أخبار وتقارير

الأحد - 09 فبراير 2025 - الساعة 10:29 ص بتوقيت اليمن ،،،

العرب


أبدت الصين أسفها السبت لقرار بنما الانسحاب من مبادرة الحزام والطريق الصينية للبنى التحتية تحت “الإكراه” الأميركي، في رسالة واضحة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب على أن إدارته لن تسمح بتهديد المضائق التي تؤمّن مصالح أميركا وحلفائها، ما يظهر اختلافا جذريا مع تعاطي الرئيس السابق جو بايدن، الذي لم يتحرك بما يكفي لحماية مصالح الملاحة في باب المندب وقناة السويس رغم أنهما يمثلان مصدرا حيويا لمصالح واشنطن وحلفائها.

فهل يستفيد المصريون من تشدد ترامب ضد الوجود الصيني في بنما للتحرك بالضغط على الحوثيين، وإذا تحرك المصريون بقوة الآن لمنع الحوثي، فهل سيدعمهم ترامب؟

ومنذ استلام ترامب للرئاسة قبل أقل من شهر، بدت الولايات المتحدة تطبق سياسات خارجية تراعي مصالحها الخاصة وتقلص من الإنفاق دون مراعاة العوامل الخارجية وإن كانت تلك المساعدات حيوية ومهمة لعشرات الآلاف من الناس في مختلف أنحاء العالم.

وقلب قرار ترامب بإغلاق الوكالة الأميركية للتنمية الدولية حياة الآلاف من الموظفين الأميركيين العاملين في الخارج وأسرهم رأسا على عقب، ووضعهم أمام قرارات مكلفة وصعبة.

وأوقف ترامب المساعدات الخارجية لبلاده بعد توليه منصبه في 20 يناير، مما أدى إلى وقف عمل برامج معنية بالغذاء والصحة وغيرها بالمليارات من الدولارات. ومن المفترض أن يستمر تجميد الإنفاق لمدة 90 يوما في انتظار إجراء مراجعات تتعلق بكفاءة هذه البرامج ومدى اتساقها مع السياسة الخارجية لترامب.

ويعمل في الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أكثر من عشرة آلاف موظف، منهم أكثر من 1900 أميركي يعملون في الخارج، وأصبحت هدفا لجهود يقودها الملياردير إيلون ماسك لتقليص عدد موظفي الحكومة الأميركية.

واستغل ترامب زوبعة التهجير في غزة لتمرير أمر تجميد المساعدات والعيون متسمرة باتجاه القطاع وسكانه ودول الجوار وردود الفعل بين غاضب وداعم.

ووصف وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي قرار ترامب قطع المساعدات الأجنبية الأميركية بأنه “خطأ إستراتيجي”.

ودعا لامي الولايات المتحدة إلى “النظر عن كثب في الخطأ الذي حدث” في الحكومة البريطانية السابقة عندما أغلقت إدارة التنمية الدولية الخاصة بها.

وقال إن المملكة المتحدة أمضت سنوات في “تصحيح هذا الخطأ الإستراتيجي” بعدما دمج بوريس جونسون إدارة التنمية الدولية بوزارة الخارجية في 2020.

ويقول مراقبون إن تفكير الولايات المتحدة في مصالحها وتجسيد شعار “أميركا أولا” ورفض مسعى صيني للسيطرة على قناة بنما يمكن أن تستفيد منه بعض دول الشرق الأوسط خاصة بالنسبة إلى مصر لوقف التهديدات الحوثية، وإن التفكير في التوازنات وحساب التفاصيل الصغيرة لن يسمحا للقاهرة بالتقدم قيد أنملة لوقف الأنشطة الحوثية.

وما تزال مصر تأمل أن يتم رفع قبضة الحوثيين عن الملاحة في اليمن عن طريق أطراف دولية مثل الاتفاق بين الولايات المتحدة وإيران ووقف التصعيد الإسرائيلي في المنطقة، بما يتيح العودة إلى ما قبل حرب أكتوبر 2023، وتحرير قناة السويس من التهديدات الحوثية.

