أخبار وتقارير

الأربعاء - 16 أبريل 2025 - الساعة 12:31 م بتوقيت اليمن ،،،

العرب


وضعت إيران نزع سلاح أذرعها في الإقليم محل تفاوض على طاولة لقاء مسقط، السبت الماضي، مقابل تخفيف الضغوط القصوى التي يلجأ إليها الرئيس الأميركي دونالد ترامب ضمن إستراتيجيته للتعامل معها من موقع قوة. وفيما تستعد طهران لتقليص دعمها العسكري للحوثيين، وتجد سهولة في تكييف ميليشيات الحشد في العراق مع إستراتيجيتها، يسير حزب الله بيسر لتنفيذ ذلك في وقت يدعو فيه الرئيس اللبناني جوزيف عون الحزب إلى دمج عناصره في الجيش كمقاتلين وليس ككتلة، على عكس ما جرى مع الحشد الشعبي في العراق.

وسعى الوفد الإيراني إلى طمأنة الأميركيين خلال اللقاء بأن بلاده يمكن أن تلزم أذرعها بوقف دائم لأنشطتها مقابل تسوية شاملة للخلاف مع الولايات المتحدة بشأن البرنامج النووي والعقوبات والاستهداف الإسرائيلي، إلا أن مراقبين يقللون من جدية وعود طهران معتبرين أنها من الصعب أن تتخلى مطلقا عن حلفائها، وربما قد تلجأ إلى ذلك مؤقتا ومن باب شراء الوقت، على أن تعود إليهم في حال فشلت إستراتيجية التهدئة.

وما يهم الإيرانيين في الوقت الحالي هو امتصاص تشدد ترامب ومنع المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة، ولذلك تعددت الإشارات في الفترة الأخيرة إلى نزع سلاح حزب الله في لبنان والميليشيات المنضوية تحت لواء الحشد في العراق لتأكيد أن إيران تمسك بمفاتيح اللعبة، وأنها قادرة على تجميد أنشطة أذرعها في أي وقت كمقابل للتسوية مع الولايات المتحدة.

وفي طهران يفكر المسؤولون بشكل مختلف ويراهنون على شراء الوقت معتقدين أن ترامب لن يستمر أكثر من أربع سنوات قادمة، وهي فترة يمكنهم من خلالها مجاراة إدارته وتجنب الصدام معها إلى حين قدوم إدارة أميركية جديدة لن تكون في كل الأحوال في مستوى تشدد ترامب.

وتخفي التصريحات التي تحث على الحوار والتهدئة تقييما داخليّا في إيران بأن إدارة ترامب يمكن أن تستهدف إيران بضربات قوية، وأنّ لا أحد يعرف ما يفكر فيه الرئيس الأميركي، وهل أن ضرباته ستكون جزئية لتحقيق الضغط السياسي أو ستكون عملا واسعا يطال قطاعات حيوية مثل النفط والمنشآت النووية. وليس هناك من خيار سوى تقديم تنازلات واضحة لتهدئة غضب ترامب، وعلى رأسها التضحية بالوكلاء المحليين.

وأفادت التقارير بأن المرشد الأعلى علي خامنئي سمح للمفاوضين الإيرانيين بإدراج الدعم العسكري لأذرع طهران في المحادثات مع الوفد الأميركي، مع إمكانية اعتماد نفوذ إيران لكبح جماح الحوثيين إذا تقدمت مفاوضات البرنامج النووي بشكل إيجابي.

وذكرت صحيفة التلغراف في الثالث من أبريل الجاري أن إيران أمرت أفرادها العسكريين بالانسحاب من اليمن، نقلا عن مسؤول إيراني صرح بأن هذه الخطوة تهدف إلى تقليل خطر المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة في حال مقتل شخصية رفيعة المستوى، مثل قائد في الحرس الثوري الإيراني، نتيجة للضربات الأميركية المستمرة.

ويعرف المسؤولون الإيرانيون أن إدارة ترامب ليست لها محاذير، وأنها يمكن أن تصفي أي قيادي عسكري إيراني كما حصل في يناير 2021 حين أمر ترامب بتصفية قائد فيلق القدس في الحرس الثوري قاسم سليماني، ما يعني أن انسحاب الخبراء والمدربين الإيرانيين هدفه تجنب صدام مباشر وخاصة تجنب الحرج الرسمي في حال قررت القيادة العسكرية الإيرانية عدم الرد على الاستهداف الأميركي، كما حصل في تصفية إسرائيل قادة بارزين من الحرس الثوري في القنصلية الإيرانية بدمشق.

