عرب وعالم

السبت - 12 أبريل 2025 - الساعة 06:29 م بتوقيت اليمن ،،،

العرب


قالت إيران الجمعة إنها ستمنح محادثات مسقط مع الولايات المتحدة المقررة اليوم السبت “فرصة حقيقية”، بعد أن هدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بقصفها إذا فشلت المحادثات، في وقت يعتقد فيه الإيرانيون أن المهم إجراء المحادثات دون مشاكل وإعطاء الانطباع بأن طهران جادة في التفاوض، وأن كسب ثقة الأميركيين سيمكنها من امتصاص غضب ترامب وشراء الوقت.

ويرى مراقبون أن توالي التصريحات الرسمية الإيرانية التي تحث على الحوار يخفي تقييما داخليّا ووعيا رسميا بأن إدارة ترامب يمكن أن تستهدف إيران بضربات قوية على شاكلة ما يجري في اليمن، وأن لا أحد يعرف ما يفكر فيه الرئيس الأميركي، وهل أن ضرباته ستكون جزئية لتحقيق الضغط السياسي أو ستكون عملا واسعا يطال قطاعات حيوية مثل النفط والمنشآت النووية؟

ويدفع الغموض الذي يحيط بالرد العسكري الأميركي الإيرانيين إلى التعامل معه تعاملا جديا؛ وذلك بإظهار الحرص على الظهور وإعطاء المفاوضات فرصة حقيقية لعقدها أولا ولإقناع الأميركيين بأن طهران حريصة عليها وماضية فيها ولو بتقديم تنازلات شكلية إلى حين حدوث انفراجة في الأزمة مع واشنطن.

ولم تنحصر رسائل التهدئة في تصريحات المسؤولين الإيرانيين، فقد بادرت طهران بإظهار حسن النوايا عبر دعوة أذرعها في المنطقة إلى التحرك في هذا السياق بشكل متزامن وإعلان الاستعداد للتخلي عن السلاح. وكان قادة في الحشد الشعبي قد أعلنوا استعدادهم لنزع السلاح وحل الميليشيات التي ينتمون إليها والاكتفاء بالانخراط في العملية السياسية، وهي الخطوة نفسها التي أعلن عنها حزب الله ولو بشكل غامض حتى لا يبدو كأنه تحت الضغط عبر حصر الحوار بشأن السلاح مع المؤسسات الرسمية اللبنانية، لكن النتيجة واحدة.

ووفرت سلطنة عمان للإيرانيين قشة النجاة بعرض رعاية حوار أميركي – إيراني، ما أتاح لهم فرصة كسر حالة التوتر القصوى بينهم وبين واشنطن، مستفيدين من مصداقية مسقط لدى الإدارات الأميركية المتعاقبة.

لكن الإيرانيين يعرفون أن دور سلطنة عمان يقف عند توفير فرصة الحوار وأن مهمة طهران تكمن في إقناع ترامب عن طريق خطوات عملية واضحة، سواء في ما يخص البرنامج النووي أو النفوذ الإيراني في المنطقة، وهما ملفان متساويان، والتفاوض يتم بشأنهما وليس حول البرنامج النووي فقط، ما يتيح لإيران تحويل المفاوضات إلى نقاشات تخصّ تفاصيل تقنية وإجرائية يمكن أن تدوم أشهرا.

وسيكون الاتفاق بشأن النفوذ الإيراني في المنطقة هو مفتاح الحوار، وهذا ما جعل طهران تطلب من ميليشيات الحشد في العراق وحزب الله في لبنان إعلان نوايا نزع السلاح. ويبقى العنصر الأهم هو الضغط على الحوثيين لوقف هجماتهم على الملاحة الدولية، وهو ما ينتظر أن يتم بعد لقاء مسقط.

ولا يبدو أن محادثات مسقط تحتمل المناورة أو شراء الوقت كما دأب الإيرانيون أن يفعلوا في السابق، إذ أن ترامب ما فتئ يلوّح بالرد العسكري سواء من القوات الأميركية وحدها أو بالشراكة مع إسرائيل.

