قالت أوساط سياسية أردنية إن إعلان الأمير حمزة بن الحسين تخليه عن لقب أمير احتجاجا منه على ما أسماه السياسات الراهنة في الأردن قد يمهد الطريق لسلوكه طريق الشعبوية الذي يتخفف فيه من ضوابط الأسرة الهاشمية في التكتم وإدارة الخلافات وحلها داخل الأسرة ودون أن يسمع بها أحد من عامة الناس.
وأشارت الأوساط السياسية الأردنية إلى أن الناس يتناقلون خبر التخلي عن اللقب كدليل على أنه نقطة انطلاق جديدة لتيار شعبوي داخل الأردن لا مشكلة له مع الملكية، بل هو يتمسك بها، ولكن يعارض السياسات الخاطئة في الحكم، وأنه يعتبر تخلي الأمير حمزة عن اللقب إشارة إلى الانزعاج من القطيعة الآخذة في التوسع بين الأسرة المالكة والشارع الأردني.
واعتبرت هذه الأوساط أن ما يزعج العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني من شعبوية محتوى تغريدة الأمير حمزة على تويتر أنها ستكون بمثابة قادح لعودة التوتر مع العشائر التي يُعتبر شيوخها أقرب إلى الأمير حمزة ويتعاطفون معه ومع أفكاره ويرون أنها تعبر عن الموقف التاريخي للأسرة الهاشمية في قربها من الناس.
وأكدت الأوساط ذاتها أن إعلان التخلي عن اللقب فيه رسالة واضحة مفادها أن الأمير حمزة لم يغير موقفه الأول بالرغم من البيانات والرسائل التي نقلت عنه، والتي أعلن فيها اعتذاره واعترافه بالخطأ، متسائلة عن السبب الذي يجعل الأمير حمزة، الذي يوجد قيد الإقامة الجبرية، يرسل رسالة اعتذار قبل شهر واحد ثم يعلن الآن رسالة مغايرة.
وقال الأمير حمزة الأحد إن ما شهده في السنوات الأخيرة جعل من الصعب عليه تأييد السياسات التي تنتهجها المؤسسات الأردنية.
وكتب يقول "توصلت إلى خلاصة بأن قناعاتي الشخصية والثوابت التي غرسها والدي في، والتي حاولت جاهدا في حياتي التمسك بها لا تتماشى مع النهج والتوجهات والأساليب الحديثة لمؤسساتنا".
وأضاف "فمن باب الأمانة لله والضمير، لا أرى سوى الترفع والتخلي عن لقب الأمير وقد كان لي الشرف العظيم بخدمة بلدي المفدى وشعبي الغالي بهذه الصفة على مدى سنوات عمري".
ويقول مراقبون أردنيون إن الأمير حمزة قدم أكثر من رسالة اعتذار لكن وضعه ظل كما هو، حيث لم يغادر الإقامة الجبرية، كما يشعر بأن هناك رغبة في جعله طي النسيان وإبعاده عن الناس تدريجيّا، معتبرين أن هذا سبب أساسي في ردة فعله.
ومن الواضح أن الاعتذار لم يلق التجاوب الشعبي عندما وزعه الديوان الملكي، وعلى العكس من ذلك تحظى رسالة الأمير حمزة الجديدة بالمتابعة والنقاش والتساؤلات بين الأردنيين، كما تثير توجسا كبيرا داخل الأسرة المالكة، والسبب هو الخوف من أن يلقى حديث الأمير تفاعلا داخل الشارع في ظل الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الحادة، وغياب البدائل التي تساعد المملكة على الخروج من وضعها الصعب بسبب انشغال العالم بأزمات أخرى.
وجاءت تغريدة الأمير حمزة الرافضة للسياسات الحالية في وقت غير ملائم للأردن بعد تسريبات جديدة تتعلق بحسابات خارجية للملك عبدالله والأسرة المالكة، وبالتزامن مع ما يعيشه الأردن من وضع اقتصادي واجتماعي سيء قد يتطور إلى احتجاجات في ظل ارتفاع الأسعار وعجز الدولة عن توفير الخدمات. ويمكن أن تصب مواقف الأمير الزيت على النار بما يتعارض مع سعي السلطة للتهدئة.
ويرى المراقبون أن مشروع الأمير حمزة المعارض والذي تم مباشرة بالتنسيق مع القبائل قد فشل نتيجة تحرك الأجهزة الأمنية، وأن خطابه الحالي سيحرره من أي التزام في علاقته بالعشائر فلن يَلحق أحدا أذى بسببه، وهو ما يجعله يتكلم بصوت أعلى وأكثر نقدا وحدّة، الأمر الذي يمنحه مشروعية أكبر. ولفت هؤلاء المراقبون إلى أن تحرك الأمير -وهو ابن مؤسسة الحكم وولي عهد سابق- سيكون أكثر سهولة لأنه لا يهز مسلمات الحكم الملكي، وخاصة أنه ليس من فرع بعيد عن الأسرة.
وصرّح المحلل السياسي الأردني عامر السبايلة بأنه يتوقع أن ما أعلن عنه حمزة سوف يؤدي إلى إعادة تأجيج الخلاف داخل الأسرة المالكة بعد أن ظنّ كثيرون في الأردن أن هذا الخلاف انتهى باعتذار الأمير.
ويعتقد السبايلة أن حمزة اتخذ قراره بمفرده وأعلنه على حسابه الشخصي في تويتر، دون التشاور مع العائلة المالكة، وهي “محاول منه للعودة إلى موقفه القديم، حيث عدنا إلى النقطة التي أعلن فيها عن عدم رضاه، وعن شعوره بالمرارة وغياب المصالحة”.
وواجه الأمير حمزة في أبريل الماضي تهما بمحاولة زعزعة استقرار النظام الملكي في إطار مؤامرة بإلهام من الخارج، لكنه تفادى العقاب بعد مبايعته للملك عبدالله الأخ غير الشقيق، وكان ذلك بوساطة من داخل الأسرة.
وقبل التسوية أعلنت السلطات الأردنية أن “تحقيقات أولية” أظهرت تورط الأمير حمزة مع “جهات خارجية” وما يسمى بـ”المعارضة الخارجية” في “محاولات لزعزعة أمن البلاد” و”تجييش المواطنين ضد الدولة”، وهو ما نفاه الأمير عبر تسجيل مصور منسوب إليه.
وكان حمزة (42 عاما) قد عين وليا للعهد عندما توفي الملك حسين في عام 1999 وأصبح عبدالله ملكا، لكنه فقد لقب ولي العهد بعد ذلك بخمسة أعوام عندما نصب الملك عبدالله ابنه وريثا له.
وفي العام الماضي وُضع قيد الإقامة الجبرية. وهز الخلاف صورة الأردن كملاذ للاستقرار في الشرق الأوسط.