أخبار وتقارير

الأحد - 13 أبريل 2025 - الساعة 11:09 م بتوقيت اليمن ،،،

كتب الصحفي/ علي العقبي


في موقف سياسي ودبلوماسي مؤسف وجدت الحكومة الشرعية نفسها خلال اليومين الماضيين في مأزق لا يعرف إن كان فضيحة دبلوماسية أم نتيجة لسوء إدارة الملف الخارجي.

كشفت وزارة الخارجية العراقية في خبر نشره موقعها عن لقاء جمع وزير الخارجية اليمني شائع الزنداني، بنظيره العراقي فؤاد حسين، على هامش منتدى أنطاليا الدبلوماسي.

اللقاء، وفقًا للخبر المعزز بالصور تم بطلب من الوزير اليمني وتضمن تقديم توضيحات و"اعتذار" عن تصريحات أدلى بها زميله في الحكومة وزير الإعلام معمر الإرياني، بشأن تحرك المليشيا الحوثية الإرهابية في العراق.

الوزير الزنداني، بحسب بيان الخارجية العراقية اعتبر تصريحات زميله الإرياني، بشأن توسع نشاط الميليشيا الحوثية في العراق "مزاعم غير دقيقة"، زاعمًا أنها لا تعبر عن موقف الحكومة اليمنية ولا رئاسة الجمهورية، وأنها "تصريحات شخصية".

هذا الموقف بحد ذاته ليس فقط فضيحة دبلوماسية بل يمثل تبني واضح لرواية أدوات إيران في المنطقة، والصياغة التي نشرتها وزارة الخارجية العراقية حملت إهانة واضحة لوزير الخارجية اليمني وللحكومة اليمنية بأكملها.

إن تغول المليشيا الحوثية وتواجدها المريب في العراق ولبنان لم يعد سراً، وهناك تقارير صحفية وأمنية عديدة توثق هذا التحرك الخطير، وحتى حكومات تلك الدول تقر بهذا الأمر.

فهل أصبحت الدبلوماسية اليمنية بقيادة الوزير الزنداني، مضلة لهذه الأنشطة الإرهابية الخطيرة، وأداة شخصية للمجاملات السياسية؟ وهل بات صوت الحكومة الشرعية في الخارج امتداد للأذرع الناعمة التي تغطي تحركات المشروع الإيراني في المنطقة؟

الإرياني لم يخرج عن واجبه وخطابه كوزير في حكومة تخوض حربًا ضد ميليشيا مسلحة مدعومة من طهران، بل عبر عن قلق حقيقي مشروع بلغة دبلوماسية تجاه تنامي النشاط الحوثي في العراق ولم يسيء إلى العراق وحكومتها، وإنما عبّر عن صوت اليمنيين وإدانتهم لتوسع نشاط الحوثيين واستقبالهم من قبل فصائل عراقية مسلّحة تابعة لإيران.
مع العلم أن العناصر الحوثية تتحرك في العراق بحرّية وبرعاية الحكومة العراقية نفسها. كما أن تقارير صحفية، كشفت عن سقوط قتلى من عناصر مليشيا الحوثي في معسكرات تابعة لهذه الفصائل تعرضت لقصف أمريكي.

فلماذا أقدم وزير الخارجية على هذه القرار ؟ ولمصلحة من يقدم صورة مهزوزة للحكومة اليمنية وكأنها بلا موقف من أدوات إيران، وكأننا لسنا في حرب ونعاني على كل المستويات من خطر أدوات إيران ومشروعهم التخريبي؟

وهل يدرك الوزير الناعم أن مثل هذا المواقف يمثّل غطاءً وتبريرًا واضحًا للتوسع الإيراني في المنطقة ويضعف الجهود الدولية لمواجهتها؟. مع العلم أن هذا الموقف ليس الأول للوزير الزنداني، فقد سبق وأدلى بتصريحات ناعمة تجاه المليشيا الحوثية في حين كانت الحكومة والشعب اليمني يخوضون ذروة الحرب ضد الجماعة.

ما قام به الوزير الزنداني لا يعبر عن حكومة تخوض معركة مصيرية، ويكشف عن مسؤول يعيش خارج سياق المرحلة. وكان الأجدر به أن يوضح لنظيره العراقي أن تصريحات زميله تهدف إلى تحذير صادق من خطر ميليشيا عابرة للحدود تهدد أمن الإقليم بأكمله.