وفي رد على سؤال بشأن خيار العمل العسكري، قال ترامب “إذا لزم الأمر، تماما.” وأضاف “إذا تطلب الأمر تدخلا عسكريا، فسيكون هناك تدخل عسكري. وإسرائيل بطبيعة الحال ستكون مشاركة بقوة في ذلك، وفي مركز القيادة.”

وسادت تكهنات واسعة النطاق بأن إسرائيل قد تهاجم، ربما بمساعدة الولايات المتحدة، منشآت إيرانية إذا لم يتم التوصل إلى اتفاق جديد. والاثنين الماضي أعلن ترامب بشكل مفاجئ أن واشنطن وطهران تعتزمان بدء محادثات في سلطنة عمان، التي توسطت بين الغرب وطهران من قبل.

وقالت وسائل إعلام رسمية إيرانية إن المحادثات ستجري بقيادة وزير الخارجية عباس عراقجي والمبعوث الرئاسي الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، بوساطة وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي. وقالت وزارة الخارجية الإيرانية الجمعة إن على الولايات المتحدة أن تقدر قرار طهران الانخراط في المحادثات، رغم “دعايتها العدائية الدائمة”، في إشارة إلى الاتهامات الأميركية المستمرة لطهران.

وكتب المتحدث باسم الوزارة إسماعيل بقائي في منشور على موقع إكس “نعتزم تقييم نوايا الطرف الآخر وجديته يوم السبت… وبحسن نية وبكل يقظة، نعطي للدبلوماسية فرصة حقيقية.” وأكد علي شمخاني، مستشار المرشد الأعلى علي خامنئي، الجمعة أن طهران ستبحث عن اتفاق “حقيقي وعادل” في المباحثات مع الولايات المتحدة بشأن ملفها النووي السبت.

وكتب شمخاني، وهو الأمين السابق للمجلس الأعلى للأمن القومي، على منصة إكس “وزير الخارجية الإيراني في طريقه إلى عمان بكامل الصلاحيات لإجراء مفاوضات غير مباشرة مع أميركا. بعيدا عن الاستعراض والحديث أمام الكاميرات، تحاول طهران التوصل إلى اتفاق حقيقي وعادل.” وأضاف “مقترحات هامة وقابلة للتنفيذ جاهزة. إذا دخلت واشنطن في اتفاق بصدق، فإن الطريق إلى الاتفاق سيكون ميسرا.”

والخميس احتدّت اللهجة بين الجانبين؛ إذ لوّحت طهران عن طريق شمخاني باتخاذ “إجراءات رادعة” إذا تواصلت التهديدات بحقها، تصل إلى حد “طرد” مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، بعدما هدد ترامب بعمل عسكري ضد إيران في حال عدم التوصل إلى اتفاق.

وردا على ذلك اعتبرت وزارة الخارجية الأميركية أن طرد طهران مفتشي الوكالة التابعة للأمم المتحدة “سيشكل تصعيدا وخطأ في الحسابات من جانب إيران،” وأن “التهديد بمثل هذا العمل لا ينسجم بالطبع مع تأكيدات إيران بشأن برنامجها النووي السلمي.”

وقبيل الاجتماع واصلت واشنطن سياسة “الضغوط القصوى”، معلنة فرض عقوبات على إيران استهدفت أخيرا شبكتها النفطية وبرنامجها النووي. وقلّل رئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية محمد إسلامي الجمعة من تأثير هذه الخطوة. وقال “لقد مارسوا أقصى الضغوط من خلال العقوبات المختلفة، لكنهم لم يتمكنوا من منع البلاد من المضي قدما.”

وبعد أعوام من المفاوضات الشاقة أبرمت طهران وست قوى كبرى، منها الولايات المتحدة وروسيا والصين، اتفاقا بشأن برنامجها النووي عام 2015، أتاح فرض قيود على برنامج الجمهورية الإسلامية وضمان سلميته، لقاء رفع عقوبات اقتصادية، وهو الاتفاق الذي ألغاه ترامب لاحقا.