أخبار اليمن

الإثنين - 07 أبريل 2025 - الساعة 07:45 م بتوقيت اليمن ،،،

إرم نيوز


في تحوّل قد يُعيد رسم خريطة الصراع في اليمن ويُنعش الآمال بحل سياسي طال انتظاره، تبرز تساؤلات حول مآلات الميدان والسياسة في حال قررت طهران التخلي عن دعمها الاستراتيجي لميليشيا الحوثي.

وعلى مدى سنوات، شكّل الدعم الإيراني عاملًا حاسمًا في تعزيز نفوذ الحوثيين وإطالة أمد الحرب، لكن أي تغيير في هذه المعادلة قد يحمل تداعيات إقليمية واسعة، تبدأ من ساحات القتال في اليمن، ولا تنتهي عند ممرات الملاحة الدولية في البحر الأحمر.

واعتمدت ميليشيا الحوثي في اليمن، على مدار سنوات، على الدعم الذي تلقّته من إيران، ولا سيّما في ما يتعلق بتعزيز نفوذها، وإطالة أمد الحرب، ومكّنها هذا الدعم من الاستمرار في انقلابها طيلة السنوات الماضية وحتى اليوم.

ودفعت التصريحات المنسوبة لمسؤول إيراني – أوردتها صحيفة تليغراف البريطانية الخميس الماضي – والتي تتناول احتمالية ذهاب طهران نحو الاستغناء عن ذراعها الحوثية من خلال رفع الدعم وسحب مقاتليها وخبرائها من اليمن، مقابل تجنّب الدخول في حرب مباشرة مع واشنطن على خلفية برنامجها النووي، التساؤل حول مصير الحوثيين إذا أقدم النظام الإيراني على اتخاذ مثل هذه الخطوة.

ويرى سياسيون وعسكريون يمنيون أن خسارة الحوثيين للدعم الإيراني ستفقدهم الكثير على مختلف الأصعدة، لكنهم في الوقت ذاته يعتبرون أن ميليشيا الحوثي تشكّل عمقًا استراتيجيًّا مهمًّا لطهران، يحمي جغرافيتها على بُعد أكثر من 3 آلاف كيلومتر، ويشكّل همزة الوصل لمشروعها التوسعي باتجاه القرن الإفريقي، فضلًا عن أن وجود أحد أهم أذرعها في المنطقة عند أحد أبرز ممرات الملاحة البحرية في العالم، يجعل فرضية تخلي طهران عن الحوثيين ضربًا من المستحيل.

وكيل وزارة الإعلام في الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا، فياض النعمان، قال إن "الدعم الإيراني يُعد حجر الأساس في تعزيز القدرات العسكرية للمليشيات الإرهابية الحوثية، سواء من حيث نوعية الأسلحة أو الخبرات القتالية أو التكنولوجيا المنقولة إليهم من الحرس الثوري الإيراني".

وأضاف النعمان في حديثه لـ"إرم نيوز": "ومع إعلان طهران سحب قواتها ووقف دعمها، يُتوقع أن تتأثر قدرات الميليشيا بشكل كبير، خصوصًا في ما يتعلق بالطائرات المسيّرة، والقوارب المفخخة، والصواريخ البالستية، وأجهزة الاتصالات"، وتابع: "كما سيؤدي غياب الخبراء الإيرانيين إلى إضعاف المنظومة الأمنية للمليشيات الحوثية التي لا تزال تعتمد على تقنيات مراقبة ودعم لوجستي متطور".

وأشار النعمان إلى أن "تخلي إيران عن الميليشيا الحوثية قد يؤدي إلى تراجع الإنتاج الإعلامي الموجَّه والدعاية السياسية التي تبرّر الحرب وتعبّئ الجمهور، كما سيضعف الخطاب المرتكز على ما يسمى بـ(محور المقاومة)؛ ما يُحدث فراغًا أيديولوجيًّا داخل الميليشيا الإرهابية".

