كتبه تلميذه أ. د. عبدالله عبدالله عمر
أبو بكر حيدرة الروم _ رحمة الله_ تربوي قدير ومربي فاضل وإداري ناجح وموقفه النبيل حين كنتُ طالبًا في ثانوية الفاروق سنة١٩٩٠م و تفرُّسه لما ألقاه اليوم من المجتمع من متاعب وصعاب.
من باب المثل القائل:( أن تأتي متأخّرًا خيرٌ من أن لا تأتي)
لم أعلم بموت أستاذنا مدير ثانوية الفاروق سنة١٩٩٠م أبو بكر حيدرة الروم _ رحمه الله وأجزل له المثوبة_ إلا من ابن الشهيد حامد أخبرني به حين التقيته نظرًا لأنّ جوالي محتجزًا مع النيابة _ ولا زال _، فحزنتُ على ذهاب هامات تربوية فاضلة نفع الله عز وجل بها التربية والتعليم.
أبو بكر حيدرة الروم _ رحمه الله وأجزل له المثوبة_ أحد رجالات الإدارة الناجحين وشخصية اجتماعية تربوية ومربي فاضل، عمل أبو بكر الروم._ رحمه الله وأجزل له المثوبة_ بهدوء من غير ضجيج إعلامي ولا زخم صحفي. ورحل بصمت غفر الله الغفور وأسكنه فسيح جناته.
تقلَّد الروم إدارة ثانوية الفاروق سنة ١٩٩٠م، فكان إداريًا من الطراز الرفيع، ومرريًا فاضلًا، يتمتع أبو بكر ( الروم) _ رحمه الله وأجزل له المثوبة_ بصفات حميدة عالية، ودماثة أخلاق وأدب جم، وقراءة لسلوكيات طلابه ومن يعمل تحت إدارته.
لو كان لي سلطة تعيين مديرًا لمكتب التربية والتعليم لما ترددتُ في تعيينه ودعمه والصدور عن رؤياه وأطروحاته، فالرجل يكتنز عقلًا ناضجًا ورؤي ثاقبة في الإدارة التربوية، و من أمثال الروم _ رحمه الله _ في لحج كثيرون غيّبتهم أوضاع البلاد غير المرضية وأبعدهم عن تقلد الإدارة سوء اختيار من يتقلّد العمل التربوي.
بحثتُ عمن كتب عنه في مواقع التواصل الاجتماعي فلم أظفر إلا بعبارة مقتضبة في منشور على صفحة مركز شباب الحوطة يذكر كاتبه أنّ أستاذنا أبوبكر الروم قد توفاه الله _ عز وجل _.
ويطيب لي وانا بصدد الإشارة إلى أستاذنا المربي الفاضل الروم _ رحمه الله وأجزل له المثوبة_ أن أنقل حادثة تدل على نبل أخلاقه وقعت لي مع أستاذي ووالدي الذي تفرّس لي وأنا ما زلتُ طالبًا في الثانوية أني سوف أتعب كثيرًا في حياتي وأوصاني بالصبر.
قالها لي بوضوح حين كنتُ في مكتبه في ثانوية الفاروق سنة ١٩٩٠م، وانا في الصف الرابع الثانوي وهو يُلقي عليّ نصائحه و توجيهاته التي انتفعت بها كثيرًا ولا زلتُ أعيش ما تفرسه لي وأخبرني به قبل اكثر من ثلاثين سنة.
و القصة تبدأ أنّ إحدى المعلمات واظنها معلمة مادة الأحياء. أخبرتني أنّ مدير الثانوية الروم يريد الجلوس معي في مكتبه حين علم بوجود مضايقات من بعض الطلاب، وأوضحتْ لي أنّه سوف يُخيرني في نقلي إلى شعبة أخرى حفاظًا على مستقبلي.
جاءتني المعلمة واصطحبتني إلى مكتب أبي بكر الروم _ رحمه الله وأجزل له المثوبة_ مدير الثانوية، وأدخلتني مكتبه، بدأ الروم _ رحمه الله _ يُحدِّثني عن ضرورة توجيه اهتمامي إلى الدراسة وعدم التأثُّر بالمضايقات التي كانت تحصل من بعض الطلاب، و وجّه إليَّ نصائح كثيرة نفعني بها الله _عز وجل _ فيما بعد وكان الروم _ رحمه الله وأجزل مثوبته _ حريصًا عليَّ وعلى مستقبلي وان يُوفِّر لي الأجواء المناسبة لإكمال دراستي، و خيَّرني بين البقاء في فصلي أو أنّ لي رغبة في الانتقال، فأخبرته برغبتي بالبقاء مع زملائي ولا توجد منهم أي مضايقة وما يصدر منهم من باب الدعابة والمزاح.
بعد ذلك قال لي كلمته الرائعة وروعتها يكمن في توصيف ما سيحصل لي في حياتي المستقبلية، وأستغربتُ أنّ ما تفضل به الروم _ رحمه الله_ هو أمر مستقبلي فقال لي: " يا عبدالله أنت سوف تتعب في حياتك كثيرًا وستواجه مشاكل كثيرة" فاستغربتُ لكلامه، فبودرتن بالسؤال عن سبب ذلك فرد عليَّ: "لأنّك يا عبدالله صريح و جريء والمجتمع لا يقبل الصراحة"
ثم قال لي في ختام نصائحه: " يا عبدالله إذا واجهت أي مشكلة لا تتردد في المجيء إلى مكتبي، فالذي يهمنا الآن أن تهتم بمستقبلك"، بعدها غادرتُ مكتبه _رحمه الله وأجزل له المثوبة _ و أعادتني معلمة مادة الأحياء إلى الفصل.
أبو بكر الروم _ رحمه الله وأجزل له المثوبة_ رجل هادئ وقور لا تسمع له ضجيجًا إعلاميًا يعمل بتفانٍ وهدوء.
رحمك الله الرحمن الرحيم أستاذنا الروم وأجزل لك ولمثوبة وأسكنك فسيج جناتك و ألهم أهل وذويك وزملائك الصبر والسلوان وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.
والله ولي التوفيق