أخبار وتقارير

الأحد - 15 ديسمبر 2024 - الساعة 08:19 م بتوقيت اليمن ،،،

عدن حرة / خاص :


من الشعراء الذين اتحفوا الناس بشعرهم الطبعي الفكاهي، الذي يحكي حياة الناس، الشاعر مسرور مبروك -رحمه الله -.الذي ترك شعرًا شعبيًا اجتماعيًا يزخر بألفاظ وسياقات للمحكية اللحجية -إن صح التعبير-، وشعره مقيد في ديوانه( الدهل والقيد) يضم الديوان قصائد طرقت موضوعات متنوعة: ثورية ورياضية واجتماعية. سنمر علی نماذج منها.

ديوان الشاعر مسررو مبروك -رحمه الله -. أنموذجًا للشعر الشعبي الساخر المشحون بالألفاظ الدارجة والدخيلة والعبارات المتداولة بين العامة.

ومن قصائده الشعبية الاجتماعية اخترنا قصيدته المعنونة ب(في المولعة هب الضمار) يُشخِّص فيها حال المولعي وكيف يُنفق ماله فيما لا يعود عليه بنفع فيقول في مطلعها:
شاهي مداعة قات سمرة ليل والمقيل نهار
والمولعي سامر مقيل يوميه ليلي جكار

يتطلب قراءتها وقفات يسيرة ليتضح المقصود.
يذكر الشاعر مسرور مبروك -رحمه الله - في مطلع قصيدته ما يتسامر به المولعي: شاهي مداعة قات سمرة (حذف واو العطف)؛ إذ مقصده شاهي ومداعة وقات وسمرة، وهذا ما يسمی في البلاغة الوصل والفصل، وكان لحذف الواو روعة وفيهوبلاغة وخفة صوتية. ثم قال:
هذا الولع كله وحال البلد في افتقار
والسعر غالي في البضائع آه كم ذا السعر جار

ينتقد الشاعر مسرور مبروك -رحمه الله -. المولعي فيقول: إنّ هذا الولع وحال البلد في افتقار، والأسعار غلت، حتی وصف السعر بالجور، وهذه الحال يعيشها المجتمع اليوم، فما أشبه الليلة بالبارحة، ثم ذهب مسرور مبروك - -رحمه الله -. يُفصِّل وضع المعيشة قائلًا:
العيش والملبس غلی والحب قد علا وطار
وحنا هنا في مولعه والناس في جحر الحمار

العيش والملبس غلی والحب أيضًا غلا لكنّه استعمل فعل آخر هو (علا) ثم طار في سعره فصار بعيد المنال، ومع كل ذلك والناس ما تركوا المولعة، ذي ضيّعت الضمار، ثم قال: الناسُ في جحر الحمار كناية عن ضيق الحال وسوء الوضع، ويمضي مسرور مبروك -رحمه الله -. في تشخيص ما عليه أبناء مجتمعه من مولعة لا شبيه لها حتی في زنجبار، فيقول:
ما مولعة في لحج ماشي مثلها في زنجبار
فقيرنا في تيتله ماشي نجد عند الشجار
ينقص السبره ويأخذ قات من حق السبار
وبعد اٗخذ الكيف يجري في طلب حق الخصار

ثم يحكي لنا الشاعر مسرور مبروك -رحمه الله - كيف أنّ مولعة أبناء لحج ما لها مثال حتی في زنجبار، ويذكر وضع الفقير، وأنّه ينقص من المخصص للسبار، للمولعة، وهو ما تعاني الأسر من أربابهم (أولياء أمورهم) ويصف حال تلاعب الناس عند قضاء الدين ويجعلهم أقسام، فيقول:
وقدم أبواكه وحاسب شل له نص الضمار
وحد يسلم بالرضا والبعض يدفع بالفحار

تاٗمل: أبواكه جمع (بوك) وهي كلمة إنجليزية (BOOK) جمع بوك بصوتها علی وزن أفعال فقال: أبواك.ولفظة (شل) ولفظة (الفحار) ثم ينتقل الشاعر مسرور مبروك -رحمه الله -. إلی ذكر حال الفقير، فيقول:
أمّا الفقير اللي بلا جربه ولا عنده عقار
تلقاه يكرف ذا ويرشخ ذا لفلفها وسار

فمسرور مبروك -رحمه الله -. قسّم الناس إلی فقير، وآخر عنده جربه وثالث معه عقار، و تأمل ألفاظ: يكرف، يرشخ، لفلفها. وسنأتي في منشور لبيان استعمال (يرشخ) حقيقةً ومجازًا، وأكمل الوصف في البيت الذي يليه، بقوله:
يوعد وإن سهلت بخارج ذا ويعطي ذا عذار
يوعد آخر يا وفی وإلا صبح وعده بوار

تأمل طريقة ذكر لأوضاع الناس عند وفاء الدين، بين الوفاء والأعذار أو يصبح موصوف بالبوار.
هذه أبيات من قصيدة ( في المولعة هب الضمار).
والقصيدة فيه تشخيص لوضع المجتمع في زمن مسرور مبروك -رحمه الله -.، ويظهر لا اختلاف بين وضع الناس اليوم وضعهم أيام مسرور مبروك.
والقصيدة تُمثِّل أنموذجًا للشعر الشعبي المحتفظ لكثير من الألفاظ المتدوالة بين عوام الناس.
كتبه أ. د. عبدالله عبدالله عمر
جامعة لحج