أخبار وتقارير

الأربعاء - 23 أبريل 2025 - الساعة 12:48 م بتوقيت اليمن ،،،

إرم نيوز


يذهب خبراء إلى أن استهداف الولايات المتحدة منصّة "رأس عيسى" النفطية، يضع ميليشيات الحوثيين أمام اختناق لوجستي وتمويلي حاد، قد يؤدي إلى تآكل تدريجي في قبضتهم على بعض المناطق، وخلق اضطرابات داخلية بين أجنحتهم المختلفة، بسبب تضارب المصالح وتناقص الموارد.

وفي وقت لا تزال فيه الأعطال تلاحق مركبات اليمنيين جراء انتشار الوقود المغشوش، يخيّم شبح الأزمة النفطية على مناطق سيطرة ميليشيا الحوثيين، بعد أن قضت واشنطن بضرباتها العنيفة، على منصة استيراد منتجات البترول والغاز الوحيدة، غربي البلاد.

ويأتي تعطيل منشأة "رأس عيسى" النفطية الخميس الماضي، بعد أسبوعين من بدء الولايات المتحدة حظر وصول سفن المشتقات النفطية وتفريغها في موانئ الحديدة، الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثيين، باعتبار الوقود أحد مصادر دعم عمليات الميليشيا العسكرية، وتمويل "جهودهم الإرهابية"، طبقا لبيان القيادة المركزية الأمريكية.

وعلى الرغم من محاولات حكومة "الحوثيين"، غير المعترف بها دوليا، طمأنة السكان بـ"استقرار الوضع التمويني للوقود"، وتأكيدات "شركة النفط" الخاضعة لسيطرة الميليشيا، بأنها اتخذت "الإجراءات والاحتياطات اللازمة لأي طارئ"، تشير مؤسسة "موانئ البحر الأحمر"، إلى تعرّض "أحد أعمدة تأمين الوقود الرئيسية للشعب اليمني، لأضرار جسيمة تعيق خدماته".

وتواجه المناطق اليمنية الواقعة تحت سيطرة ميليشيا الحوثيين، الأكثر كثافة سكانية، صعوبات بالغة في الحصول على المنتجات النفطية المرتبطة بشكل وثيق بالحياة المعيشية، في ظل خروج منصة الاستيراد الوحيدة المتبقية عن الخدمة، واستمرار الحظر الأمريكي، والتراجع الكبير في قدرات استيعاب الوقود المستورد، بعد الدمار الواسع الذي أحدثته الهجمات الإسرائيلية العام الماضي في معظم الحاضنات النفطية بموانئ الحديدة، وامتدادها إلى خزانات المحطات الكهربائية بالحديدة والعاصمة صنعاء.

تهديد مباشر

ويعتقد محلل الشؤون الأمنية، عاصم المجاهد، في حديثه لـ"إرم نيوز"، أن "الحوثيين" مقبلون على مواجهة "أخطر الأزمات التي لن تكون عابرة أو قصيرة الأمد، بل مرشحة لأن تحدث شللا واسعا على المستويين المعيشي والعسكري".

وأشار إلى تأثيرات متعلقة بحياة المدنيين في مناطق ميليشيا الحوثيين، من الناحية المعيشية والخدمية، نظرا لارتباط الوقود بشكل مباشر بوسائل النقل وخدمات الكهرباء والاتصالات ومضخات المياه وعمل المستشفيات وغيرها، "وهذا ما يجعل انعدامها تهديدا مباشرا لحياة الناس، في ظل انعدام البدائل الفاعلة، وغياب قدرة الدولة المركزية على معالجتها".

وقال المجاهد، إن شحّ الوقود سيؤدي إلى "انكماش النشاط التجاري والزراعي وتضخّم الأسعار، ما سيفاقم من عمق الأزمة الاقتصادية والإنسانية في اليمن، ومن ثم يضاعف احتمالات السخط الشعبي، خاصة في المناطق التي تبدي تململا متزايدا من سلطة ميليشيا الحوثيين، ومع ذلك لابد من تحركات موازية، تمنع انهيار حياة المدنيين بشكل كامل، لتفادي وقوع كارثة إنسانية".

