مجتمع مدني

الخميس - 20 يوليو 2023 - الساعة 02:12 م بتوقيت اليمن ،،،

كتبه / د. عبدالله بن عمر داود


قصيدة ياضارب الرمل تمثل نموذج للتراث الإنساني العالمي القصيدة مبدوءة بالنداء:
يا ضارب الرمل، قالوا الرمل تحته عيون....

هذا تعليق عام مقتضب عن قصيدة ( يا ضارب الرمل، قالوا الرمل تحته عيون.... )

في التراث اللحجي واليمني، وفيها ما يؤهلها أن تكون ضمن التراث الإنساني العالمي، ففيها تجربة إنسانية، ولدت من واقع عاش الشاعر أحداثه ، فأثّرت في كيانه، ومشاعره، فصاغ ذلك شعرًا يحمل نتائج وثمار تجرية مريرة، وهي تجربة، تتكرر في حياة البشر لا سيما شعوب العالم الثالث عرب وعجم.، ففي أبياتها حكاية إنسان يعيش تقلبات الزمان و متاعبه وآلامه.



نذكر القصيدة كاملة ثم نتبعها التعليق العام، ويتبعه في حلقات قادمة- بإذن الله-، تحليلًا لكل ما تحمله القصيدة من قضايا.

يقول الشاعر:

يا ضاربَ الرَّمل قالوا الرّمل تحته عيـون
بالكنز مدفـــون والتنجيــــــم حققـك جُنون
إن كان ذا صـدق جـاك المال فوق البنون
إفرح وغنِّي وِذيــــــــع العلم بالمكـرفون

* * *

يا مالك المُلك لك في بعض خلقك شؤون
تعطي وتِمنـــع وأمـرك بين كافٍ ونــــون
والمجتمع بعضهم خـــايف وبعضٌ أُمُـون
وحَـدْ جِـــــدادي ولا يِسْــألْ ولا يِحزنـــون
الشاعران صالح فقيه والأمير عبده عبدالكريم

* * *

وانته على كيف ساكت ياجـليـــل القُرون
والمُدَّعي جا يطـالبْ بَكْ وسـاهن سُهـون
أحزِم أُمورك على أرضك وحافظ وصون
من قبل تِدفع على النَّعجه وبِنْت اللّبُــون
الحرس السلطاني الحوطة 1930

* * *

يِتفاوضوا في شُؤونك وأنت خالي الشّؤون
والشَّور شَورك ، بغيرك كلّ شي لن يكـون
وانته لك الحقّ تِمنــــــــــع كلّ من بايخون
توقِّفه يوم خـــــــــــــابت فيه كلّ الظُّنـــون

* * *

أُنظُر تَرَى كم مُشَرَّد غير ذي في السجون
وبعضهم نـــــــــــــال ما نـالت مدينة لِيُون
وبايِجــــــــي الدَّور دورك يوم هَـزّ الدُّقون
محمد عوض شاكر
يا بيعـة الرُّخص من بعــد الغــلا والزَّبون

* * *

أصبحت خـايف ولا تعرف بأرضك سكـون
وان جيت تهـرج يقولوا الجدر فاعل أذون
قم كَسِّر الجدر واعْمِر حيث سـاسه حصون منزل صالح فقيه2
وصحِّح الوضع زيل الشرط ذي فيه هـون

* * *
الذنب ذنب الذي خـــــلاك في النـــاس دون
خلاك خاضع لأهــل البيـع واهل الرهـــون
لا عبـد هــــــــذا ولا عنــــدك لهذا ديـــــون
لكنه الجهــــل ذي خـلاك في النـــاس دون
انتهت أبيات القصيدة.
..................................

التعليق:

تتمتع هذه القصيدة (يا ضارب الرمل) بلحن الخلود والبقاء علی مر التاريخ منذ أن نُظمت واتلفت أبياتها، وتتابعت كلماتها في سياقات بديعة، ضمّت حكم ونصائح.

قصيدة (يا ضاربَ الرمل) تحكي واقع عاشه الشاعر اللحجي في حينه ومعه أبناء عصره، وهو واقع يعيشه اليوم لا أقول الشاعر اللحجي، و لا يعاني منه أبناء اليمن شمالًا وجنوبًا، بل إنّ القصيدة تكشف عن واقع يعيشه العالم العربي والإسلامي، منها، قوله:

احزم أمورك علی أرضك وحافظ وصون
فقارن بين حال المسلمين في العالم العربي وهذا البيت للشاعر اللحجي، تجد عَجَبًا.

وقوله:
يتفاضوا في شؤونك وأنت خالي الشؤون.

وقوله:
انظر تری كم مشّرد غير ذي في الشجون
حقيقة تعيشها شعوب العالم العربي بسبب ثورة الربيع - (الخريف المُقحط)- العربي

وختمها بخاتمة بديعة:
الذنب ذنب الذي خلاك في الناس دون
خلاك خاضع لأهل البيع والرهون
لا عبد هذا ولا عندك لهذا ديون
لكنّه الجهل ذي خلاك في الناس.

تأمل هذا المقطع وأسقطه علی واقع المسلمين اليوم وما وصلنا إليه من هوان وذلة.
وهو يناغم بيت أخر لشاعر لحجي:

مَن باع نفسه وهان
يصبر علی ذي الهيانهْ

فأنعم بقائل هذه القصيدة أو بقائليها.

أقول: إنّ قصيدة ( الدهر كله عمارة متی يكون السكون) في موضوعها وما تناولته من أفكار رئيسة وما جاء فيها من سياقات - وإن كان بعض ألفاظها باللغة المحكية (العامية)، أقول يصح أن تُعدَّ من التراث العالمي للإنسانية؛ لأنّها تعالج قضايا لم يخلُ منها بلد لا عربي ولا أعجمي ولا سلِم منها شعب من شعوب العالم الثالث، فقد تفرّدت هذه القصيدة بتناول ما تعانيه معظم الإنسانية ( دول العالم المستضعف) من بعض الإنسانية (الدول الكبری). فالقصيدة في مجملها رائعة، وجميلة، وراق لي - بإذن الله - الوقوف مع كل فقرة من فقراتها مستقبلًا، لاستقراء ما اكتنزته أبياتها من دلالات ومعاني، ولو كانت بعض كلمات سياقاتها باللغة اللحجة المحكية غير إنّها رائعة، فلنا معها - بعون الله - وقفات ونظرات في ألفاظها صوتًا وصرفًا ونحوًا ومعجمًا ووقفات في معانيها وما يرمي إليه الشاعر وما يريد إيصاله، و سنجري عليها تحقيقات تفصح عن بلاغة أساليبها ونتناول اشتقاقات الشاعر بالدراسة.

كل ما تقدّم سنتناوله في منشوراتنا القادمة بتوفيق الله عز وجل.
كتبه من حديبو عاصمة أرخبيل سقطری جزيرة الوئام والسلام والمحبة

أ. د. عبدالله بن عبدالله عمر
أستاذ النحو والصرف واللغة في جامعة لحج
كلية صبر للعلوم والتربية.