أخبار وتقارير

السبت - 26 أبريل 2025 - الساعة 07:57 م بتوقيت اليمن ،،،

محمد علي محمد احمد

إن ما حل بعدن من انقطاع شبه كامل للكهرباء وتوقف محطات التوليد لأمر جلل، يلقي بظلال قاتمة على كل مناحي الحياة التي أصبحت معدومة في مدينة كانت تتلألئ نوراً و تنبض بالحياة.

كيف للتعليم أن يستمر، والحكومة مغيبة في جهالة، والمعلم ممتهن الكرامة، وظلام دامس يخيم على المنازل والحر يشوي الفصول؟

وكيف يمكن للمرضى أن يجدوا العلاج والدواء وهم يئنون تحت وطأة الأمراض التي تفتك بأجسادهم دون أدنى مقومات الرعاية الصحية؟


إن المأساة التي تعانيها عدن والمحافظات المجاورة لها تتجسد بأبشع صورها في قصة الطفلين مجد ثروت و شائف نبيل، اللذين لم يبلغا بعد ريعان العمر، ولكنهما يتشبثان بالحياة في وجه مرض عضال، ضمور العضلات الشوكي. كلاهما يحتاج إلى تلك الحقنة المعجزة، "زولجينسما"، التي تحمل في طياتها الأمل في حياة كاملة بإذن الله.
نعم، هي مكلفة، ولكن أمام حياة طفل، أي ثمن يمكن أن يضاهي قيمة هذا الأمل؟
لكن الوقت يمر سريعاً، والمرض لا يمهل، والموت يتربص بمجد كما فعل بشائف من قبل.

فقد رحل شائف بصمت ووجع، تاركاً خلفه حسرة وألماً، ومجد اليوم يواجه المصير نفسه، يناشد الحياة بينما حكومته غارقة في سبات عميق، لا تحرك ساكناً لإنقاذ روح بريئة.


في الوقت الذي تتوافر فيه هذه الحقنة المنقذة للحياة بإذن الله، في دول خليجية مجاورة، منها دول شاركتنا ثرواتنا وتخلت عن رفع مأساتنا ، وهي و إن كانت تنفق الأموال ببذخ على المتع والشهوات والسهرات والحفلات، فاللوم على من نصبوا انفسهم جلادين لا رعاة علينا، واصبحوا عبيداً لهم وللمال، وبصمتنا عنهم صرنا بلا أدنى عزة و كرامة، وبينما نقف مكتوفي الأيدي لانملك ما ننقذ به انفسنا، يقف طفل مثل مجد على حافة الهاوية، ينتظر بصيص أمل قد لا يأتي أبداً.


أين الإنسانية؟ أين المسؤولية؟

أين الضمير الذي يجب أن يحرك صناع القرار لإنقاذ هؤلاء الأطفال الذين لا يملكون حولًا ولا قوة إلا التشبث ببصيص نور خافت؟


إن صمتنا وتجاهلنا لهذه المأساة وصمة عار ستلاحقنا جميعاً، لذا يجب علينا أن نرفع أصواتنا، وأن نطالب كأقصى حد لأجيالنا ، فإن تنازلنا عن حقوقنا وخدماتنا لعيب فينا، فالأمانة تفرض علينا أن لا نتخلى عن حق أولئك الأطفال في الحياة، وأن نحاسب كل من تقاعس عن مد يد العون لهم، فكل دقيقة تمر هي فرصة تضيع، وكل نَفَسٍ ينطفئ هو خسارة لنا جميعاً، وهو مؤشر خطير لتفاقم معاناتنا، و وأد لأحلامنا الوردية التي اصبحت كابوس يؤرقنا، ونهاية ماساوية حتمية لمصيرنا.