الجمعة - 17 يونيو 2022 - الساعة 07:07 م
حينما وقفت أستاذتنا الاستثنائية في الاعلام بجامعة عدن الدكتورة هيفاء المعشي، ذات يوم جنوبي شامخ بشموخ شجاعتها الوطنية المبكرة وجديتها الصارمة أكاديميا ، لتسألنا كطلبة سنة ثالثة من الدفعة السادسة (صحافة واعلام) بجامعة عدن، عما اذا كان هناك ضرورة لوضع ضوابط وإجراءات تنظيمية لحرية الصحافة والاعلام من عدمه؟ وذلك في إطار مساقات مادتها التدريسية "نظريات الإعلام" إلى جانب مادة "الاعلام والتنمية" التي كانت تلخصها بقولها يومها ٢٠٠٤-٢٠٠٥م - وبكل شجاعتها المعتادة - ان من الاستحالة على الإعلام الحكومي ان يساهم بأي جهد تنموي وهو مشغول بأخبار (طلع علي ونزل علي.. وسافر وعاد علي.. ولا رحم الله علي).
المهم.. اجمع الزملاء بالدفعة يومها، على ضرورة وجود ضوابط ولوائح تنظيمية لحرية الصحافة والإعلام، بإستثناء اخوكم العبد لله.. فقد كنت وحدي من رفع يده معترضا على ذلك، حتى أثرت استغرابها للسماع لمبرارات رفضي المغاير لاجماع الكل!
فقلت لها يادكتورتنا العزيزة: اذا لم يكن لدى الصحفي اوالإعلامي رقابة ذاتية وضمير تقييمي داخلي من ذاته وقناعاته، فمستحيل ان يتقيد بأي نصوص او ضوابط وإجراءات قانونية يمكن للجميع اختراقها والالتفاف عليها، اذا لم توجد القناعة الذاتية من الصحفي نفسه لعدم الكذب وتجاوز الخطوط الحمراء المتعلقة باحترام الديانات والمقدسات والتقاليد المجتمعية النبيلة والخشية من التقييم الشعبي الرافض لأي رسالة إعلامية متطرفة او مرفوضة يريد الصحفي او الاعلامي تمريرها إعلاميا.. وهذا هو المحك الحقيقي الكفيل بنجاح وفشل الصحفي في مهنته وقبوله مجتمعيا من عدمه في الأول والأخير.
أعجبت الدكتورة العزيزة بوجهة نظري وتبريرات رفضي لتكبيل حرية الصحافة والاعلام بأي ضوابط وإجراءات إدارية شكلية يمكن للحاكم استخدامها لقمع الصحفيين وتكبيل حرية الرأي التعبير ..
وحينها أخذت الدكتورة فارغة الطول كراسة أبحاثها ودونت رأيي بكل اهتمام والزملاء في حالة صمت يتابعون ما قد ترد به على مبرراتي التي دفعت يومها البعض من الزملاء - أذكر منهم هنا صاحب التوقيع الشهير وسيم شميس - للاعتراض ومحاولة مقاطعتي عن إكمال فكرتي، غير أن الدكتورة وافقت وأشادت برأيي حول ضرورة وجود رقابة ذاتية من الصحفي نفسه لعمله بالفعل وتقييم ذاتي لكل مايريد نشره قبل التفكير بأي ضوابط يمكن فعلا إساءة استخدامها كذريعة لقمع حرية التعبير وتكميم الأفواه.
ولكن.. من كان يتوقع من الزملاء في الدفعة وغيرها، أن تلك الدكتورة بكل قدراتها الأكاديمية الكبيرة وإمكانياتها العلمية لتدريس مواد تخصصية تخصصية نوعية لطلاب الإعلام بالعربي والانجليزي، لم تحضى بوظيفة رسمية في جامعة عدن، وكانت تعمل متعاقدة مقابل مخصص تافه يرصد لها عن كل محاضرة فقط وأعتقد انها اضطرت بعدها للهجرة مجددا خارج اليمن لاستكمال دراساتها العليا والاستقرار للتدريس في جامعات عربية ودولية.
والسبب يكمن في تقديري فقط في شجاعتها الرافضة لفساد النظام الحاكم ومناهضتها له علنا من يومها وفي اسقاطات محاضرتها الجامعية إلى حد مخاطبتها للعسكر ومن كانت تصفهم بالنواميس داخل القاعات، بأنها تعرف بوجودهم وتتمنى ان يوصلوا صوتها ورأيها للمسؤولين عليهم بكل أمانة، وفي الوقت الذي كنا نصطدم فيه بدكاترة بمستويات كارثية بكل مافي الكلمة من معنى ولا يجيد بعضهم والله حتى الكتابة بإملاء صحيح وشكلوا صدمة لا أزال اعيش مرارة انتكاستي بهم حتى اليوم.
#ماجد_الداعري