ومن الصعب أن يحقق الرهان على حل خارجي لتدارك ما خلفته السلبية المصرية في معالجة الملف ما تريده القاهرة. وقد يجد المصريون في تشدد ترامب ضد إيران وأذرعها فرصة تمكنهم من التحرك للضغط على الحوثيين بأدوات مصرية على أن يجدوا دعما من ترامب لإسناد تحركهم الميداني.

لكن أوساطا مصرية مقربة من الحكومة المصرية ما تزال تدافع عن فكرة الحل عبر التهدئة وعدم إغضاب الحوثيين ووكلائهم الإيرانيين، وتعتقد أن خيار الخشونة يترك تأثيرات سلبية على المدى البعيد على علاقات مصر الخارجية، لافتة إلى أن ترامب يفكر فقط في مصالح بلاده ولا يمكن أن يغامر بخدمة مصلحة مصرية لا تكون له فيها عائدات مباشرة.

وأكد اللواء نصر سالم الخبير الإستراتيجي والمحاضر بأكاديمية ناصر العسكرية التابعة للجيش المصري أن توجه ترامب لحماية المضائق لن يطال باب المندب، أو قناة السويس، ولن ينجر إلى معركة استنزاف طويلة مع الحوثيين، فهو يبحث عن مصالح تخصه وحده، دون فتح جبهات جديدة للولايات المتحدة في منطقة جنوب البحر الأحمر.

وأضاف في تصريح لـ “العرب” أن مصر لن تستغل تشدد ترامب وتتحرك ضد الحوثيين، حتى لو كانت واشنطن تتمسك بالتعامل مع القاهرة كحليف، ولن تخطو نحو مواجهة جماعة الحوثي، لأنهم يستهدفون السفن التي لها علاقة بإسرائيل، ويصعب على الجيش المصري أن يحارب جهة أو فصيلا يكن العداء لتل أبيب، ويبدو كأنه يدافع عن إسرائيل.

وأوضح أن هجمات الحوثيين تراجعت بعد وقف إطلاق النار في غزة، وجزء من العقيدة المصرية أنها لا تعتدي على فصيل عربي، أو بلد عربي، ثم أن ترامب نفسه ليس لديه توجهات للدخول في صدام مع الحوثيين، في الوقت الراهن على الأقل، حتى لو كانت مصر من أهم حلفاء الولايات المتحدة.

ومنذ أن بدأت الأزمة في البحر الأحمر التزمت مصر سياسة الحياد، ولا يبدو أنها ستخرج عنها رغم خسائرها الاقتصادية التي ما انفكت تتزايد.

واعترفت القاهرة في أكثر من مرة وعلى لسان الرئيس عبدالفتاح السيسي بارتفاع خسائرها المالية، وانخفاض عائدات قناة السويس بنسبة 60 في المئة بسبب استمرار التوترات الأمنية الناجمة عن استهداف جماعة الحوثي في اليمن سفنَ شحن تمر عبر البحر الأحمر وخليج عدن، ما أدى إلى تغيير مسارها من قناة السويس إلى طريق رأس الرجاء الصالح.

وقال عمرو عبدالعاطي الباحث المتخصص في الشؤون الأميركية بالمركز الإقليمي للدراسات الإستراتيجية إن اهتمام ترامب بقناة بنما لن ينطبق على باب المندب أو قناة السويس، لأنه في ما يتعلق بالضغط على بنما يستهدف مواجهة النفوذ الصيني في المقام الأول والبحث عن إعفاء السفن الأميركية من الرسوم والحصول على معاملة تفضيلية.

وأوضح في تصريح لـ”العرب” أن أزمة الحوثي في البحر الأحمر قضية مختلفة عن بنما، إذ يرغب ترامب في تحييد الجماعة عن طهران ومواجهة النفوذ الإيراني بطريقة غير مباشرة، دون الدخول في مواجهة عسكرية مع الجماعة المسلحة، ومصر مستفيدة من ذلك بشكل غير مباشر، ولن تتحرك بقوة ضد الحوثيين ولا توجد توجهات عسكرية في هذا المسار.