الخميس - 17 أكتوبر 2024 - الساعة 12:00 م بتوقيت اليمن ،،،
تقرير | صدام اللحجي :
في أسواق حاضرة لحج، يُعد سمك الوزف، المعروف بلقب "لحم الفقراء"، من أشهر الأصناف البحرية التي تحظى بشعبية واسعة بين سكان المدينة. هذا السمك الصغير، الذي يتميز بتكلفته المنخفضة وقيمته الغذائية العالية، أصبح جزءًا لا يتجزأ من النظام الغذائي اليومي للعديد من الأسر، خصوصًا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد.
*ما هو سمك الوزف؟*
سمك الوزف هو نوع من الأسماك الصغيرة، غالبًا ما يتم صيده من المياه الساحلية القريبة من لحج والمناطق المجاورة. يُباع الوزف في الأسواق بكميات كبيرة، سواء طازجًا أو مجففًا، ويتميز بنكهته اللذيذة وسهولة تحضيره. بالنسبة للكثير من الأسر ذات الدخل المحدود، يعتبر الوزف خيارًا اقتصاديًا يوفر بديلًا للبروتين الحيواني بأسعار معقولة مقارنة باللحوم الأخرى.
*"لحم الفقراء": تسميات ودلالات*
يُطلق على الوزف لقب "لحم الفقراء" بسبب تكلفته المنخفضة وإتاحته للجميع، حتى أولئك الذين يعانون من ضيق الحال. بينما ترتفع أسعار اللحوم الحمراء والدواجن وحتى الأسماك ، يظل الوزف في متناول يد الجميع، مما يجعله مصدرًا مهمًا للبروتين للأسر ذات الدخل المحدود.
في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي تعيشها لحج وغيرها ، أصبح الوزف جزءًا أساسيًا من مائدة الفقراء، حيث يوفر لهم وجبة مغذية وغير مكلفة. إنه خيار يمكن تحضيره بطرق متنوعة، مثل القلي أو التجفيف أو الطهي مع الأرز، مما يجعله مكونًا متعدد الاستخدامات في المطبخ المحلي.
*وجوده في الأسواق*
في أسواق حاضرة لحج، يُعرض سمك الوزف بكميات كبيرة، وتتنوع أسعاره حسب الموسم وحجم الصيد اليومي. خلال فترات الصيد الوفير، تكون الأسعار في متناول الجميع، حيث يمكن شراء كمية كبيرة من الوزف مقابل مبلغ زهيد. لكن في بعض الفترات، وخاصة عندما تكون مياه البحر غير مناسبة للصيد، قد ترتفع أسعاره قليلاً، لكنه يظل أرخص من غيره من الأصناف البحرية واللحوم.
الأسر التي تعتمد على الوزف بشكل كبير غالبًا ما تقوم بشراء كميات منه لتخزينه وتجفيفه، بحيث يمكن استخدامه لاحقًا في تحضير أطباق متنوعة. هذه الطريقة التقليدية في التعامل مع الوزف تتيح للأسر توفير احتياجاتها الغذائية لفترات طويلة دون الحاجة إلى شراء البروتين الحيواني بشكل يومي.
*قيمته الغذائية وفوائده*
رغم صغر حجمه وسعره الزهيد، إلا أن سمك الوزف غني بالعناصر الغذائية الضرورية. فهو يحتوي على نسبة جيدة من البروتينات التي يحتاجها الجسم لبناء العضلات والأنسجة، إلى جانب مجموعة من الفيتامينات والمعادن مثل الفوسفور والكالسيوم وأحماض أوميغا-3 الدهنية، التي تُسهم في تعزيز صحة القلب وتحسين وظائف الدماغ.
يعتبر الوزف خيارًا صحيًا بالمقارنة مع بعض الأطعمة الأخرى التي قد تكون مرتفعة السعر وقليلة القيمة الغذائية. كما أنه سهل الهضم وخفيف على المعدة، مما يجعله مناسبًا لجميع أفراد الأسرة، بما في ذلك الأطفال وكبار السن.
*تحديات تواجه صيد الوزف*
رغم الشعبية الكبيرة التي يحظى بها سمك الوزف، إلا أن هناك تحديات تواجه الصيادين المحليين الذين يعتمدون على صيده. من أبرز هذه التحديات التغيرات المناخية التي تؤثر على توفر الأسماك، بالإضافة إلى تدهور البيئة البحرية في بعض المناطق الساحلية. كما أن نقص المعدات الحديثة وأدوات الصيد يؤثر سلبًا على قدرة الصيادين على جلب كميات كبيرة من الأسماك إلى الأسواق.
في فترات الركود البحري، يمكن أن تشهد أسواق لحج نقصًا في الوزف، مما يؤدي إلى ارتفاع أسعاره، وهو ما يضيف تحديًا آخر للأسر الفقيرة التي تعتمد عليه بشكل أساسي في تغذيتها اليومية.
*دور الوزف في التراث والثقافة المحلية*
لا يقتصر دور سمك الوزف على كونه مجرد طعام اقتصادي، بل يمتد إلى كونه جزءًا من التراث والثقافة المحلية في لحج. منذ أجيال، كانت العائلات تعتمد على هذا السمك في إعداد وجباتها اليومية، خاصة في الأوقات الصعبة، مما جعله رمزًا للصمود والتكيف مع الظروف.
توارثت الأجيال طرق تحضير وتخزين الوزف، حيث يتم تجفيفه وحفظه لاستخدامه لاحقًا في أشهر السنة التي يقل فيها الصيد. وفي المناسبات الاجتماعية والدينية، يمكن أن يكون الوزف جزءًا من الولائم البسيطة التي تُعد للأسر والجيران، مما يعكس قيم المشاركة والكرم في المجتمع المحلي.
*مستقبل سمك الوزف في أسواق لحج*
مع استمرار التحديات الاقتصادية التي تواجه اليمن عامة والجنوب خاصة ، يظل سمك الوزف مصدرًا حيويًا للبروتين للعائلات ذات الدخل المحدود في لحج. ومع ذلك، فإن الحفاظ على هذا المورد الحيوي يتطلب اهتمامًا أكبر بتطوير قطاع الصيد المحلي وتحسين البيئة البحرية لضمان استمرار توفره بأسعار معقولة في الأسواق.
ويبقى الوزف *"لحم الفقراء"* رمزًا للصمود والبساطة، وتجسيدًا للعلاقة الوثيقة بين أهل لحج وبيئتهم البحرية، حيث يجمع بينهم حب الحياة وتحدي الظروف الاقتصادية الصعبة.