أخبار اليمن

الأربعاء - 16 أبريل 2025 - الساعة 12:24 م بتوقيت اليمن ،،،

العرب


خطت حضرموت، أكبر المحافظات اليمنية مساحة وإحدى أكثرها غنى بالموارد الطبيعية وأهمها من حيث الموقع الإستراتيجي، خطوة جديدة نحو الفوضى السياسية والأمنية الناجمة عن تناطح المشاريع والأجندات المحلية والأجنبية، وذلك بالإعلان عن تأسيس كيان جديد يقوده قيادي سابق في تنظيم القاعدة ما جعل مصادر محلية تنسبه إلى تركيا وتشبّه تجربته بتجربة الرئيس السوري الحالي المقرّب من أنقرة أحمد الشرع.

وشهدت مدينة العبر بشمال غرب المحافظة إشهار الكيان الجديد الذي حمل اسم تيار التغيير والتحرير وورد في بيانه التأسيسي أنّه جاء “استجابة لحاجة اليمنيين إلى صوت صادق ورؤية قابلة للتنفيذ،” وذلك في “لحظة وطنية حرجة”.

وبدا الكيان الجديد من خلال الأهداف المعلنة لتأسيسه متجاوزا للإطار الجغرافي لحضرموت حيث تعهّد مؤسسوه بالعمل على “إعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس العدالة والكفاءة،” لكن دوائر سياسية وإعلامية قالت إنّ الاختيار على حضرموت منطلقا له يعكس حالة الفوضى وتعدّد السلط السائدة هناك حيث بات صوت السلطة الشرعية المعترف بها دوليا هو الأكثر خفوتا بعد ظهور سلطات موازية تتحدّث باسم السكان وتمارس سلطات واسعة على القبائل وتسجل حضورها في المشهد الأمني على غرار تحالف قبائل حضرموت الذي تدرّج مؤخّرا نحو الإعلان عن سعيه بجدّ ومثابرة لإعلان الحكم الذاتي في حضرموت وشرع في تحصين مشروعه بتشكيل قوات خاصة به.

ويقود تيار التغيير والتحرير أبوعمر النهدي القيادي السابق في تنظيم القاعدة والمنشقّ عنه سنة 2018 حيث وجّه انتقادات علنية لقادة التنظيم ودخل معهم في سجالات.

ودفع الماضي القاعدي للنهدي متابعين للشأن اليمني إلى إثارة شكوك بشأن وقوف تركيا وراء تأسيس الكيان الجديد في حضرموت مطلقين على الرجل تسمية “جولاني” اليمن، ومعتبرين أنّ من المنطقي أن تدخل أنقرة على خطّ المنافسة على موطئ قدم في حضرموت التي باتت مفتوحة على صراع النفوذ الذي تصاعد بشكل واضح وأخذ شكل السباق بين مختلف المتنافسين المستعجلين على أخذ حصصهم في المحافظة.

وقال النهدي في كلمته أثناء مهرجان إعلان التيار إنّ الكيان الجديد لا يسعى للتنظير أو رفع الشعارات بل يسعى لتجسيد المواقف على الأرض، معتبرا أن “التغيير لا تصنعه الهتافات بل تصنعه الإرادات والخطوات العملية.”

واستعان الرجل في الكلمة المذكورة ببعض العبارات من سجلّ كبار قادة القاعدة قائلا في إحداها إنّ تياره “لا يشبه أحدْ ولا يقلد أحدْ ولا يخاف من أحدْ إلا الواحد الأحدْ”.

وقال الإعلامي فتحي بن لزرق إنّ “رئيس التيار هو أبوعمر النهدي رفيق الرئيس السوري أحمد الشرع في القتال بالعراق. وهو أحد أبرز قادة القاعدة المنشقين عنها،” مضيفا في تعليق عبر منصّة إكس “هذا الكيان هو الأول الذي يعلن عن حضوره على الساحة اليمنية بدعم مباشر من تركيا،” معتبرا ذلك مظهرا على استباحة البلد وفتحه على مصراعيه.

وردّ بعض النشطاء السياسيين على ذلك مشككين في قتال النهدي في العراق ومعتبرين نسبته إلى تركيا وتشبيهه بالرئيس السوري ضربا من الدعاية له عبر الإحالة على نجاح المسار التركي في سوريا وفاعليته في إحداث التغيير هناك لمصلحة أنقرة وحلفائها.

ولم يكن النهدي نفسه بعيدا عن الإشارة تلميحا إلى النموذج السوري في تحوّل جبهة النصرة من العمل المسلّح إلى العمل السياسي وصولا إلى قيادة الدولة وذلك عندما قال في خطابه إنّ “توجّه القيادات السابقة في تنظيمات مسلحة نحو العمل المدني والسياسي هو خطوة أكثر نضجا من مسارات التفخيخ والدمار التي أنهكت اليمن لعقود.”

ولم يكن السلاح غائبا عن مهرجان تأسيس التيار الجديد حيث جرت المراسم التي دعي إليها العديد من الوجهاء القبليين تحت حراسة مشدّدة اضطلع بها العشرات من المسلحين الذين قالت مصادر محلية إنهم من عناصر القاعدة المتمرّسين بالقتال والمنشقين عن التنظيم برفقة النهدي.

واتّخذ التيار راية له تمثلت في علم أبيض كتب عليه اسمه، شبيه إلى حدّ بعيد براية حلف قبائل حضرموت، كما رُفعت إلى جانب تلك الراية أخرى حمراء كتب عليه اسم “كندة” في إشارة إلى القبيلة العربية المشهورة.

واكتسى توقيت إعلان تيار النهدي سمة استثنائية حيث جاء في أوج نشاط حلف قبائل حضرموت بقيادة عمرو بن حبريش وتصعيده ضدّ منافسه على النفوذ في حضرموت المجلس الانتقالي الجنوبي والشرعية اليمنية على حدّ سواء والتي أعلن عدم اعترافه بقراراتها وقطعه الحوار معها والتوجّه إلى التحاور المباشر مع داعمتها الرئيسية المملكة العربية السعودية.

وتوّج الحلف تصعيده مؤخّرا بعقده في منطقة الهضبة بحضرموت أكبر تجمّع قبلي له منذ تأسيسه حيث أعلن خلاله عن حسم قراره بالمضي في إعلان الحكم الذاتي في المحافظة.

وبات ظهور كيان جديد متمثّل في تيار التغيير والتحرير مثار تساؤل حول ما إذا كان سيعمل بالتنسيق والتكامل مع حلف بن حبريش أم سيتناقض معه وينافسه على النفوذ الأمر الذي سيشكل وصفة صدام في المحافظة التي تحوّلت سريعا من موطن للاستقرار إلى بؤرة للتوتّرات.