منوعات

الثلاثاء - 08 أبريل 2025 - الساعة 07:34 م بتوقيت اليمن ،،،

وكالات


كشفت دراسة حديثة نُشرت على موقع “ساينس أليرت” عن دور غير متوقع للخلايا الميتة في تحفيز عمليات الشفاء وإصلاح الأنسجة.

ووجدت أن الخلايا التي تموت بطريقة النخر (الموت غير المبرمج) تُطلق إشارات جزيئية تنشط خلايا مجاورة وسليمة، مما يسرع من تجديد الأنسجة التالفة.

وأظهرت الأبحاث التي أُجريت على ذباب الفاكهة (دروسوفيلا ميلانوجاستر) أن الخلايا المحتضرة تُحفز إنتاج إنزيمات تسمى “كاسباسيس” والتي تُعرف عادةً بدورها في تدمير الخلايا أثناء موت الخلايا المبرمج.

لكن المفاجأة كانت أن هذه الإنزيمات، عند تنشيطها عبر إشارات النخر، تعمل على تعزيز نمو الخلايا السليمة وإصلاح الأنسجة المصابة.

وأوضح روب هاريس عالم الوراثة بجامعة ولاية أريزونا، أن هذه النتائج تُظهر لأول مرة كيف يمكن لموت الخلايا الفوضوي أن يُحفز استجابة إصلاحية في خلايا بعيدة عن موقع الإصابة.

كما أشار إلى أن فهم هذه الآلية قد يفتح أبوابًا جديدةً في مجال الطب التجديدي، خاصةً في علاج الجروح المزمنة أو الإصابات الناتجة عن النوبات القلبية والسكتات الدماغية.

وتبنت هذه الدراسة نتائج بحث سابق أجراه الفريق عام 2021، والذي لاحظ أن الخلايا المتضررة بالنخر تُرسل إشارات إلى خلايا أخرى غير مصابة.

ومع أن التجارب لا تزال في مراحلها الأولى على الكائنات البسيطة، إلا أن الباحثين يأملون في تطبيق هذه الاكتشافات على البشر مستقبلًا، حيث يمكن استغلال آلية “الكاسباسيس” لتعزيز شفاء الأنسجة التالفة.

وأضاف هاريس “هناك الكثير مما نجهله عن دور الكاسباسيس في إصلاح الأنسجة، لكن هذه النتائج تقدم لنا نافذةً جديدة لفهم كيفية تحسين عمليات الشفاء الطبيعية في الجسم.”

ورغم أن الباحثين لم يختبروا هذه النتائج على البشر بعد، والذين تعدّ أجسامهم أكثر تعقيداً بكثير من أجسام ذباب الفاكهة، فإنهم أكدوا أنهم إذا تمكَّنوا من فهم هذه العملية بشكل أفضل، فقد يتوصَّلوا إلى طريقة لتسخيرها لتسهيل شفاء البشر.

واقترح باحثون من جامعة طوكيو اليابانية تعريفاً جديداً للموت على المستوى الخلوي بطريقة حسابية، يعتمد على قدرة الخلية “الميتة” المحتملة على العودة إلى ما يُطلق عليها “حالة تمثيلية للحياة”، بحسب دراسة حديثة.

ويعني اقتراح تعريف جديد للموت بطريقة حسابية محاولة صياغة “مفهوم الموت” من خلال مجموعة من القوانين والمعادلات الرياضية، بدلاً من الاعتماد فقط على التعريفات الوصفية، أو البيولوجية التقليدية.

والهدف من هذا الاقتراح هو تقديم وسيلة دقيقة وموحدة لقياس وفهم متى وكيف تتوقف الكائنات الحية، وخاصة الخلايا، عن كونها “حية” من منظور علمي موضوعي.

وهذا التعريف يمكن تطبيقه على الخلايا في البيئات التجريبية، مما يسهّل دراسة العمليات الحيوية، وفهمها بدقة أكبر، كما يمكن لهذا التعريف أن يقدّم قيمة كبيرة للباحثين في العلوم البيولوجية، وأن يكون له تأثير في الأبحاث الطبية المستقبلية.

والموت الخلوي، هو عملية أساسية معروفة في العلوم البيولوجية، ويلعب دورا رئيسيا في مجموعة من العمليات الحيوية مثل التكوين الجنيني، وصيانة الأنسجة، وحتى مكافحة الأمراض.

ورغم هذه الأهمية، يفتقر الموت الخلوي إلى تعريف رياضي موحد يمكن استخدامه في الأبحاث العلمية، وقد يبدو من البديهي تعريف الحياة والموت، ولكن على المستوى الخلوي، تتداخل هذه الحدود بشكل غامض مما يجعلها صعبة التحديد بدقة.

وقال المؤلف الرئيسي للدراسة يوسوك هيميوكا، الباحث في معهد البيولوجيا العالمية بجامعة طوكيو: “هدفي العلمي طويل المدى هو فهم الفرق الجوهري بين الحياة واللاحياة بطريقة حسابية. لماذا الانتقال من اللاحياة إلى الحياة صعب جدا، بينما الاتجاه الآخر سهل للغاية؟”

وفي هذا المشروع، كان الهدف من الفريق تطوير تعريف وطريقة حسابية لقياس الحدود بين الحياة والموت على المستوى الخلوي.

واقترح فريق “هيميوكا” تعريفاً بطريقة حسابية يعتمد على التحكم في حالات الخلايا من خلال تعديل أنشطة الإنزيمات داخل الخلايا، ويُعرّفون “الحالات الميتة” على أنها التي لا يمكن للخلية أن تعود منها إلى حالة “حية” واضحة، بغض النظر عن تعديل أي من العمليات البيوكيميائية.

وباستخدام هذا المفهوم، تَمكَّن الفريق من تطوير طريقة حسابية لقياس حدود الحياة والموت، أطلقوا عليها “الأشعة المتكافئة.”

وقدّم الباحثون المفهوم الجديد لمعرفة الحدود بين الحياة والموت على المستوى الخلوي باستخدام أدوات حسابية وبيوكيميائية يعتمد على فهم ديناميكية التفاعلات البيوكيميائية داخل الخلايا، وكيفية تغيُّرها عند الانتقال من حالة “حية” إلى حالة “ميتة.”

ويأمل الباحثون أن تكون الدراسة خطوة أولى نحو فهم أعمق وأكثر دقة للحدود الفاصلة بين الحياة والموت.

وبفضل الأدوات الحسابية الجديدة، يمكن أن تصبح دراسة عمليات الموت الخلوي أكثر دقة، مما يمهد الطريق لاكتشافات جديدة في البيولوجيا والطب على حد سواء.

ويمكن استخدام ذلك التعريف لقياس ومقارنة حالات الخلايا المختلفة بشكل موضوعي في تجارب متعددة، إذ سيمكّن العلماء في مختلف أنحاء العالم من استخدام الأدوات والمفاهيم نفسها للوصول إلى استنتاجات مشابهة.

ويمكن للباحثين التنبؤ بكيفية تطور حالة الخلية بناء على الظروف البيئية والبيوكيميائية.

ويمكن أن يكون هذا مفيدا في الأبحاث التي تهدف إلى التحكم في موت الخلايا، أو حتى عكسه.