منوعات

الأحد - 13 أبريل 2025 - الساعة 12:25 م بتوقيت اليمن ،،،

العرب


مسلسل "وتقابل حبيب" ليس اللقاء الأول بين الثلاثي، ياسمين عبدالعزيز، عمرو محمود يس، وكريم فهمي، فقد قدموا سويا منذ سنوات مسلسل “ونحب تاني ليه” عام 2020، ولاقى المسلسل نجاحا كبيرا أيضا، حيث قدم الثنائي ياسمين وكريم ثنائية رومانسية كانت الأنجح في هذا العام، ليعودا ويقدما سويا ثنائيا رومانسيا هو الأنجح لعام 2025.

قدمت ياسمين أيضا دور مطلقة لديها أطفال، ولكن هذه المرة هي طليقة أخي البطل، مع ظروف حزن جمعت البطلين، فالبطل فقد زوجته في حادث سيارة، والبطلة اكتشفت خداع زوجها وزواجه من أخرى دون علمها، ليستبدوا جميعا بها، الطليق ووالدته وزوجة الطليق، فيشعر فارس أبوالعزم الذي يقوم بدوره كريم فهمي بمسؤولية نحوها لحمايتها مما تتعرض له من إهانات وتحكم، وهو الذي عجز عن حماية زوجته السابقة التي رحلت عنه، كما أن ليل التي أدت دورها النجمة الأكثر شعبية وجماهيرية ياسمين عبدالعزيز ضعيفة وعاجزة عن أخذ حقها أمام بطش كل هذا الجبروت والتكتل ضدها.

أدوار الرجال

لأن طبيعة المرأة أنها تحب من يحميها ويوفر لها الأمن والاستقرار والسند، ولأن طبيعة الرجل الحقيقي أنه يشعر بضعف المرأة وحاجتها إلى الحماية فيبادر بتقديم ذلك لها، فقد كانت علاقة قدم فيها كل منهما للآخر ما يحتاجه، فقد أنقذها فارس من عدة مواقف، حين مكنها من الخروج ببناتها من المنزل بعد الطلاق ووقف أمام طغيان أهله ومنعهم من ذلك رغم طلاقها من ابنهم، كما أنقذها من رقية زوجة الأخ الجديدة التي حاولت أن ترد لها الصفعة التي وجهتها لها حين أهانتها.

وحين رفضت والدته أن تصعد ليل لأخذ صورة عائلية معهم وحذرتها من الصعود والوقوف بجانبهم، فما كان منه إلا أن انسحب من جوارهم ليقف بجوارها ويلتقط الصورة معها، فضلا عن موقفه من حمايتها حين أساء لها والد طفل مع ابنتها بالمدرسة حين ذهب وأجبره على الاعتذار لها.

قدم عمرو محمود يس نموذج الرجل الذي تحبه النساء، فهو يقدم كل ما يملك ويبذل جهدا وطاقة ووقتا من أجل محبوبته كما يحميها ويصونها من أي موقف يسيء إليها أو يقلل منها، وكعادة الأعمال الرومانسية لا تخلو من مشاهد رومانسية جميلة تجمع بطلي العمل، والتصاعد الدرامي الجيد الذي جعل المشاهدين ينتظرون اعتراف فارس أبوالعزم لليل بحبه، وهو المشهد الذي حدث تحت المطر وصور بعض رواد منصات التواصل الاجتماعي تفاعلهم مع اللحظة المنتظرة.

ومن أقوى مشاهد المسلسل هو المشهد في الصحراء تحت النجوم، حين ظل يحاول أن يأسر قلبها ويدفعها إلى الاعتراف بحبه، حيث يثق بأنها تبادله نفس الشعور لكنها تخشى أهله واستبدادهم بها، واستخدم صناع العمل أغنية لمغن شعبي ولكنها قصيدة ما مثل مفاجأة للجمهور الذي كان أغلبه يستمع للأغنية لأول مرة، وهي “يا جميلتي، يا أميرتي” كلمات مصطفى حدوتة، توزيع إسلام فتحي، وغناء أمين خطاب، خاصة المشهد الذي كرر فيه وهو يشير إلى البطلة “وكما مولاتي تشاء” هذا المشهد الذي ضاعف مشاهدات الأغنية أضعافا مضاعفة.

