عرب وعالم

الأربعاء - 09 أبريل 2025 - الساعة 06:20 م بتوقيت اليمن ،،،

العرب


كشفت زيارة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان إلى واشنطن حجم التعويل الذي تضعه الرياض على زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى السعودية الشهر القادم، وأكدت حجم المراهنة التي تضعها الحكومة السعودية على مكانتها لدى إدارة ترامب وأنها تسعى كي تكون على رأس قائمة الدول الحليفة، سواء سياسيا أو عسكريا، أو أن تجد لها موطئ قدم محسوسا في هزة اقتصادية غير مسبوقة ترتبط بقرارات كبرى اتخذها ترامب بخصوص الرسوم على الواردات.

وبإرسال وزير خارجيتها إلى واشنطن لترتيب زيارة ترامب تكون السعودية قد قلبت القواعد الدبلوماسية، حيث كان يفترض أن يتحول وزير الخارجية الأميركي أو مبعوث من ترامب إلى الرياض لترتيب محتوى الزيارة وليس العكس.

ويعتقد متابعون للشأن الخليجي أن الزيارة ستكشف مدى التقارب أو التباعد بين المملكة وإدارة ترامب، مشيرين إلى أن الرئيس الأميركي، الذي يريد تغيير المعادلات، لن يكتفي بتوقيع اتفاقيات حول الاستثمارات السعودية، فهذا سيكون تحصيل حاصل، وأنه سيعمل من خلال الزيارة على تحقيق نتائج أخرى تتعلق بملفات مثل الموقف من إيران وتسريع التطبيع وانضمام المملكة إلى مسار الاتفاقيات الإبراهيمية، وكذلك موضوع النفط ودور السعودية في توجيه دفة أوبك+ باتجاه ما يسعى إليه ترامب.

ولا تريد السعودية أن تكون على هامش شبكة العلاقات التي يؤسس لها ترامب، أو أن تبدو وكأنها تقف ضد سياساته كما كانت تتعامل مع الرئيس السابق جو بايدن، إذ أن الأمر مختلف كليا، خاصة مع الحملة القوية التي يقوم بها الرئيس الأميركي خارجيا في موضوع الرسوم، بما لا يسمح لأيّ جهة بالوقوف في وجه خططه.

وأرسلت المملكة أولى الإشارات بخصوص رغبتها في أن تكون في صف ترامب من خلال دورها في زيادة الإنتاج داخل أوبك+ وخفض أسعار النفط بالرغم من أن المبرر في ظاهره بدا معبّرا عن غضب سعودي من عدم التزام بعض أعضاء المجموعة بالحصص المخصصة لهم، لكنه في النهاية يخدم سياسة ترامب في خفض أسعار النفط.

وجاءت الخطوة السعودية من قبل أن يطلب الرئيس الأميركي خفض الأسعار بشكل معلن واعتبرت حركة ذكية ضمن سلسلة الخطوات التي تجهزها المملكة لاستقبال ترامب مع بداية الشهر القادم، بالرغم من أن خفض الأسعار إلى 65 دولارا للبرميل أو ما دون ذلك يضر بمصالح السعودية وخطط ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ضمن رؤية 2030.

لكن لا يعرف مدى قدرة الرياض على الاستجابة لمطالب ترامب الأخرى، وعلى رأسها التشدد في الموقف من إيران، في وقت وجد فيه السعوديون أن الحوار مع طهران يمثل بوابة لحل مشاكلهم الإقليمية، وخاصة وقف حرب اليمن التي أضرت بخطط السعودية في الداخل.

ولا يقدر السعوديون على أن يحققوا رغبتهم في أن يكونوا على رأس الدول الحليفة لترامب في الخليج والشرق الأوسط عموما، وفي نفس الوقت يحافظون على علاقات تهدئة مع إيران وتبادل زيارات وإجراء لقاءات حوار مباشرة حتى ولو كان ذلك في بلد ثالث مثل العراق أو سلطنة عمان.

ويضاف إلى رغبة ترامب من السعوديين وقف مسار التقارب مع طهران أمر آخر مهم، وهو تسريع التقارب مع إسرائيل والمضي بخطوات عملية في إنجاح التطبيع ضمن مسار الاتفاقيات الإبراهيمية الذي أرساه ترامب خلال ولايته الأولى ويتحمس للمضي فيه وضم دول عربية أخرى إليه، ومن المنطقي أن تكون المملكة على رأس قائمة الأعضاء الجدد، ما يزيد من الحرج السعودي خاصة أن الرياض كانت تشترط المضي في مسار حل الدولتين للانخراط في التطبيع، وهو أمر غير ممكن حاليا، وأكثر من ذلك فهو يتعارض مع مقاربة ترامب في الملف الفلسطيني.

وسيكون من الصعب على السعوديين المضي في مسار التطبيع مع استمرار الحرب في غزة وتمسّك إسرائيل وترامب بفكرة التهجير في تناقض مع تصريحات المسؤولين السعوديين المعارضة لذلك.

لكن المتابعين يرون أن ما يهم السعودية الآن هو تأمين زيارة ترامب أولا وضمان نجاحها سياسيا وإعلاميا واستثمارها في اتجاه تأكيد أهمية السعودية ووزنها في إستراتيجية واشنطن الجديدة في الشرق الأوسط، أما بقية الملفات الخلافية فسيتم حلها مع الوقت، وهو ما سيحرص الأمير فيصل بن فرحان على تأكيده خلال زيارته التحضيرية لزيارة ترامب.

وقال مصدر مقرب من الديوان الملكي السعودي لرويترز إن وزير الخارجية السعودي وصل إلى الولايات المتحدة الثلاثاء في زيارة رسمية تستهدف التخطيط لزيارة ترامب المتوقعة إلى المملكة هذا الربيع. وأضاف المصدر أن الأمير فيصل سيناقش أيضا الوضع في غزة والحوثيين في اليمن مع مسؤولي الحكومة الأميركية.

وتابع المصدر أن الزيارة كانت مقررة قبل إعلان الرسوم الجمركية الأميركية الأسبوع الماضي. وهز قرار ترامب بشأن الرسوم الأسواق وأثار مخاوف من حدوث ركود عالمي قد يؤدي إلى انخفاض أسعار النفط، الذي يأتي على رأس الصادرات السعودية.

ويخطط ترامب لزيارة السعودية في وقت مبكر من مايو لتوقيع اتفاقية استثمار فيما ستكون أول زيارة خارجية له في ولايته الثانية، مع التخطيط أيضا للتوقف في قطر والإمارات.

وجعل ترامب السعودية وإسرائيل المحطتين الأوليين في أول جولة خارجية له خلال ولايته الأولى في 2017.

واجتمع الرئيس الأميركي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض الاثنين وناقشا اقتراحا أميركيا بالسيطرة على غزة. وقوبلت خطة ترامب باستنكار دول في أنحاء العالم منها السعودية. وقال ترامب الاثنين إنه يود أن تتوقف الحرب في غزة ويعتقد أن ذلك قد يحدث قريبا نسبيا.

وفي اليمن، تشن الولايات المتحدة غارات جوية على الحوثيين المتحالفين مع إيران في محاولة لإجبار الجماعة على إنهاء هجماتها على الملاحة في البحر الأحمر. وهذه الضربات الجوية هي أكبر عملية عسكرية أميركية في الشرق الأوسط منذ تولي ترامب منصبه في يناير.