أخبار وتقارير

الأحد - 09 فبراير 2025 - الساعة 11:30 م بتوقيت اليمن ،،،

كتب التعليق أ. د. عبدالله عبدالله عمر جامعة لحج


توطئة قبل ذكر تعليقنا العام على القصيدة، نورد تعليقًا خاصًا بما نظنُّه أروع بيت في القصيدة، أبدع فيها شاعرنا – رحمه الله - وهو قوله: ولم تزل لحج تعطي لم تجف آبار
في هذا البيت تصوير ما أروعه من تصوير، يحمل دلالات كثيرة تشير إلى أنّ لحج نبع لا ينضب، وسيل يتدفق، ونهر لا يجف، وروعة البيت أنّه وظّف الحسي في تصوير المعنوي، بل روعته في أنّه جمع للحج بين آبار الماء التي تسقي الزرع فتحيا به البلاد و يرتزق العباد، وآبار المقصود بها العلم والثقافة والأدب، بل يمكن عدَّ (آبار) تورية، فهي تحمل معنى قريب (آبار الماء للسقي) ومعنى بعيد ( أهل العلم والثقافة)، وفيها استعارة تصريحية، فقد استعار (آبار) لأهل العلم والأدب والثقافة، وفي قوله: (لم تجف) كناية عن أنّ لحج لا ينقطع فيها الإبداع ولا ينتهي، ف (لحج) على الرغم من التهميش والإهمال لا زالت نساؤها تلد المبدعين.
التعليق العام:
قصيدة (لحج الثقافة)، عنوان أبدع فيه شاعرنا ناصر مشبح – رحمه الله – فجعل لحج هي الثقافة، والثقافة هي لحج، وقد أصاب الشاعر ناصر مشبح – رحمه الله – كثيرًا، فلحج منارة العلم والثقافة، وماضيها شاهد على ذلك، ولولا عوادي الزمن وحملة الجهل ومعاول التجهيل، لُعدّت اليوم من منارات العلم ليس في اليمن بل في الوطن العربي.
في هذه القصيدة (لحج الثقافة) يتغنى الشاعر الحسّاس المحب لبلدته لحج وعاصمتها الحوطة ناصر مشبح، ويُعدِّد محاسنها وما حوته من علم وثقافة وأدب، ويتغنى بأديبها الألمعي أحمد القمندان وابن سبيت- رحمهما الله – ويختم شاعرنا ناصر مشبح – رحمه الله – قصيدته بأبيات تُكمل ما حمله عنوانها بل تفسره أحسن تفسير؛ فقد ذكر الأدب والعلم والفكر، والقصيدة سلسة، ذات ألفاظ سهلة مستأنسة في الاستعمال، يقول في قصيدته:
لحج الثقافة ومهد الفن والأشعار
في الحصن أو زنجبار
شهود هابل ومحضار
في هذه الاستهلالة يشير الشاعر ناصر مشبح إلى أنّ لحج مهد الفن والأشعار، وفي هذا إشارة إلى أصالة لحج في قول الشعر، حتر قيل إنّ أخوال الشاعر عمر بن أبي ربيعة من لحج ( سمعتها من أستاذنا صالح البطل رحمه الله عز وجل)، ثم ينادي شاعرنا ناصر مشبح رحمه الله لحج، ويصفها بصفات تكشف عن أساطين الثقافة فيها، فيقول:
يا دار أحمد دار الصَّحب والشُّعار
يا دار جيل الكبار
ذي خلّفوا خير آثار
جمعتِ يا دار صفوة للأدب أخيار
فلحج دار الأمير الأديب الشاعر أحمد القمندان، وهي دار الأصحاب والشعراء، الذين خلّفوا خير الأثار و أجملها، وهي دار الأدب والأدباء الأخيار. ثم يشير إلى أنّ لحج أرض زراعة، ويربط خضرتها بذكر منتدى القمندار، إشارة إلى علاقة الأدب بالخضرة وما حوته من محاسن، فيقول:
في لحج أرض الخضار
ومنتداه القمندار
في منتدى أحمد أبو الأشعار و الأفكار
روَّاد وسادوا جهار
بعزم ثابت وإصرار
أغاني من لحج هبّت معظم الأمصار
بعيد أو في الجوار
ذاعوا بها دون أشعار
ولم يقتصر شاعرنا ناصر مشبح -رحمه الله عز وجل -على ذكر ماضي لحج الذهبي علمًا وتعليمًا و أدب وثقافة، بل أكد على أنّها لا زالت تتمتع بكل ما ذكره من محاسن، فيها إبداع، فيقول:
ولم تزل لحج تعطي لم تجف آبار
في حوطته بالجفار
إبداع حاضر و زخَّار
وقد خص شاعرنا – رحمه الله – حوطة لحج حاضرة السلطنة العبدلية التي عصفت بها عوادي الزمان، وأعداء العلم والإزدهار بأنّها دار إبداع حاضر وزاخر، ثم يقول:
لم يكن ذا تعصُّب لا ولا إشهار
لحوطتي وافتخار
تاريخ قائل وآثار
وما ذكره الشاعر في لحج وعاصمتها الحوطة ليس تعصبًا ولا افتخار بل هو تاريخ يتحدث و آثار تشهد، فقوله: تاريخ قائل، أي أنّ تاريخ لحج هو من يتكلم ويقول: إنّ كل ما يذكر الشاعر حقيقة لا تعصب ولا افتخار، ثم يختم الشاعر قصيدته (لحج الثقافة) بإكمال صورة ما بدأه وبيان حكمه للحج بأنّها لحج الثقافة، فيقول:
ونا مع ابن هادي دوب في ذار الدار
دار الأدب والوقار
والعلم أيضًا والفكار
رحم الله شاعرنا الرائع العاشق للحج وحوطتها ناصر مشبح الذي زاد حب لحج وحوطتها في قلوبنا ورغّبنا في الغوص في ماضيها الذهبي قبل أن يعشش فيها خفافيش اظلام ويفسدون روعتها وجمالها وبراءتها.