منوعات

الإثنين - 10 أبريل 2023 - الساعة 04:15 ص بتوقيت اليمن ،،،

العرب


فتح الداعية السعودي وإمام مسجد قباء سابقا بالمدينة المنورة صالح المغامسي باب الجدل مجددا حول تجديد الخطاب الديني ومراجعة الفقه الإسلامي، بالمطالبة بإنشاء مذهب فقهي جديد، ما أثار عاصفة من الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال المغامسي في مقابلة على التلفزيون السعودي “أرجو من الله أن ينشئ على يدي مذهبا إسلاميا جديدا”، مضيفا أن “المراجعة لما قد سلف أمر لا بد منه، ولا مناص منه”. وأشار الداعية إلى أن السند طغى على الأحاديث المنتشرة مما أضر بالناس “فدخلت أحاديث آحاد، من الصعب نسبتها إلى النبي”.

وبعد حديثه عن أن القرآن فقط هو الكتاب غير القابل للمراجعة، قال المغامسي “هم يستكثرون عليك مراجعة الفقه الإسلامي، فيما النبي عليه السلام كان يراجع، وتراجعه زوجاته”.

وانقسم الناشطون على مواقع التواصل إلى قسمين متضادين بشأن ما أدلى به المغامسي، الذي تعرض لهجمة شرسة من قبل البعض الذين اتهموه بالجهل وعدم المعرفة بالدين.

ومن المعلقين من رأى أن المغامسي بالغ كثيرا في دعوته إلى إنشاء مذهب آخر. حتى أن البعض اعتبر ذلك “تحريفا لأصول الفقه وخروجا عن السنة”.

وعلقت ناشطة: "فاهمين الاسلام ترندات ؟؟؟؟ الاسلام واحد دين نبيع محمد و كتابه القرآن، غير كذا كله دجل وكذب و ابتداع، من زمان وانا اقول المغامسي عنده حاجه مو عاجبتني".

من جانبه، علق الأكاديمي السعودي تركي الحمد، قائلا إن المسلمين ليسوا بحاجة إلى مذاهب فقهية جديدة، وقال تركي الحمد في سلسلة تغريدات على تويتر:" لا أظن، بل أجزم، أن المسلمين اليوم ليسوا بحاجة إلى مذاهب فقهية جديدة بقدر حاجتهم إلى نقد ما هو موجود من تراكم تراثي عبر العصور، كان معبرا عن حاجات المجتمعات أيامها، ولكنه أصبح عبئا على المسلمين في العصور اللاحقة في الكثير من جوانبه.نقد يعتمد على المناهج الحديثة في البحث العلمي.. ".

وأضاف “لسنا بحاجة اليوم إلى زيادة الحمولة التراثية للدين، بقدر حاجتنا إلى التقليل منها، بل والتخلص من معظمها، التي تناقش أمورا لم يعد لها وجود. أما حاجة المسلم المعاصر للتنظيم والتشريعات الجديدة، التي تواكب المشكلات الجديدة، فالقانون وسلطات الدولة المعاصرة، كفيلة بتحقيق، دون الحاجة إلى فقهاء دين جدد، يسهمون في زيادة ترهل جسد الشريعة بما ليس منها، بفقههم واجتهاداتهم البشرية المحضة”.

وقال المغامسي في لقائه على التلفزيون السعودي إنه “في كل مرحلة من مراحل البناء الفقهي يطغى شيء جديد. لذا لا بد في هذا الزمن عن تحرير المسائل”. وتساءل “البعض يستكثر عليك أن تراجع الفقه الإسلامي فإذا اعترفتم أن أصحاب المذاهب بشر ما الذي يمنع من المراجعة؟”.

ويأتي حديث المغامسي في إطار معركة محتدمة منذ سنوات طويلة بشأن تجديد الخطاب الديني، ومسألة أن الأمة الإسلامية بحاجة إلى تجديد وتطوير في المضمون وفي الخطاب الديني، والعلوم الشرعية تحتاج إلى كثير من المراجعات.

ويطالب الكثيرون بتجديد الخطاب الديني ليناسب العصر الذي يعيش فيه الناس، ولمواجهة التحديات التي تعترض المسلمين، لكن هذه المطالبات تصطدم بتعنت كبير من قبل المتشددين الرافضين لأي نقاش ديني منفتح على العصر.

ولا ينفي هذا أن الكثير من المعلقين رحبوا بفكرة المغامسي، وتوافقوا على أن تجديد الخطاب الديني عامل رئيسي في إصلاح الواقع في العالم العربي.

