كرم أمان
يشهد قطاع الاتصالات والإنترنت في المحافظات والمناطق المحررة في اليمن، انهيارا وتدهورا غير مسبوق في عهد الوزير منصور العوج الذي شغل منصب وزير الاتصالات وتقنية المعلومات في الحكومة الشرعية ضمن المحاصصة الحزبية والجهوية المنبثقة عن ما يعرف باتفاق الرياض في أواخر العام 2020.
وشكلت فترة منصور العوج في قيادة وزارة الاتصالات، الممتدة لعامين ونصف تقريبا، أسوأ وأبشع فترة يمر بها هذا القطاع الحيوي المهم الذي ظلت ميليشيا الحوثيين تتحكم بتلابيبه منذ انقلابها على الشرعية 2014، وتستحوذ على الحصة الأكبر من إيراداته وموارده المالية الضخمة، قبل أن تبدأ القيادة السابقة لوزارة الاتصالات الشرعية باللبنات الأولى للسيطرة على هذا القطاع ومنع هيمنة الحوثيين عليه، من خلال تأسيس شبكة إنترنت خاصة في عدن ومستقلة كليا عن هيمنة صنعاء "عدن نت" كخطوة أولية تمهد لتأسيس شركة ومنظومة اتصالات متكاملة في عدن.
وحتى هذا المشروع الوحيد الذي كان يمكن البناء عليه لتعزيز موقف الشرعية وتقوية حضورها، تم عرقلته وتوقيفه من قبل المتحكمين بقرارات الشرعية والمحركين لقياداتها ومسؤوليها، وهم أنفسهم من قادوا "العوج" إلى دفة وزارة الاتصالات، ليتمكنوا من تنفيذ باقي بنود المخطط الذي بدأوه.
ففي عهد "العوج" توقفت شبكات اتصالات خلوية في عدن ومحيطها، مثل شبكة "يو"، وفي عهده أيضا منعت شركة سبأفون "عدن" من توسيع وتعزيز شبكتها للاتصالات والانترنت، علاوة على تدهور خدمات شركة "يمن موبايل" ومنعها من توسيع خدماتها وتحديثها، بالإضافة إلى انهيار خدمة شركة عدن نت وترديها في معظم مناطق عدن ومحيطها، وزيادة احتكار شرائحها ومودماتها وبيعها في السوق السوداء وبأسعار باهظة جدا بالريال السعودي.
كذلك الحال مع شركة "واي" الحديثة التي دشنت خدمتها في أواخر 2022 في عدن، وظلت محصورة بتقديم خدمة انترنت 4G عبر عدن نت في مناطق معينة داخل عدن، ولم تتمكن حتى الآن وبعد مرور 8 أشهر على تدشينها الأولي، من تقديم أي خدمات لعملائها أو باقات أو توسيع خدمتها وتعزيز أبراجها وحمايتها، قبل أن تتوقف بشكل كلي في عدن قبل يومين.
أما الاتصالات الأرضية والإنترنت الثابت "يمن نت" فما زالا تحت سيطرة وهيمنة الحوثيين في صنعاء، وشبكات هذه الخدمتين في عدن وباقي المناطق المحررة لم يشهدا أي صيانة أو تطوير أو تحسين أو تبديل منذ أعوام، وسط ابتزاز بعض مسؤولي الاتصالات وبيع الخطوط بأسعار باهظة جدا وصلت إلى 1200 دولار لخط الإنترنت الأرضي في عدن.
وآخر صيحات وجرائم وانتهاكات الوزير "العوج" هو ما نشره الكاتب السياسي صالح الحنشي على صفحته بفيسبوك يوم أمس، حيث قال: "نقل صلاحيات وزير الاتصالات كاملة . لوكيل الوزارة.. عندما حاول سحب ارصدة شركة تليمن من حسابات الشركة في كاك بنك.
بعد ابلاغه بقرار احالته للتحقيق امس".
يضمر "العوج" نوايا سيئة لقطاع الاتصالات، وهذا ما أبداه منذ الوهلة الأولى من تعيينه وزيرا للاتصالات، وقاله بلسانه أمام قيادة مجلس النواب في أول جلسه يعقدها البرلمان داخل عدن عقب تشكيل ما عرف بحكومة المناصفة، حيث أكد أن نقل كافة شركات الاتصالات وشبكاتها إلى عدن أو تأسيس منظومة اتصالات وإنترنت مستقلة في عدن، ليس صحيحا، وسيجعل من استعادة صنعاء أمرا مستحيلا، في إشارة إلى أن ذلك يكرس للانفصال، تماما كما جاء على لسان أسلافه من الوزراء، الذين يمارسون عقابا جماعيا على عدن والمناطق الجنوبية، تحت مبرر فزاعة الانفصال، الذي يمارسوه في كل مواقفهم وتصريحاتهم ويكرسونه في أفعالهم، فبدلا من استمالة الجنوبيين وتبديد مخاوفهم وتعزيز ثقتهم بالحكومة و"الشماليين"ورسم مستقبل مشرق لدولة اتحادية يسودها العدل والمساواة، يذهبون لعكس ذلك.
فهل هؤلاء، فعلا يخشون على الوحدة؟ أم أن ما وراء الأكمة أمورا أخرى؟ لاسيما وأن تقارير إعلامية واستخبارية عديدة أكدت مرارا وجود تخادم سري مع الحوثيين من بعض المنظويين مع الشرعية والتحالف.
ما يمارسه "العوج" والمتحكمون فيه وفي قطاع الاتصالات والإنترنت بالمناطق المحررة وخاصة في عدن، وغيره من الوزراء في باقي القطاعات الحيوية والخدمية المهمة، يعد جريمة كبرى وانتهاكا جسيما يجب الوقوف أمامه بحزم وصرامة من قبل القائمين على عدن والمتشدقين بحبهم لعدن وأصحاب شعار "عدن الحبيبة"، لكن أيا منهم لم يحرك ساكنا تجاه ما يمارسونه من فظائع في هذه القطاعات الحساسة، داخل هذه المدينة التي تعيش منذ العام 2015 أسوأ حقبة زمنية على مر تاريخها العريق في شتى المجالات والقطاعات.