أخبار عدن

الجمعة - 07 مارس 2025 - الساعة 01:03 ص بتوقيت اليمن ،،،

خاص


في خطوة مفاجئة، قرر المهندس خالد باحميش، القائم بأعمال رئيس هيئة استكشاف وإنتاج النفط في اليمن، تقديم استقالته من منصبه، مفضلًا الحفاظ على سمعته المهنية بعيدًا عن الصفقات المشبوهة والتدخلات غير المشروعة التي تشهدها صناعة النفط والغاز في البلاد.

خلال فترة عمله في هذا المنصب، كان باحميش يُعدّ من أبرز المدافعين عن الأداء الحكومي المؤسسي، ساعيًا لتحسين إدارة القطاع النفطي، والحد من الفساد الذي يعصف به. لكنه وصل إلى نقطة فارقة حيث وجد نفسه غير قادر على الاستمرار في منصبه وسط الضغوط السياسية والمحاصصة التي تهدد استقرار القطاع الحيوي. استقالته تأتي في وقت عصيب، حيث تصاعدت الأزمات الاقتصادية، واشتدت مطالبات المجتمع المحلي بتطوير القطاع النفطي، لكن السلطات تعثرت في تقديم حلول جادة.

الضغوط السياسية والفساد وراء الاستقالة

تسجل استقالة باحميش موقفًا نزيهًا ضد الفساد، وهو ما يسلط الضوء على التحديات المستمرة التي يواجهها قطاع النفط في اليمن، بعد أن قدم عددًا من الأدلة للجنة تقصي الحقائق المشكلة من مجلس النواب، ولكن لم يتم اتخاذ أي إجراءات تصحيحية منذ سنوات.

مدير تحرير موقع عدن حرة، الكاتب الصحفي محمد المسبحي، طرح تساؤلات عديدة بشأن الاستقالة المفاجئة، حيث تم قبولها فورًا من قبل وزير النفط سعيد الشماسي. ماذا يحدث في خلف الكواليس في هذا القطاع؟ هل تم إبعاد باحميش تحت ضغط مافيا الفساد النفطي، أم أن هناك صفقات خفية تجري في الخفاء لا يرغب أحد في كشفها؟ في قطاع يعاني من الفساد والمصالح الضيقة، لم يعد هناك مكان للصدف، فكل شيء يجري وفق حسابات مسبقة، وتبقى السؤال الأبرز: من المستفيد الحقيقي من هذه الاستقالة؟.

الخلفية المالية: تحايل على أموال الدولة

الكاتب عادل شجاع أكد أن سبب الاستقالة يعود إلى مبلغ 1.5 مليون دولار، الذي دفعتها شركة توتال الفرنسية من حصتها في بند المشاركة في الإنتاج، وهو مبلغ تدفعه جميع الشركات العاملة في قطاع النفط. المبلغ كان مخصصًا للإيداع في وزارة المالية، إلا أن الوزير سعيد الشماسي أراد التصرف بالمبلغ بشكل شخصي دون الإيداع في خزينة الدولة، ما أثار غضب باحميش الذي رفض الموافقة على هذا التلاعب.

في الاستقالة، أوضح باحميش المخالفات القانونية التي يصر الوزير على تجاوزها، وهو ما أجبره على تقديم استقالته بعد أن شعر بأن الأمور خرجت عن نطاق السيطرة. وهنا يُطرح السؤال: أين هو رئيس الحكومة بن مبارك، الذي تحدث سابقًا عن حملته ضد الفساد؟ ولماذا لا يُحال الشماسي إلى القضاء مع تزايد الملفات التي تحوم حوله؟

فيما يتعلق باتفاقية شركة OMV: كشف المخالفات

في 20 فبراير من الشهر الماضي، رفع المهندس باحميش رسالة إلى رئيس المجلس الرئاسي، ورئيس الحكومة، ورئيس مجلس النواب حول المخالفات القانونية في اتفاقية المشاركة في الإنتاج مع شركة OMV النمساوية في قطاع S2 شيوة. في رسالته، أشار إلى تجاوزات قامت بها شركة OMV بخصوص انسحابها من القطاع دون التزام ببنود الاتفاقية التي تتطلب توفير بديل مؤهل قبل تسليم القطاع.

كما ذكر أن وزير النفط، سعيد الشماسي، قد طالب الهيئة بتجاوز بنود الاتفاقية مما يعكس توجهًا للتقليل من دور الهيئة الرقابي وتجاهل الإجراءات المتبعة لتشجيع الاستثمارات النفطية، مما يُهدد الاستثمار الأجنبي في القطاع.

الفساد يتغلغل: تدمير القطاع وتخريب الاقتصاد

المعركة ضد الفساد في قطاع النفط اليمني تتصاعد، حيث يتزايد الحديث عن عمليات تهريب النفط وعرقلة مشاريع حيوية كانت يمكن أن تسهم في تعزيز خزينة الدولة التي تعاني من انهيار العملة الوطنية وارتفاع الديون. الفساد الذي يتغلغل في القطاع، بحسب العديد من المراقبين، يعد أحد الأسباب الرئيسية وراء تدهور الوضع الاقتصادي في اليمن.

وزير النفط، سعيد الشماسي، يُتهم بـ تخريب منهجي للقطاع، حيث يقوم بإعفاء الشركات من التزاماتها، ويتعامل مع شركات أخرى بشكل غير قانوني، ما يعرض ثروات البلد للتدمير. بينما يشهد الجميع تردي واقع التنمية بسبب تغلغل الفساد المالي والإداري، بالإضافة إلى شبكة المحسوبية والمحاصصة التي تستفيد من عوائد النفط بدلاً من استغلالها لتحسين المعيشة اليومية للمواطنين.

المطالبات بإسقاط الحكومة ومحاسبة الفاسدين

لقد أصبح واضحًا أن حكومة الفساد لم تعد قادرة على حماية المال العام، ولم تُقدم أي حلول جادة للمشاكل الاقتصادية المتفاقمة. الكاتب عادل شجاع طالب بـ إسقاط الحكومة ومحاكمة وزرائها في محاكم شعبية، مؤكدًا أن القضاء أصبح مشاركًا في الفساد من خلال سكوتها عن هذه الممارسات. وقال أيضًا: ما هي وظيفة النائب العام إن لم يكن للوقوف أمام هذه الملفات؟.

استقالة خالد باحميش لم تكن مجرد قرار فردي، بل دعوة جادة للتحرك من أجل إصلاح قطاع النفط اليمني الذي أصبح تحت سيطرة الفاسدين، حيث تستمر الشبكات المتنفذة في الاستفادة من الثروات النفطية بعيدًا عن رقابة الدولة. المسؤولية الآن تقع على عاتق الجميع، من الحكومة إلى القضاء، لتصحيح الأوضاع، وإنقاذ ما تبقى من ثروات البلاد، قبل أن يُستنفد كل شيء.