الجمعة - 07 أكتوبر 2022 - الساعة 03:17 ص
كان هذا في العام 2015م، حينما كانت حرب التحالف الانقلابي على شرعية الرئيس هادي في أوجها، وكانت عدن والمحافظات المجاورة لها، تئن تحت نيران قصف القوات الانقلابية.
كنا في ضيافة بعض الشباب الكرماء من أبنا اليزيدي المقيمين مدينة الرياض ، وكان من بين الحاضرين أحد كبار القادة في التجمع اليمني للإصلاح من أبناء حضرموت مع عدد من نشطاء ثورة الحراك الجنوبي السلمية ورجال المقاومة الجنوبية.
في اللقاء دار حديثٌ طويلٌ ومتشعبٌ عن الأزمة والحرب وثنائية (الشرعية-الانقلاب) وكان من الطبيعي أن تكون القضية الجنوبية في قلب الحدث والحديث.
وأتذكر من بين ما قلته إنني أشفق على الإخوة الإصلاحيين الجنوبيين الذين ما يزالون يدافعون عن "الوحدة اليمنية" وذكرت فيمن ذكرت اسم الأخ القيادي الإصلاحي وآخرين،
لكن رده على حديثي كان بنفي أنه من المدافعين عن " الوحدة " وعندما سأله أحد الحاضرين عن موقف الإخوة الإصلاحيين أبنا حضرموت من قضية استعادة الدولة الجنوبية قال حرفيا ما يلي: نحن موقفنا واضح، "إن آلت الأمور إلى دول فحضرموت دولة، وإن آلت إلى أقاليم فحضرموت إقليم في إطار الدولة الاتحادية اليمنية".
تذكرت هذا الحدث عندما قرأت نفس الحديث ونفس المضمون وعلى لسان نفس القيادي الإصلاحي المقيم في إسطنبول، يوم أمس الأول حينما نشر عبر صفحته على فيس بوك:
" لن نقبل التبعية والعنصرية والظلم والفساد.
إذا كان العمل على عدة أقاليم بحسب مخرجات الحوار فحضرموت إقليم عاصمته المكلا، وهذا مانراه عادلاً للجميع.
وإذا إقليمين فحضرموت إقليم ثالث
وإذا دولتين فحضرموت دولة ثالثة".
نحن هنا لا نناقش صاحب المنشور كفرد أو كمواطن من أبناء حضرموت بل إننا نناقش ما يقول به كتعبير عن موقف حزبي وسياسي لأحد الأحزاب التي كانت صاحبة الصوت الأعلى في حرب 1994م على الجنوب والذي أفتى قادته بجواز قتل النساء والأطفال والعجزة الجنوبيين حتى لا ينتصر "الكفار الجنوبيون" على "المسلمين الشماليين".
الأمر لا يحتاج إلى كثير من النقاش والتحليل والأخذ والرد، فرائحة التخبط والتناقض واللامنطق والحزبية المقيتة (وليس كل حزبية مقيتة) تفوح من بين الكلمات القليلة التي لخص بها صاحب المنشور رؤيته وهي رؤية حزب صاحب الفتوى وصاحب الدور الابرز في حرب الغزو تلك والدور الأبرز في الهروب حينما آن الأوان للدفاع عن الجنوب في العام ٢٠١٥م.
ليته قال لنا ما هي العنصرية والتبعية والظلم والفساد التي يرفضها أخونا هو وحزبه؟
لن نخوض طويلا في مناقشة هذا النص القصير المحشو بما يبعث عشرات الأسئلة لكننا نشير الى الحقيقة التالية:
إن أخانا وحزبه صاحب الفتوى الشهيرة يريان أن بقاء حضرموت (وهو يضيف من عنده شبوة والمهرة وسقطرى) جزءً من دولة 1994م أمرا " عادلا للجميع" أما تحررها من التبعية للهضبة ومحو آثار حرب 1994م وبقاء حضرموت إقليم في الدولة الجنوبية التي يطالب بها السواد الأعظم من أبناء الجنوب فهو " التبعية والعنصرية والظلم والفساد".
وبعبارة أخرى فإن الإخوان في صحراء ووادي حضرموت والإخوان عموماً يرون أن انتماء حضرموت إلى الدولة الجنوبية الحرة المستقلة تبعية وإقصاء وظلم وفساد، لكنهم مستعدون لقبول التبعية والإقصاء والظلم والفساد إذا كان من يتصدره هم طغاة 1994م
هذا هو الموقف الأوضح للإخوان الجنوبيين، ومن لديه تفسير آخر غير هذا فليقل لنا به.
هذه الضوضاء المتصاعدة هذه الأيام تأتي في ظل تصاعد السخط الجماهيري العارم في وادي وصحراء حضرموت للمطالبة برحيل قوات المنظقة العسكرية الأولى التي لا يصل عدد أبنا حضرموت إلى 5% من قوام وحداتها والبقية هم غزاة 1994م الذين مارسوا ولا يزالون يمارسون أبشع انواع جرائم القمع التنكيل في حق أبناء الوادي والصحراء ومعهما محافظة المهرة.
ويأتي هذا التخبط الإعلامي في أطار حملة متكاملة ومتسقة يقودها الإعلاميون المقيمون في اسطنبول وقنواتهم ووسائلهم الإعلامية ذات السمعة السيئة، والتي تتبنى دعوة لـ"حشد" أبناء حضرموت في فعالية تدافع عن القتلة والمجرمين الذين احتضنوا تنظيم القاعدة وداعش وساهموا في تهريب الأسلحة ومختلف المهربات والممنوعات لأشقائهم الحوثيين في صنعاء.
لم يتعلم هؤلاء من الهزائم التي حصدوها على مدى ٨ سنوات من اختطافهم للشرعية وتماهيهم مع ابجماعات الإرهابية وتسترهم عليها وخدماتهم المجانية لأشقائهم الحوثيين،
بل إنهم ما يزالون يعتقدون أنه ما يزال هناك مغفلين يصدقونهم وسيسيرون وراءهم رغم كل الفضائح والمنكرات التي تفوح روائحها في كل بقعة يمرون بها او يتركونها.
ولله في خلقه شؤون