يواصل الوزير الزنداني بكل أسف قيادة الخارجية بانحدار في الموقف الدبلوماسي للحكومة ويمثل نموذج لمسؤول لا يدرك طبيعة المعركة في المرحلة الصعبة التي تتطلب من الشرعية تحرك فعال لحشد الجهود الدولية والعربية ضد التمدد الإيراني.

يصر الزنداني على نزع سلاح الموقف السياسي للحكومة بتصريحات متخاذلة وأداء ضعيف لم يعود بأي ثمار للحكومة الشرعية منذ توليه الوزارة.

والأغرب من هذا، هو صمت معالي وزير خارجية عن التحركات والزيارات الخطيرة بين أدوات محور إيران وتنقلهم بأريحية إلى العاصمة صنعاء المختطفة، بما فيها زيارة رئيس الوزراء العراقي الأسبق عادل عبد المهدي إلى صنعاء، والذي يعرف بقربه من النظام الإيراني.

ناهيك عن توافد الخبراء الإيرانيين والعراقيين إلى معاقل الحوثيين بطريقه غير شرعية. لماذا هذه التحركات لا تثير استياءه كما فعلت تصريحات زميله في الحكومة؟.

يأتي هذا المواقف الخاطئ للزنداني، والتطبيع مع العدو قبل أن يجف حبر مقابلته الصحفية المخيبة للآمال مع صحيفة عمانية في يناير الماضي، والتي وصف فيها الحوثيين بأنهم مكون سياسي، مؤكدًا أنه لا مانع من مشاركتهم في الحكم.

معتبرًا أن ما يحدث في اليمن أزمة سياسية، متجاهلًا طبيعة المليشيا الحوثية ومشروعها العنصري المعزز بخرافة التأييد الإلهي.

من المؤسف، أن نضطر للحديث عن تجاوزات وزير الخارجية الذي يفترض أنه قائد معركة اليمنيين حول العالم يوضح طبيعة المليشيا وموقف اليمنيين منها ويحشد الدعم الدولي لإنهاء الحرب وإحلال السلام بعيدًا عن الإرهاب والعنصرية.

وكل هذه المواقف تعبر عن وجود اختلال في الرؤية لدى رأس الدبلوماسية، وتؤكد الفشل في التعبير عن موقف الشرعية المفترض في المحافل الدولية وكأننا لا نعيش حربا فرضتها الميليشيا بقوة السلاح وبدعم إيراني منذ أكثر من عقد.

إن تهاون بعض مسؤولي الحكومة في مواجهة المشروع الحوثي الإيراني وعدم بناء موقف رسمي موحد وتحقيق التنسيق بين الخطاب السياسي والإعلامي والدبلوماسي يظهر تناقضات تضر بموقف الشرعية أمام المجتمع الدولي، وتمثل خيانة لتضحيات الشعب اليمني وللقضية التي يناضل من أجلها أبناؤه وجيشه ومقاومته الباسلة.

كما أن هذه المواقف تضعف مصداقية الحكومة اليمنية في المحافل الدولية وتجعلها تبدو وكأنها بلا رؤية واضحة تجاه التهديد الإيراني وأدواته
هذه التصريحات وغيرها تكشف أن وزير الخارجية يعاني من انفصال تام عن الواقع السياسي والعسكري في البلاد، وعن رؤية الشرعية التي يفترض أنه يمثلها.

وللأسف فإن هذه نتيجة طبيعية لاختيار شخصيات بعيدة عن قلب المعركة الوطنية في مناصب سيادية وحساسة
على مجلس القيادة الرئاسي والحكومة أن تعيد النظر في تمثيلها الدبلوماسي، كون استمرار هذا الأداء الدبلوماسي الضعيف والمتناقض سيفقد الحكومة الشرعية أهم أدواتها في حربها السياسية والدبلوماسية.

وهذا يحتاج لاختيار الكفاءات الوطنية المعبرة عن قضايا اليمنيين ومعركة استعادة الدولة لتحرير اليمن من إرهاب الحوثيين والانتصار في جبهة الشرعية.