أداء الممثلين

شهد آداء العديد من نجوم العمل نضجا فنيا واضحا، فالفنان الكبير والقدير صلاح عبدالله ما زال يطور من آدائه ويواصل نضوجه الفني، فيؤدي دور الأب القعيد المسيطر المستبد الذي يحاول أن يحمي كيان أسرته والذي يحب ابنه الأكثر تمردا الابن الأوسط فارس، كما يؤدي كثيرا من المشاهد بنظرات العين والآداء الصامت ببراعة، كما شكل ثلاثي الشر النسائي في المسلسل أنوشكا، نيكول سابا، منة عرفة، إتقانا كبيرا للأدوار جعل بعض المشاهدين يعلقون أنهم يريدون أن يأخذوا حق ليل وأبطال العمل منهن.

ولكل منهن دوافع مختلفة للشر، فإجلال الأم التي تقوم بدورها الفنانة الشاملة أنوشكا، كما أوضحت في نهاية المسلسل، أنها كانت تطيع زوجها الذي تزوجها صغيرة وعلمها كل شيء وكان دائما يقول لها “نفذي ما أقول ولا تراجعي ورائي”، فقتل فيها الضمير والتعاطف.

رقية التي تقوم بدورها نيكول سابا في عودة قوية لها في الدراما المصرية وفي تطور كبير في آدائها، رغم أنها شريرة صرف إلا أن رسم شخصيتها أظهر جوانب شخصية أخرى لديها، فهي المرأة المحبة ولكن مسيطرة، والأخت المحبة المعطاءة، والأم الحنون مع ابنها، ولكن قوتها تأتي من تربية أنانية أشعرتها بأنها مركز الكون، طماعة ترغب في أن تمتلك كل شيء ولو ضحت بكل شيء، تجيد استغلال من حولها لتحقيق أغراضها، وحين تفشل في السيطرة تلجأ إلى التدمير، وهو ما حاولته مع ليل وفارس الشخصيتين اللتين رفضتا الانصياع والرضوخ لها.

أما الشريرة الثالثة فكانت منة عرفة التي أدت دور الخادمة الشريرة الجشعة التي تعاني بسبب فرق الطبقات وتطلعاتها العالية، والتي ترى في سبيل تحقيقها أن الغاية تبرر الوسيلة، فتخطط لتقوم بأعمال ماكرة ومؤذية لتلقى حتفها في النهاية بشكل درامي أثر حتى على من كانت تخدعهم.

وقدم محمود يس جونيور دوره بطريقة السهل الممتنع، فهو يمثل ولكنك لا تشعر أنه يمثل، وهنا تجدر الإشارة إلى تناول المؤلف عمرو محمود يس لما يعرف في علم النفس متلازمة الأخ الأكبر وعقدة الأخ الأوسط، فالابن الأكبر غالبا ما يكون “الابن الذهبي” الذي تضع عليه العائلة كل الآمال والطموحات وتضع له سقف توقعات عالية وتعطيه الكثير من الاهتمام، وفي سبيل ذلك قد يمحو شخصيته في سبيل أن يكون ما يريدون، أما الابن الأصغر فهو المدلل الذي تلبى كل احتياجاته وفي نفس الوقت فهو الصغير الذي ليس له رأي مثل إخواته الأكبر لأنه مهما كبر يظل الأصغر، والابن الأوسط الذي غالبا ما يكون مهملا فيضطر إلى الاعتماد على نفسه ويعوض حاجته لأن يكون مرئيا من خلال تطوير مهاراته وبناء علاقات كثيرة ومتنوعة داخل المجتمع، كما أنه يحب الاستقلالية أكثر من غيره من الإخوة.

هذا ما أبرزه المؤلف في بناء شخصيات الأبناء الثلاثة، فيوسف الابن الأكبر الذي يؤدي دوره الفنان خالد سليم مطيع طاعة عمياء لأهله لذلك كان سهلا عليه أن يطيع أمه حين أمرته بأن يقبل أن تجهض زوجته الأولى ليل ويقتل جنينه راضيا لارضائها، كما قبل أن يكون طائعا لزوجته الثانية المستبدة رقية لأنه اعتاد أن يمارس أحد عليه السلطة وأن يخضع لتلك السلطة، كما أن حازم الأخ الأصغر كان دائما ما يرفضون أخذ رأيه حتى إنه في الحلقة الأخيرة صرخ في أمه “لم أعد صغيرا وليس من حقكم أن تتحكموا فينا إلى هذا الحد”، والوحيد الذي لم يخضع كان فارس الشخص المستقل الذي استطاع أن يكون شخصيته ويطورها بعيدا عن سلطة والديه.