اختناق لوجستي

وفيما يتعلق بالجانبين العسكري والأمني، أكد أن "الحوثيين" "يعتمدون بشكل كبير على الإمدادات النفطية الإيرانية والعراقية التي تدخل على شكل مشتقات، ثم يتم بيعها في السوق المحلية، لتتحول إلى أموال تموّل الميليشيا وعملياتها العسكرية، وتغذّي شبكات النفوذ، ولا شك أن لديهم مخزونا من الوقود، لكن هذا المخزون سيوجه نحو الأنشطة العسكرية ولن يستفيد منه المواطن".

وذكر أن استهداف منصّة "رأس عيسى"، يضع الميليشيا أمام اختناق لوجستي وتمويلي حاد، قد يؤدي إلى تآكل تدريجي في قبضتهم على بعض المناطق، وخلق اضطرابات داخلية بين أجنحتهم المختلفة، بسبب تضارب المصالح وتناقص الموارد.

وبحسب المجاهد، فإن الأزمة اليمنية حاليا في منعطف حساس، "واستمرار الضغوط على هذه الوتيرة، قد يشكّل ورقة استراتيجية قوية وحاسمة لإضعاف الحوثيين، ويجبرهم على البحث عن بدائل باهظة الثمن، أو الدخول في صفقات سياسية اضطرارية مع الحكومة الشرعية، التي تسيطر على آبار النفط ومرافئ الاستيراد المفتوحة، وهو ما يفتح الباب لتحولات أوسع في المشهد اليمني سياسيا وعسكريا".

بوادر ظاهرة

وبدأت بوادر الأزمة في الظهور مع انخفاض حجم المعروض من غاز الطهو المسال، وتراجع معدلات توزيعه في مناطق ميليشيا الحوثي، وسط تزايد الطلب وحاجة السكان اليومية إلى ما يتخطى 20 ألف طن يوميا.

وذكرت تقارير محلية، أن "الحوثيين" أصدروا خلال الأيام الماضية، تعليمات داخلية لمحطات تموين الوقود، بخفض الحصص اليومية المباعة للسكان، وتخصيص جزء منها للأنشطة العسكرية.

وفي محاولة لإبطاء تداعيات الحظر الأمريكي، استبق "الحوثيون" سريان القرار، باستيراد كميات كبيرة من الوقود الشهر الماضي، غير أن معظمها تسبب في أعطال فادحة لآلاف السيارات ومولدات الطاقة الخاصة بالمواطنين، ما أدى إلى خلق حالة من السخط الشعبي، نتيجة غياب الرقابة والفحص، والسماح بدخول وقود مغشوش غير مطابق للمواصفات

خيار وحيد

بدوره، أشار المدير العام لشركة النفط اليمنية في محافظة الحديدة، المهندس أنور العامري، إلى أن الحكومة اليمنية أكدت مرارا جاهزيتها لتأمين احتياجات المواطنين في مختلف مناطق البلاد، من الوقود والغاز، بما فيها الواقعة تحت سيطرة ميليشيا الحوثيين.

وقال العامري، المعيّن من الحكومة الشرعية في حديثه لـ"إرم نيوز"، إن امدادات الوقود للمناطق الخاضعة لسيطرة الميليشيا كانت تصلها من المناطق الحكومية إلى ما قبل استئناف النشاط الملاحي في ميناء الحديدة، بموجب اتفاقية الهدنة الأممية في العام 2022.

وذكر أن الجهات الحكومية هي المخولة والمؤهلة لتوفير الوقود، ولديها كامل القدرات الاستيعابية، سواء كان منتجا محليا أم مستوردا، ويمكن من خلالها توزيع المشتقات النفطية كحصص محكومة بالأسعار العالمية، ونقلها برّا إلى مختلف الأراضي اليمنية.

وأكد أن أي حلول أخرى لتجنب الإضرار بالسكان في مناطق ميليشيا الحوثيين، ستكون غير ممكنة في ظل خضوع موانئ الحديدة وشركة النفط اليمنية في تلك المناطق لسلطة الميليشيا.

وشدد العامري على أهمية إيقاف النشاط الملاحي في موانئ الحديدة، وحصر النشاط على المرافئ الواقعة ضمن نفوذ الحكومية الشرعية، لضمان فرض حصار اقتصادي فعال ضد ميليشيا الحوثيين، والحدّ من وصول شحنات الأسلحة المهرّبة عبر المنافذ البحرية واستخدامها كغطاء لأنشطتهم العسكرية.