أخبار وتقارير

الأحد - 16 مارس 2025 - الساعة 09:23 م بتوقيت اليمن ،،،

بشير الهدياني


منذ تعيينه رئيسًا للحكومة، لم يكن أحمد عوض بن مبارك رجل دولة حقيقيًا بقدر ما كان شخصية تمارس نهجًا تصادميًا، أدى إلى تفاقم الأزمات بدلاً من حلها،فمنذ توليه، شهدت البلاد انهيارًا اقتصاديًا متسارعًا، وتراجعًا واضحًا في مؤشرات الاستقرار، في وقت يفترض أن تكون الحكومة أداةً لمعالجة المشكلات، لا لخلقها أو تعقيدها.

في الحقيقة بن مبارك لم يكن في موقع المسؤول الذي يسعى إلى إيجاد حلول، بل بدا وكأنه يدير الأزمات بأزمات أخرى، محاولًا تسويق نفسه كحامل لواء محاربة الفساد، بينما الواقع يشير إلى العكس تمامًا،فالقرارات التي اتخذها لم تكن إصلاحية، بل تعسفية، بدءًا من تجاوزه لصلاحياته، إلى اتخاذ قرارات غير مدروسة، مثل قطع الموازنات التشغيلية للوزارات، دون تقديم بدائل واضحة، الأمر الذي شلّ العمل الحكومي وأثر بشكل مباشر على آلاف الموظفين والمؤسسات التي يعتمد عملها على هذه الميزانيات.

ما يعكس نهج بن مبارك، ليس فقط قراراته التي أربكت المشهد الحكومي، بل أيضًا محاولاته المستمرة لخوض مواجهات جانبية مع الوزراء، متجاوزًا دوره كرئيس حكومة كان الأجدر به أن يكون عامل توازن، لا سببًا في اتساع رقعة الخلافات داخل السلطة التنفيذية. وإذا كان يرى في محاربة الفساد وسيلة لإثبات نفسه، فلماذا لم يطبق هذا النهج حين كان وزيرًا للخارجية؟ إذ أن وزارة الخارجية خلال فترة إدارته كانت غارقة في الفوضى والفساد، ولم يكن هناك أي شفافية فيما يتعلق بإدارتها المالية، وهو ما كشفت عنه إدارة الوزير الحالي-الدكتور شائع محسن الزنداني -والتي أعلنت عن توفير أكثر من 14 مليون دولار خلال اقل من عام ، وهي مبالغ كانت تُهدر في السابق.

للعلم يابن مبارك ان الإصرار على التمسك بالسلطة رغم وضوح الفشل، لا يعكس إلا حالة من العناد السياسي، والتشبث بالمنصب على حساب معاناة المواطنين،والمؤسف أن هذا العناد لا يواجه أي محاولات جادة لتصحيحه، ما يجعله متماديًا في قراراته التي زادت الأوضاع تعقيدًا.

من الذي يمنح بن مبارك كل هذا الغرور السياسي ليضع نفسه فوق الرئيس وقيادة المجلس الرئاسي،ومن هي الجهة التي تدعمه ليتمادى في سياساته العبثية وكأنه في مأمن من المحاسبة؟ من يقف خلفه، يقف عمليًا ضد إرادة الشعب، ويؤسس لمزيد من الأزمات بدلًا من حلها، فـ ان استمرار هذا النهج دون تدخل حاسم لن يؤدي إلا إلى مزيد من التعقيد والانهيار، فهل ينتظر الجميع حتى تصل الأمور إلى نقطة اللاعودة

الحل الأمثل اليوم، قبل أن تتفاقم الأزمات أكثر، هو أن يدرك بن مبارك أن رحيله لم يعد مجرد خيار سياسي، بل ضرورة ملحة لإنقاذ ما تبقى،وإن لم يدرك ذلك الآن، فسيجد نفسه أمام واقع يفرض عليه المغادرة، ولكن حينها سيكون الوقت قد فات، والثمن قد أصبح باهظًا.