كما أن رسم الشخصيات النسائية هو الآخر تميز بفهم نفسي عميق لأبعاد تنشئة كل شخصية، فها هي ليل التي نشأت في كنف حنان جدها الفنان القدير الذي ترى الطيبة على ملامحه بمجرد النظر إليه (رشوان توفيق) والذي في بيت متعاطف وحنون يكون شخصا طيبا لا يميل للصراعات ويبحث عن السلام النفسي دائما ولا يتوقع الشر من البشر ولا يفهم النفوس الخبيثة، بينما أختها فرح والتي أدت دورها الفنانة بسنت شوقي بمنتهى البراعة والإتقان لم تكن الحفيدة المقربة واعتمدت على نفسها وسافرت بعض الوقت خارج البلاد (ألمانيا) وهو ما اضطرها إلى أن تصبح أكثر إدراكا لطبيعة البشر ونفوسهم وحاولت تحذير أختها من بعض المواقف وبعض الشخصيات، بل وافتعلت صراعا مع أخت رقية حين تقابلتا في مكان عام دفاعا عن أختها، كما قبلت عرض فارس للعمل معه بالشركة وهو الذي رأته فرصة لتكون عينا لأختها داخل الشركة، الأمر الذي رفضته ليل منعا للمشاكل.

أما رقية فهي السيدة التي تربت على الأنانية وأنها مركز الكون، وهي ابنة مدللة اعتادت أن تحصل على ما تريد وأن تسيطر وتتحكم، اعتمدت على نفسها بشكل كامل، طموحها كبير وتنازلت كثيرا لتصل إلى ما تريد، ومع فرق الطبقات إلا أنها أيضا الغاية لديها تبرر الوسيلة مثل الخادمة شهد، أما أختها فلم تكن بهذه القسوة ولا الأنانية ولا الطمع، فقد تربت وهي تحصل على الدعم ولم تضطر إلى مواجهة تحديات كبرى مثل أختها، فكانت أكثر تعاطفا وإنسانية ما جعلها ترفض بعض تصرفات أختها حين اكتشتفها، وتعيد لها الأموال التي حولتها باسمها في حساباتها.

مسلسل “وتقابل حبيب” هو مسلسل عائلي بامتياز، لم يكن به لفظ واحد خارج، مسلسل بلا عنف، رومانسي اجتماعي، لم يخل من الكوميديا البسيطة، ووصل إلى الجمهور الحقيقي بكل بساطة بسبب القصة والإخراج الرائع للمتميز محمد الخبيري ودون أي أساليب تدفع الجمهور إلى المشاهدة أو تصنع “تريندا” زائفا وغير حقيقي.

حصل المسلسل على العديد من الجوائز، فقد حصلت نجمة العمل ياسمين عبدالعزيز على جائزة أفضل ممثلة في جوائز النقاد للدراما العربية، كما حصل المسلسل على عدد من جوائز الجمهور من كاس إنرجي وهي: جائزة أفضل مسلسل طويل، جائزة أفضل ممثلة في مسلسل درامي طويل لياسمين عبدالعزيز، وجائزة أفضل ممثل عن مسلسل طويل للنجم كريم فهمي.

كما فاز المخرج محمد الخبيري بجائزة أفضل مخرج لمسلسل طويل، وحصل النجم صلاح عبدالله على جائزة أفضل ممثل مساعد في مسلسل طويل، وفازت النجمة أنوشكا بجائزة أفضل بطلة ثانية في مسلسل طويل، وفاز بجائزة أفضل بطل ثان في مسلسل طويل النجم خالد سليم، وفاز الوجه الصاعد ريم رأفت على جائزة أفضل ممثلة صاعدة في مسلسل طويل، كما حصل تتر المسلسل على جائزة أفضل أغنية تتر في مسلسل طويل غناء المطربة إليسا، وحصل المبدع عمرو محمود يس على جائزة أفضل سيناريو لمسلسل طويل.