزير وفلان مدير وعلان موظف محترم.. وفلان مثقف وعلان انسان بسيط في معلوماته، فلان أستاذ وعلان طالب، وعلان شبعان أو أبن عائلة
ماكنا نعرف ان فلان أبن السادة أو أبن القبيلة وعلان لا..كانت التصرفات والمظاهر تعبر عن حقائق فلان وعلان.
أصبحنا اليوم لا نفرق بين فلان وعلان ولم تعد الأشكال والأقوال والتصرفات والسيارات والبيوت ومناطق السكن تميز فلان عن علان. حتى الشهادات أصبحت متاحة بشكل مفرط وسهلة المنال. صار بمقدور علان أن يملك أو يبدو أو يصبح مثل فلان مظهرا حتى ضيعنا من هو فلان ومن علان. أصبح جمع المال يسير والحصول على الشهادة الأولية والعليا سهل المنال والوصول إلى المنصب بدعم الآخرين ممكنا وتكوين علاقات أساسها وهدفها مصالح أفراد أو مجموعات.
الكذب زمان كان عيب والفساد حرام، ومخادعة الآخرين صفة قبيحة. واليوم اصبح الكذب مباح والفساد حلال وخداع الآخرين محدقه والغش شطارة والغشاش فردا مهما في المجتمع وأن خالف هذا الأمر الحديث النبوي الشريف يتفاخر اليوم الكاذبون بكذبهم والفاسدون بفسادهم والغشاشون بغشهم. ووصل التفاخر إلى زوجات وأبناء وأشقاء وأقرباء وأصدقاء الفاسدين والكاذبين والغشاشين في جلساتهم وتنقلاتهم. كانت اللقمة الحلال وستر الله هي مطالب الناس وفخرهم بين الآخرين. واليوم أصبح المال مجهول المصدر والمناصب المشتراة والعلاقات القائمة على المصالح أهم ما في حياة أفراد كثيرون ..
كان عدد السرق والفاسدين قليل وعدد الشرفاء كبير أما اليوم فأعداد السرق والفاسدين أزدادت كثيرا وتفرقوا بين الشرفاء الذين تناقصت اعدادهم وأصبحنا لا نفرق بين الفاسد والعفيف وبين السارق والنزيه. اصبح الفاسدون والسرق اليوم لا يخجلون من هذا الوصف وإن حاولوا إبعاده عنهم.
كانت الناس تكره الفساد والسرقة الغش وتبتعد عن مخالطة من ينعت بهذا الوصف...واليوم أصبح كثير من افراد المجتمع يتوجه لهؤلاء ويتفاخرون بعلاقاتهم معهم ويقتدون بهم في حياتهم.
حينما نشير إلى "زمان" في هذا المقال، فإننا نعني هنا ما مر به المجتمع العدني خلال أكثر من 50 سنة ثم نقارنه بما أصبحنا عليه أو ما وصلنا إليه في الوقت الحاضر، ولا نقصد ربط التغييرات التي حصلت في هذا المجتمع بفترة زمنية محددة. وحتى المقارنة هنا تكون من زاوية واحدة من زوايا الحياة المتعددة والمتنوعة. وهذه المقارنة في جميع الأحوال لا تكفي أساسا للحكم على سيرة مجتمع ولكنها ستكون مفيدة لمن يتفق او يختلف معنا في نظرتنا لأنها ستشير إلى حالات قد نراها كل يوم ونحتاج إلى توصيفها وتحليلها.
