أخبار وتقارير

الإثنين - 14 أبريل 2025 - الساعة 01:48 ص بتوقيت اليمن ،،،

جمال حيدرة


بالأمس نشرت تغريدة مفادها أن النحلة تموت حينما تقرر الدفاع عن عسلها.

والنحالون يعرفون هذه الحقيقة، فالنحلة كائن صبور ويتميز بالدأب والعمل دون كلل أو ملل، فضلا عن اتسام حياته بالتخطيط والعبقرية، لكن المشكلة الوحيدة أن النحلة تموت حينما تلسع، وهذه المعضلة تضعها بين خيارين قاسيين، فأما أن تتخلى عن عسلها وتعيش أو أنها تدافع عنه وتموت!

وحينما شبهت المجتمع الحضرمي بالنحل فهذا ميزة وليست نقيصة، وعليه أن يتحلى بالصبر والعبقرية ويوازن بين مصالحه والمخاطر التي تحيط به.

وبلغة أكثر واقعية علينا أن نفترض أن المجتمع الحضرمي استطاع أن ينتزع حقوقه، وحقق أهدافه في حكم ذاتي، وخرجت الشرعية بكل مكوناتها من حضرموت الساحل والوادي، ورأينا فجأة حضرموت هناك في الصحراء لا شمالية ولا جنوبية، ونحن نعلم الامتداد الجغرافي الشاسع على حوالي ٢٠٠ الف كيلو متر مربع بما يتجاوز ثلث المساحة الإجمالية لليمن، على أن السؤال الأهم ماذا بعد هذه الخطوة؟

هل تستطيع حضرموت أن توقف حملات الحوثيين باتجاه مصادر النفط، وهل ستكون في أمان من القاعدة وداعش، وهل يمكن التعويل على السعودية في مواجهة هذه التحديات؟

نتساءل ليس من منطلق التخويف أو ثني الحضارم عن أهدافهم لكن من منطلق واقع عسكري حضرمي هش، بل غير موجود أصلا، وحتى الغطاء العسكري الذي وفره التحالف العربي في وقت سابق غير حاضر اليوم، وما تزال حقول النفط تحت مرمى نيران الصواريخ والمسيرات الحوثية إلى هذه اللحظة.

عسكريا تتوزع حضرموت على منطقتين عسكريتين، المنطقة العسكرية الأولى في وادي حضرموت، والثانية في الساحل، وكلاهما تمثلان الشرعية بتحالفاتها الحالية، ويكاد يكون الحضور الحضرمي فيهما صفرا، وفي حال انسحبت تلك القوات ستخلف وراءها فراغا عسكريا كبيرا يمكن أن يذهب بالاستحقاقات الحضرمية في مهب الريح.

ما هو الحل إذن في ظل هذا الواقع المعقد، وهل يعني أن يستمر الحضارم في معاناة لا نهائية، ولديهم من الثروة ما ينعش حياتهم ويصنع تنمية ورخاءا وعيشا كريما، والإجابة بيد الحضارم انفسهم على أن المراقب الخارجي حالي يرى أن لا حل يمكن أن يكون ناجعا إلا بتسوية سياسية شاملة تتحدد ملفاتها بعد معرفة مصير الحوثيين في الشمال، وعلى ما سيكون عليه الجنوب حين ذاك.

وإلى أن يأتي هذا اليوم يمكن أن يسير الحضارم على طريق آمن باتجاه حلول ومعالجات عاجلة تضمن بقائهم في منطقة مستقرة، وذلك من خلال تحقيق الحكم المحلي كامل الصلاحية، ورفع حصتهم من النفط إلى ٥٠٪؜ والضغط على مطلب إعادة الانتاج والتصدير النفطي، وإيجاد سلطة محلية رشيدة تستطيع أن تعكس الإيرادات المحلية والمركزية على الخدمات والمشاريع التنموية والرعاية الصحية والتعليمية، وتوفير فرص العمل، وهناك عوامل كثيرة ستساهم في النجاح أهمها أن حضرموت لم تتأثر بالحرب ولا تحتاج لإعادة إعمار مقارنة بمحافظات أخرى لم يبق فيها أي شيء من المؤسسات والمرافق والبنية التحتية، فضلا عن أن المجتمع الحضرمي واعي وعقلاني وحكيم، ويحترم النظام والقانون.

فهل تستطيع حضرموت أن توازن بين المصالح والمخاطر؟