الأربعاء - 09 أكتوبر 2024 - الساعة 11:21 ص بتوقيت اليمن ،،،
لحج | صدام اللحجي :
بالنظر إلى الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها محافظة لحج، يعاني المعلمون من واقع معيشي متدهور جعل حياتهم اليومية أكثر تعقيدًا. فقد أصبحت الرواتب الحكومية المتواضعة لا تكفي لتغطية احتياجاتهم الأساسية مثل الغذاء، السكن، والتعليم لأبنائهم. هذا التدهور في الظروف المعيشية أدى إلى استياء واسع بين صفوف المعلمين الذين باتوا يبحثون عن حلول بديلة لتحسين أوضاعهم الاقتصادية.
الرواتب التي يتقاضاها المعلمون بالكاد تغطي احتياجات أساسية. فعلى سبيل المثال، رواتب المعلمين في لحج لا تتجاوز في كثير من الأحيان 80,000 ريال يمني شهريًا، وهو مبلغ يعادل أقل من 200 ريال سعودي . مع التضخم الكبير وارتفاع أسعار السلع والخدمات، أصبح من المستحيل تقريبًا على المعلم أن يعيل أسرته أو يوفر حياة كريمة لأطفاله. في ظل هذا الواقع، وجد الكثير من المعلمين أنفسهم مجبرين على البحث عن مصادر دخل إضافية.
أحد الحلول المؤلمة التي لجأ إليها العديد من المعلمين هو الانخراط في جبهات القتال كوسيلة لتحسين أوضاعهم المعيشية. هذه الخطوة الخطيرة تأتي بسبب العروض المالية التي تقدمها بعض الأطراف ، حيث يتم إغراء المعلمين برواتب تصل إلى 1000 ريال سعودي، وهو ما يعادل أكثر من 500 ألف ريال يمني. هذا المبلغ الضخم مقارنة برواتبهم السابقة يدفعهم إلى التضحية بمهنة التعليم والمخاطرة بحياتهم في مناطق الصراع.
التحاق المعلمين بالجبهات ليس نتيجة لاقتناع أيديولوجي أو انحياز سياسي، بل هو اضطرار لتحسين معيشتهم. فمع غياب حلول حكومية لتحسين الأوضاع الاقتصادية، وتأخر الرواتب الحكومية لفترات طويلة، يصبح خيار القتال هو الأكثر جذبًا للمعلمين. فبالنسبة للعديد منهم، هذا الراتب يعادل أضعاف ما يتقاضونه من العمل في المدارس، ما يساعدهم على توفير معيشة أفضل لعائلاتهم.
ومع تزايد عدد المعلمين الذين يلتحقون بالجبهات، تتزايد الآثار السلبية على قطاع التعليم في المحافظة. فالمدارس تعاني من نقص حاد في الكوادر التعليمية المؤهلة، مما يؤدي إلى تراجع مستوى التعليم وجودته. الطلاب هم أولى ضحايا هذا الوضع، حيث يفتقدون إلى المعلمين الذين يمثلون الدعامة الأساسية في العملية التعليمية.
علاوة على ذلك، فإن فقدان المعلمين للتركيز على رسالتهم التعليمية وانشغالهم بمهام عسكرية يؤثر سلبًا على أجيال المستقبل. التعليم، الذي يُعتبر أحد الركائز الأساسية لبناء المجتمع وتطويره، أصبح يعاني من ضربة قوية نتيجة هذه الأزمة.
لا يمكن تجاهل أن الظروف المعيشية المتدهورة هي السبب الرئيسي وراء هذه الظاهرة. المعلمون، الذين يعتبرون العمود الفقري للمجتمع، وجدوا أنفسهم في وضع لا يُحسدون عليه. وبينما هم في حاجة ماسة لتحسين أوضاعهم المعيشية، يجب على الجهات الحكومية والمعنية التفكير في حلول جذرية وسريعة لتحسين أوضاعهم المالية. إن تحسين مستوى الرواتب وتوفير الدعم اللازم للمعلمين هو السبيل الوحيد للحد من هذه الظاهرة والحفاظ على جودة التعليم في المحافظة.