ولم يستبعد النعمان لجوء الميليشيا إلى مصادر بديلة لتعويض غياب الدعم الإيراني، مثل تكثيف الجبايات الداخلية، والاعتماد على السوق السوداء لتأمين الأسلحة، وربما تعزيز التحالفات مع جماعات موالية لإيران في دول أخرى.

كما توقع أن تشهد المرحلة القادمة تصعيدًا ميدانيًّا من قبل الحوثيين لتعويض التراجع في الدعم الخارجي؛ ما يتطلب من الحكومة اليمنية والتحالف العربي استغلال هذا الضعف لتحجيم الميليشيا سياسيًّا وعسكريًّا والعمل على تحرير المحافظات والمناطق التي لا تزال تحت سيطرتها.

مشروع ولاية الفقيه وتصدير الثورة

ورغم استعراضه لتداعيات هذا السيناريو، استبعد النعمان إقدام طهران على التخلي فعليًّا عن الحوثيين، معتبرًا أن "مثل هذه المواقف لا تتعدى كونها تكتيكًا مؤقتًا لكسب الوقت، وإعادة التموضع في مواجهة التحديات القادمة على المستوى الداخلي والإقليمي والدولي".

وأوضح أن إيران "لن تتخلى عن نفوذها الإقليمي بهذه السهولة، لكن إذا اضطرت، فقد تلجأ إلى طرق بديلة وغير مباشرة لدعم أدواتها، وتحديدًا ميليشيا الحوثي، التي تسعى إلى تنفيذ مشروع ولاية الفقيه وتصدير الثورة الإيرانية".

بدوره، استبعد المحلل العسكري والخبير الاستراتيجي، العميد ركن ياسر صالح، إقدام إيران على خطوة كهذه، قائلًا: "لا أعتقد أن الإيرانيين سيفعلونها. لفهم ذلك، يجب العودة إلى محددات استراتيجية الأمن القومي الإيراني التي بدأت تتشكّل بعد حرب العراق، وتحديدًا عام 1991".

وأوضح صالح في حديثه لـ"إرم نيوز" أن "هذه الاستراتيجية ترتكز على ثلاثة عناصر أساسية: امتلاك برنامج نووي لردع أي حرب تقليدية محتملة، وتطوير برنامج صاروخي لتعويض ضعف القدرة على ضرب العمق، وإنشاء أذرع خارجية لتجنّب المواجهات داخل الجغرافيا الإيرانية".


وبناءً على هذه المرتكزات، أكد صالح استحالة تخلي طهران عن ذراعها الحوثية، موضحًا: "الحوثي يمثّل أداة ردع استراتيجية، يمتلك جغرافيا وعرة وصعبة، تمنحه القدرة على المناورة والصمود، علاوة على موقعه الجغرافي المطل على باب المندب، والذي يمنح إيران ورقة ضغط كبيرة على المجتمع الدولي".

وأضاف: "وجود الحوثيين يُعمّق مدى نفوذ إيران لأكثر من 3500 كيلومتر خارج حدودها، ويعزز عمقها الأمني، كما أن جماعة الحوثي تدير نفوذ إيران في القرن الإفريقي من خلال شبكة في الصومال وجيبوتي وإريتريا".

واستدرك صالح قائلًا: "إذا تخلّت إيران عن الحوثيين، فإن ذلك يعني أحد احتمالين: إما أنها امتلكت سلاحًا نوويًّا يضمن لها الردع، وإما أنها استسلمت للضغوط الدولية، وهو أمر مستبعد، ما لم يتعرض النظام لهزة داخلية أو ضربة عسكرية خارجية".

وفي ختام حديثه، أشار ياسر صالح إلى أن "التقارير تشير إلى أن إيران باتت قريبة من امتلاك القدرة على إنتاج سلاح نووي، وهو ما يدفع الولايات المتحدة إلى استهداف الحوثيين كوسيلة لإضعاف إيران وفرض شروطها النووية"، لافتًا إلى أن: "إنهاء وجود الحوثي قد يجعل إيران أكثر مرونة في التعامل مع المجتمع الدولي، وقد ينزع فتيل الحرب في المنطقة".