كتبه أ. د. عبدالله عبدالله عمر
لو كنتَ تتبنی طروحات صحيحة فلا تتستر خلف الكنی والأسماء المستعارة والنسبة العامة.
لماذا يختفون وراء الكنی والأسماء المستعارة ثم ينزلون منشورات فيها ما لا يصح شرعًا ولا عقلًا ولا منطقيًا؟!! إنّ المسلم الحق الصادق لا يوجد عنده ما يُوجب عليه إخفاؤه لا سيما فيما يتعلق بالعلم والدعوة وحياة الناس اجتماعيًا وسياسيًا واقتصاديًا.
فمن يحمل طروحات علمية أو شرعية صحيحة لا يصلح له التستر والاختفاء وراء أقنعة الكنی العامة والنسب غير الواضحة، - وهو ديدن كثير ممن يكتبون علی تطبيق الفيس في موضوعات تدعو إلی إقلاق سكينة المجتمع ونشر الفوضی وادغوة إلی الفتن، بل منهم من يُنسبون إلی منهج السلف - وليس من هدي السلف هذا السلوك، و هو سلوك مذموم عند أهل الحديث.
فهل يعلم المتسترون بالكنی والأسماء المستعارة أنّهم يخالفون صريح القرآن والسنة، و أخلاقيات المجتمع، فقد أفصح ربنا - عز وجل - عن نفسه حين خاطب موسی - عليه الصلاة والسلام - فقال عزّ من قائل:{ إني أنا ربك فاخلع نعليك إنّك في الوادي المقدس طوی} طه ١٢، وقال تعالی: { يا موسی إنّه أنا الله العزيز الحكيم} الآية ٩، هذه الفائدة تعريف الله عز وجل بنفسه نبّهني عليها أخونا أحمد مهدي ناجي (الحراجي) - حفظه الله - ونبينا - عليه الصلاة والسلام- ذم من طرق بابه من غير أن يفصح عن هويته غير قوله: أنا أنا فقال -عليه الصلاة والسلام - (أنا أنا) فقد أخرج البخاري ومسلم في صحيحهما: عن جابر- رضي الله عنه - قال: أتيتَ النبي - صلی الله عليه وسلم - فدققتُ البابَ، فقال: من ذا؟ فقلتُ: أنا، فقال: أنا أنا!! كأنّه كرهها" فانظر إلی جواب نبينا -عليه الصلاة والسلام- لمن لم يُصرِّح باسمه ويكشف عن هويته. وقد بوب النووي -رحمه الله- في كتابه رياض الصالحين بقوله:" باب أنّ السنة إذا قيل للمستأذن من أنت؟ أن يقول فلان فيسمي نفسه بما يعرف به من اسم أو كنية وكراهة قوله: أنا ونحوها"
فتأمل تدليس كثير من الناس باختلاقهم أسماء مستعارة وكنی غير معلومة، فهذه سلوكيات تخالف ما جاء في الحديث وإن كان الحديث في الاستئذان، فالتصدي للإعلام والكلام في مواقع التواصل الاجتماعي وادعاء النصح للمجتمع والإرشاد ودعوتهم للخير فمن من باب أولی أن الجهالة فيه مذمومة.
فالواجب أن يُفصحوا عن أنفسهم وإلا فإنّهم غير واثقين مما يطرحون ويرومون من الناس العمل به، وقد نص علماؤنا علی ضرورة أن يُسمِّي الشخص نفسه بما يزيل جهالته قبل قبول روايته أو كلامه، فقد جاء عن ابن عباس- رضي الله عنه- أو غيره (شككتَ) قولهم بعد اختلطت الأمور وظهر من يتستر بالإسلام، :" سموا لنا رجالكم".
فكانوا لا يقبلون إلا عمّن عرّف بنفسه ووثقوا من عدالته. فهل يعلمون أنّهم بهذا السلوك يُسقطون الثقة بهم ويُشككون من صحة ما يزعمون أنّه حق، فهم يجعلون من أنفسهم غير مقبولي الرواية وغير مسموعي الكلام، فإنّ الجهالة عند المحدثين جرحًا يُسقط عدالة من لم يُفصِح عن نفسه لا سيما حين تكون جهالة عين؛ لأنّ عدم ذكر أسمائهم هو إبهام، والإبهام يعد جهالة عين وجهالة العين تمنع من معرفة عدالتك إلا الصحابة -رضي الله عنهم - فإنّ جهالتهم لا تضر، فكلهم عدول.
وقد قرر علماء المسلمين أنّ هذا الدين علم وأنّ الواجب أن ننظر عمن نأخذ هذا العلم جاء في مقدمة صحيح مسلم قول ابن سيرين - رحمه الله -:" إنّ هذا الدين علم فانظروا عمّن نأخذوا دينكم"فكلام ابن سيرين - رحمه الله - يتضمن:
١- أنّ الدين علم، فمن أراد فهم دينه وتبليغه للناس، فعليه بالعلم ومدارسته.
وهذا ينطبق علی المجالات الأخری الاجتماعية والسياسية.
٢- وجوب النظر فيمن نأخذ عنهم الدين الذي طريقه العلم، وهذا شرط ثانٍ مهم جدًا.؛ ولذا لا يجوز الأخذ عن الجهلة ولا المبتدعة ولا المجهولين
فهل هذا سلوك صحيح أم سلوك غير صحيح؟
الجواب فيما جاء في المنشور
والله ولي التوفيق