ويعتقد مركز ستراتفور في تقرير له أن إيران ستحافظ على علاقات وثيقة مع الحوثيين، حتى مع تقليص دعمها العلني لهم لإرضاء واشنطن، ويعني ذلك استمرار تهريب الأسلحة، وتمكينهم من شبكات بديلة للحصول على أسلحة صينية.

وفيما قد تجد طهران صعوبة في إقناع الحوثيين بالامتثال لإستراتيجية التهدئة مع ترامب، يبدو الأمر سهلا بالنسبة إلى الميليشيات المتحالفة معها في العراق، وهي الأقرب إليها والأكثر معرفة بطريقة تفكير قادة الحرس الثوري.

ومنذ منتصف مارس، عندما بدأت الولايات المتحدة شن غارات جوية ضد قوات الحوثيين المدعومة من إيران في اليمن، ظهرت تقارير تفيد بأن طهران ووكلاءها في العراق يتخذون احتياطات لتجنب أن يصبحوا أهدافا.

ومن غير المرجح أن تُسلّم الميليشيات المدعومة من إيران سلاحها بالكامل أو تمتثل لطلب الولايات المتحدة حلّ نفسها. وقد تنقل هذه الجماعات الأسلحة وتُعمّق اندماجها في الجيش العراقي الرسمي (الذي تُعدّ جزءا منه اسميّا بالفعل) بطريقة تحافظ على وصولها إلى تلك الأسلحة أو تسمح بإعادة الإمداد السريع.

وتضمن هذه الإستراتيجية لإيران وحلفائها الحفاظ على نفوذهم للتصعيد ضد الولايات المتحدة عند الحاجة.

ويبدو أن الوضع الصعب الذي يعيشه حزب الله، بعد مقتل كبار قادته وتفكيك أهم ترسانته، يجعل من السهل على إيران إقناعه بذلك بالتوازي مع تحرك رسمي لبناني لمساعدة الحزب على الخروج من الورطة والبحث له عن مخرج يحفظ ماء الوجه.

وفي هذا السياق قال الرئيس اللبناني “لن نستنسخ تجربة الحشد الشعبي (في العراق) في استيعاب حزب الله في الجيش، ولا أن يكون وحدة مستقلة” داخله، موضحا “يمكن لعناصر حزب الله الالتحاق بالجيش والخضوع لدورات استيعاب مثلما حصل في نهاية الحرب (1975 – 1990) مع أحزاب عديدة.”

ويؤكد خبراء أن إنشاء كتيبة لحزب الله ضمن الجيش اللبناني قد يؤدي إلى تقويض المؤسسة العسكرية اللبنانية نظرا إلى ما يعتبره الكثيرون “ولاء” الحزب لإيران، مشيرين إلى أن الحل الأمثل قد يتمثل في تفكيك بنيته العسكرية الكاملة أو دمج أسلحته ضمن الجيش، مع إدماج مقاتليه بشكل فردي في صفوف الجيش.

ويقول ديفيد وود، المحلل المتخصص في الشأن اللبناني لدى “مجموعة الأزمات الدولية”، لوكالة فرانس برس إن “تأثير الحرب غيّر بوضوح الوضع ميدانيا في لبنان،” معتبرا أن “من الممكن أن يتّجه حزب الله إلى نزع السلاح، بل والمشاركة حتى في هذه العملية طواعية بدلا من مقاومتها.”

وأفاد مصدر مقرّب من حزب الله، من دون الكشف عن اسمه، فرانس برس السبت بأن أغلب المواقع العسكرية التابعة له في جنوب الليطاني باتت تحت سيطرة الجيش اللبناني، الذي عزز انتشاره في المنطقة.

وخلال زيارة إلى لبنان الشهر الجاري قالت نائبة المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط مورغان أورتاغوس إن واشنطن تواصل الضغط على الحكومة اللبنانية “من أجل التطبيق الكامل لوقف الأعمال العدائية، بما يشمل نزع سلاح حزب الله وكافة الميليشيات،” مشيرة إلى أن ذلك يجب أن يتم “في أقرب وقت ممكن.”