وعلق الناقد عبدالله الغذامي:"لكم أن تقولوا عن الشيخ المغامسي ما شئتم، ولكن له علي حق الشهادة، لقد درس عندي في الماجستير ( نظرية الأدب )، وكان على درجة لافتة في قاعة الحوار عن النظريات والمفاهيم الدقيقة، وحضوره كان حيوياً ومحفزاً
نعم فكرة المذهب الفقهي الجديد قوية، لكن مؤهلات المغامسي أيضاً متينةٌ وعقليته…".

وكتب ناشط: "استنكرنا على المغامسي عندما اراد ان ياتي بمذهب جديد واتهمناه بكل المؤبقات ،لماذا لم يستنكر اهل العلم على احمد بن حنبل والشافعي والمالكي والحنفي عندما جاء كلا منهم بمذهب بعد رسول الله وصحابته ، دعو العلماء الربانيون يردون عليه وليس من لايفرق بين الفاتحه والتشهد يرد عليه ويتهمه…".

وأكد آخر على أهمية البحث والتقصي قبل إطلاق الأحكام:"اللّي يبحث و يقرأ في التاريخ الاسلامي والفقهي السابق والمعاصر و يتعمّق فيها بيعرف ان كلام الشيخ صالح مضبوط و صحيح، واسأل الله ان يوفقه هو وأمثاله لمثل هذا العمل العظيم اللّي أرى ان الأُمّة تحتاجه".

والمغامسي واحد من كبار رجال الدين المعروفين في السعودية وقد تقلد سابقا العديد من المناصب الهامة في الدولة.

كما شغل لسنوات عديدة وظيفة إمام وخطيب مسجد قباء بالمدينة المنورة، وهو أول مسجد بُني في الإسلام. إلا أن السلطات السعودية أقالته من إمامة المسجد عام 2020 بسبب تغريدة اعتذر عنها لاحقا ووصفها بغير الموفقة.

وفي مقابلته الأخيرة مع القناة السعودية، تطرق المغامسي إلى تفاصيل إعفائه من إمامة مسجد القباء، فأشار إلى أن “قرار إقالته جاء من قبل فرع وزارة الشؤون الإسلامية بالمدينة المنورة، وليس من قبل الديوان الملكي”. واتهم الداعية الشهير البعض بنشر مغالطات حول إعفائه من إمامة المسجد.

ووجه انتقاداته بالأساس لمن سماهم بـ”المتربصين من الإخوان المسلمين، والسلفيين المنتفعين والسروريين، في إشارة إلى التيار السروري الذي يوصف بأنه “أكثر التيارات الإسلامية تطرفا”.

وتناول الجدل حول تصريحات المغامسي الحديث عن الدور الذي تلعبه الحكومات والتيارات الدينية في تشكيل الموقف الشعبي من المورث الفقهي.

وعلق أحدهم:"شجاعة أحببتها من الشيخ المغامسي وأرجو أن ينجز ما بدأه خصوصًا في حاجة الأمة لمراجعة الموروث وتنقيحة بعد أن دس فيه المستشرقون ما دسوا، ومافيه من الإسرائيليات والأحاديث الضعيفة والتي لايقبلها العقل ! ولا داع لما أثار حفيظة المعترضين من أنه يريد مذهبًا خاصًا ( للإمام المغامسي ) ".

ومن المعلقين من اعتبر أن تصريحات “المغامسي تأتي في إطار إستراتيجية لإعادة التموقع والتقرب من السلطة”.

وأشاد البعض بجرأة المغامسي في طرح هذا الموضوع الذي أصبح ملحا، ويؤيده فيه الكثير من الكتاب والمفكرين، فهي مهمة لا تنحصر في رجال الدين المستنيرين، بل يجب أن تكون من أولى مهام المفكرين العرب والمثقفين ومنظمات حقوق الإنسان، انطلاقا من النظر إلى الإنسان باعتباره قيمة مركزية عليا، ومن أهمية تحكيم العقل في كل شؤون الحياة.

ويؤكد متابعون أن تجديد الخطاب الديني لن يؤتي ثماره المرجوة بدون إصلاح ثقافي مجتمعي ينطلق من الإيمان بحقوق البشر في الحوار والمساءلة، وهو ما يعني خلق حالة فكرية اجتماعية سياسية شاملة.

وأجمعت آراء مفكرين وأكاديميين أنه ليس كل خطاب ديني على مستوى واحد من الانضباط بالأصول المنهجية وعلى مستوى واحد من الكفاءة والجودة. فهناك من اتسَمَ خطابهم بالخرافة، والأحاديث الموضوعة، والقصص الغريبة، يريدون بذلك استثارة حماس الناس والصعود على أكتاف عواطفهم. وهناك من يغلب على خطابهم الاهتمام بالجزئيات الصغيرة، ما دعا كثيرا من الناس إلى اتهام الخطاب الديني بأنه لا يحقق طموحاتهم، ولا يستجيب لمطالب العصر.